راجع قصة المن في (خر16) وباقي أسفار موسى. وكان المن ينزل من السماء يوميًا حتى دخلوا أرض الميعاد مع يشوع. وهي معجزة بكل المقاييس. أما المتشككين المعاصرين الذين يرفضون المعجزات، فهؤلاء قالوا أنها ظاهرة طبيعية في سيناء حيث تفرز بعض الأشجار مادة لزجة تشبه خواص المن - ولكن هذه الأشجار تفرز هذه المادة لشهور قليلة خلال السنة فقط وبكميات قليلة، ربما كل ما تفرزه أشجار سيناء لا يتعدى نصف طن سنويًّا. أما المن السماوي فكان يوميًا، ويكفى حوالي 3 مليون شخص يوميًّا (الرجال فوق سن العشرين أكثر من 600000 ألف رجل). وانقطع المن بصورة مفاجئة بعد دخولهم الأرض، فلو كان ظاهرة طبيعية فلماذا انقطع فجأة بعد عبورهم نهر الأردن. وكان مهما جمع كل إنسان كثَّر أو قلَّل، يجد أنه جمع مقدار عُمُرْ (مكيال يهودي = لتر تقريبًا). بل كان يصلح لمدة يوم واحد ثم يفسد، أما المن الذي حفظوه في طاس المن ووضعوه داخل تابوت العهد فلم يفسد. وراجع (مز78: 23-25، 29) لترى أن مصدر المن أنه أتى من السماء. وهي معجزة مضاعفة، فالمن كان ينزل من السماء صباحًا، وطيور من السماء ليلًا.
رأى اليهود كل ما على الأرض من مقدسات أن له صورة أصلية في السماء، فهناك هيكل سماوي يقيم الله فيه محاطًا بربوات الملائكة. وضع الله المن فيه. وفهموا أن هناك هيكل سماوي يقيم الله فيه من قول إشعياء النبي "تطلع من السموات وأنظر من مسكن قدسك" (إش63: 15). والهيكل الأرضي هو نوع من الأشياء المرئية كعلامة مادية للهيكل غير المرئي في السماء. وهكذا المن له وجود أصلى في الهيكل الأصلي السمائي.
خلق الله المن قبل سقوط آدم في عشية يوم السبت الذي استراح فيه الله. ولأن الله خلقه قبل سقوط آدم كان المن طاهرًا لم تمسه الخطية. وتقول كتب اليهود ومعلميهم أن الله أيضًا خلق مع المن عصا موسى التي أفرخت ولوحي الوصايا العشر. ولأن المن خُلِق قبل الخطية فالأكل من المن هو عودة للحياة في جنة عدْن.
يشرف الملاك ميخائيل على المن الذي خلقه الله.
هناك طاحونة يطحن فيها الملائكة المن. وكانوا يمطرونه على سيناء لذلك كانوا يسمونه خبز الملائكة.
مع مجيء المسيا سيمطر الله المن ثانية.
المن له مذاق العسل لأنه كان عربونا للأرض التي تفيض لبنًا وعسلًا، فهو تذوق سابق لحلاوة أرض الميعاد. وبعد أن دخلوا للأرض التي تفيض لبنا وعسلا وتذوقوا حلاوتها، أصبح لا معنى للعربون، لذلك توقف.
هو خبز معونة أثناء الرحلة لذلك توقف بعد دخولهم أرض الميعاد.
كان محفوظا في قدسية في وعاء موضوع في تابوت العهد. إذًا هو ليس مجرد خبز بل هو شيء مقدس وطاهر ومخلوق قبل السقوط والتلوث. ولاحظ قول الكتاب أن المن الذي سيحفظ في طاس المن ويوضع في تابوت العهد، كان يحفظ للرؤية "لكي يروا الخبز الذي أطعمتكم في البرية" (خر16: 32). فهو للأكل اليومي وهو لينظروه. (ولاحظ أن المن المحفوظ في تابوت العهد لم يفسد كما كان المن يفسد في اليوم التالي - وألا يشير هذا لنبوة داود "لن تدع قدوسك يرى فسادا". وإذا كان غطاء تابوت العهد يرمز للعرش، فهناك في العرش جسد المسيح الذي قام من الأموات دون فساد، بعد أن رأيناه، ونأكل من جسده كعربون وجودنا في عرشه (رؤ3: 21).
قالوا أيضًا أن المن أبدى.
وحيث أنه موجود في السماء فسيمطره الله مع مجيء المسيا المخلص الجديد كما أمطره من السماء مع موسى المخلص القديم. والمسيا سيبقى معهم على الأرض فترة مؤقتة قبل بدء العالم الآخر خلالها يأتي المن بطريقة معجزية ويأكله الأبرار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وسيرى اليهود أعمالًا معجزية أخرى من المسيا. لذلك كانت معجزة الخمس خبزات إشارة لمعتقداتهم وفهموا أنه المسيا، موسى الثاني وأنه أتى كملك لذلك أرادوا أن يجعلوه ملكًا (يو6: 15)، وسألوه أن ينزل المن من السماء. ولكن ليس لمدة 40 سنة فقط بل دائمًا حسب اعتقادهم اليهودي "أعطنا في كل حين هذا الخبز".
وفي (يو6) بدأ المسيح يشرح أصله السماوي، ثم ربط بين المن والأكل من جسده. وأهمية ذلك ليحيوا أبديًا. وهذا ما نفذه عمليا ليلة خميس العهد. وقال أن جسده مأكل حق ودمه مشرب حق.
وقال المسيح أن من يأكل جسده لن يموت ولكن من أكل من المن ماتوا.
كان المن عند نزوله في سيناء شيء معجزي، لم يرى اليهود شيئًا مثله وتساءلوا "من هو" وقالوا عنه أنه خبز الملائكة. وكان فكر اليهود أيام المسيح أن المن حقيقة سماوية أي موجود في السماء.
واليهود الذين سمعوا المسيح كان لكلامه عن الخبز النازل من السماء صدى من إيمانهم وانتظارهم لهذا الخبز. ومن صدَّق المسيح فَهِم أن الخروج الجديد المنتظر قد بدأ بالمسيح يسوع موسى الثاني.
فهل إذا كان اليهود يفهمون أن المن هو شيء معجزي فهل كانوا يتوقعون من المسيح أن يعطيهم أشياء رمزية. وهل يكون المن الجديد مجرد خبز عادى وخمر عادى. في هذه الحالة يكون المن القديم الذي نزل أيام موسى أعظم من الخبز الذي يعطيه المسيح.
ولم تكن الرموز أبدا أسمى من الحقائق، فهل كان داود الملك، رمز المسيح الملك أعظم من المسيح، وهل كان سليمان الحكيم باني الهيكل أعظم من المسيح حكمة الله ومؤسس هيكل جسده أي الكنيسة. والمسيح نفسه قال "ها هنا أعظم من سليمان". ويونان كان رمزا للمسيح فهل يونان أعظم من المسيح، والمسيح يقول"وهوذا أعظم من يونان ههنا"(لو11: 32). وهكذا وبنفس المنطق لا يمكن للمن الذي كان رمزا للطعام الذي يعطيه المسيح أن يكون أسمى من الطعام الذي يعطيه المسيح.
لو كان المسيح يعتبر أن الإفخارستيا طعام عادى ما كان شبهها بالمن.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jewish-eucharist/manna-jews.html
تقصير الرابط:
tak.la/t3hw8fr