المسيح لم يقل هذا يمثل جسدي. بل قال "جسدي مأكل حق" فلقد قام المسيح إذًا بعمل معجزي بتحويل الخبز إلى جسده كما حول الماء من قبل إلى خمر. ولكن بقيت الصورة أمام أعيننا صورة خبز وخمر.
في الفصح القديم كان لا بد من أكل اللحم لتكمل ذبيحة الفصح. فهل مجرد رمز للخروف كان يكفى ويفي بالغرض... من المؤكد لا. وراجع (1كو5: 7 - 8؛ 1كو10: 16).
* 1كو5: 7 - 8 المسيح هو الفصح الجديد الذي يقدم ذبيحة.
* 1كو10: 16 الإفخارستيا هي شركة حقيقية في الجسد والدم.
إذًا المسيح قدم نفسه ذبيحة فصح جديدة وعلى المسيحيين أن يكرروا هذه الذبيحة. وذبيحة الفصح تؤكل حقيقة وليس رمزيًا. وقول المسيح هنا "اصنعوا هذا لذكرى" هو تكرار بنفس المعنى لقول الله في العهد القديم "ويكون لكم هذا اليوم تذكارا فتعيدونه عيدا للرب. في أجيالكم تعيدونه فريضة أبدية" (خر12: 14). وكلمة ذكرى هي نفسها كلمة تذكار. فكما كان اليهود يكررون ما حدث ليلة الفصح ويقدمون الخروف ذبيحة ويأكلونه، ولا يكتفون بذبحه، كان المسيح يقصد هذا تمامًا أن نقدم ذبيحة الإفخارستيا ذبيحة عقلية وحية (خروف قائم كأنه مذبوح رؤ5: 6). ونأكل من جسد الرب ونشرب من دمه تحت أعراض الخبز والخمر.
وكما كان اليهودي الذي لا يتمم هذا الطقس تمامًا تقطع تلك النفس (من الله ومن وسط الشعب - وراجع على سبيل المثال عد9: 13). هكذا وبنفس المعنى يقول المسيح "إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه، فليس لكم حياة فيكم" (يو6: 53). وكان طلب الله من اليهود قديمًا أن تكون ذبيحة الفصح أبدية لكنها توقفت سنة 70 م. لكن الذي توقف هو الرمز بعد أن أتى المرموز إليه أي الإفخارستيا التي يجب أن تقدمها الكنيسة حتى نهاية الزمان.
ولاحظ أن المسيح لم يتمم فداءه على الصليب فقط، بل اهتم بأن يأكل تلاميذه من جسده لتكون لهم حياة وقال لذلك أنه اشتهى هذا الفصح "شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم" (لو22: 15). وقطعًا فالمسيح ما كان يشتهى لحم خروف مشوي وهو في قمة حزنه وماضيًا إلى آلام لن نفهم مدى عمقها ورعبها فهي ألام جسدية وهذه أخفها، وألام نفسية حزنا على العالم وخيانة الجميع له وعلى الخطية التي في العالم، وعلى ألام روحية من حمله لكل خطايا العالم وهو القدوس البار الذي بلا خطية، وموته ونلاحظ أن الموت نجاسة، وبحسب الناموس من يتلامس مع ميت يتنجس (راجع لا22: 4 - 6 + عد5: 2، 9: 6 فالخطية = موت) ويظل نجسا حتى المساء حتى يتطهر بالماء، وكان هذا أحد أسباب قول بولس الرسول عن المسيح أن الله "جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه" (2كو5: 21).. أفهل حدث وتطهر نيقوديموس ويوسف الرامي اللذان قاما بتكفينه؟!! بحسب الناموس وهما فريسيَّان، ونيقوديموس كان من السنهدريم، مؤكد أنهما التزما بالناموس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وفوق هذا كله وما لن يمكننا فهمه ولا إدراكه حجب الآب وجهه عنه. وإذًا ماذا كان المسيح يشتهى؟ لا شيء سوى تحقيق الهدف الذي أتى من أجله وهو عودة الحياة للإنسان بعد أن مات بالخطية، وهذا كان ليس بما تممه على الصليب فقط، بل بأن يأكل الفصح مع تلاميذه ويؤسس سر الحياة للكنيسة عروسه لتحيا معه أبديا. هذا هو ما اشتهاه المسيح. وكما سنرى في الباب السادس أن الصليب والعشاء الرباني هما شيء واحد، فالعشاء الرباني أو الفصح الجديد كمل بالصليب.
وفي الباب القادم سنرى أن المسيح لم يقدم نفسه كفصحنا الجديد بل هو المن الجديد النازل من السماء.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jewish-eucharist/symbol.html
تقصير الرابط:
tak.la/6j58ghq