(مت26: 1 - 5 ، 14 - 16 + مر14: 1، 2 ، 10 ، 11 + لو22: 1 - 6)
بنهاية أمثال الرب في (مت25) تنتهى تعاليم الرب وأعماله. وإنتهت بنهاية يوم الثلاثاء أيام عمل مكثف للرب وكان يوم الأربعاء يوم راحة للرب قضاه مع تلاميذه بالقرب من بيت عنيا في هدوء يشرح لهم حقيقة صلبه (مت26: 1). وقطعا كان تلاميذه في حاجة لهذه الجلسة الهادئة ليتهيأوا للأحداث الجسام والتي ستبدأ في الغد، يوم الخميس. وكان الرب يسوع قد أخبر تلاميذه بحقيقة الصلب عقب إعتراف بطرس بأن المسيح هو ابن الله. والمرة الثانية كانت بعد التجلي، والمرة الثالثة كانت قبل دخوله الملوكي إلى أورشليم (مت20: 17 - 19). وبينما كان الرب يخبرهم في المرات السابقة بخبر الصلب على أنه شيء في المستقبل، لكنه الآن يخبرهم بميعاد الصلب. ولنا أن نتصور كيف جلس تلاميذه حوله في حزن واضطراب إذ أخبرهم بأنه سيسلم ويصلب في الفصح بعد يومين، فهم أحبوه حقيقة ما عدا واحدا منهم كان قلبه قد إمتلأ بالظلمة. فحين خرجت محبة يسوع من قلب يهوذا دخله الشيطان.
كان يهوذا التلميذ الوحيد الذي من اليهودية، أما الباقون فكانوا من الجليل. وكان لكفاءته المالية والإدارية قد أعطاه السيد أمانة الصندوق (كانت كفاءته هذه هي وزنته) ولكنه تحول إلى لص وخائن. وهناك سؤال: لماذا ترك السيد الصندوق معه بعد أن إكتشف أنه يسرق؟ هو لم يكن هكذا أولًا لكنه مع الوقت ومع اليأس من إشهار المسيح نفسه كملك فيحصل هو على منصب كبير، بدأ في إستغلال القليل الذي في الصندوق. وربما بدأ اليأس يزداد في قلبه من حصوله على نصيب كبير بعد ملك المسيا بعد سماع طلب أم إبنيّ زبدى بمراكز كبيرة لإبنيها، وطلب بطرس نصيبه الذي سيحصل عليه إذ ترك كل شيء. لقد إختاره الرب لكفاءته، وتركه بعد أن علم بالسرقة أولًا لرحمته وطول أناته، وثانيًا حتى لا يدفعه لليأس والعزلة وقد يدفعه هذا للإرتداد عن المسيح فيخسر المسيح هذه النفس. إذًا بداية مشكلة يهوذا كانت فساد داخلى والرب أعطى له فرصة للتوبة ولكن الفساد ظل ينمو داخليا حتى وصل للسقوط المروع. وزنته أو موهبته كان من الممكن أن يمجد بها الله لكنه إنحرف داخليا بسبب المال فكانت موهبته سبب هلاكه. إلتحق يهوذا بالمسيح في بداية تجمع التلاميذ حول المسيح وكله أمل في منصب مغرى له ماديا. وأعجب بتعاليم الرب ومعجزاته وسلطانه على الأرواح النجسة، بل صار له هو أيضًا سلطان على الأرواح النجسة مع بقية التلاميذ. ورأى خضوع المعمدان له وسمع شهادة المعمدان عنه. ولكن مع الوقت بدأ اليأس والإحباط يدب في قلبه، فقد إستشهد يوحنا ولم ينتقم له المسيح، بل أن المسيح إنسحب من المكان. ثم رفض المسيح الملك إذ طلب الشعب أن يملكوه. ثم يطلب الفريسيين منه آية من السماء لإثبات أنه المسيا فيرفض. ويطلب إخوته منه النزول إلى أورشليم ليظهر نفسه فيرفض. ثم إصراره على أنه سَيُصْلَب ويموت. وكان كل هذا ضد طموحاته التي جعلته يسير وراء المسيح. وربما بدأ الشك يملأ قلبه وخميرة الفريسيين تنمو داخله ويصدق أن المسيح يعمل معجزاته بواسطة بعلزبول. ومع أنه قد إتضح للكثيرين أن مملكة المسيح هي مملكة روحية تصادم هذا مع أحلام يهوذا في مملكة مادية وسلطان ومكاسب مادية. وربما دخله الإحباط عندما لم يصعد إلى جبل التجلى وفشله مع بقية التلاميذ في شفاء الولد المجنون. وهنا نجد أن الإحباط داخله إزداد وتحول لكراهية للمسيح.
وهكذا كل منا معرض لتلك التجربة حينما لا يسمح الله بتحقيق أحلامنا المادية
فيقودنا الإحباط إلى ظلمة القلب.
وربما مع تأكيد المسيح المتكرر بأنه سَيُصْلَب قال يهوذا فلأخرج بأي مكسب وَتَوَجَّه لرؤساء الكهنة، وكانوا مجتمعين يدبرون المؤامرة لقتل المسيح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وتكون الإجتماع من قيافا ورؤساء الكهنة والسنهدريم والرؤساء. وكان هؤلاء هم حلقة الوصل بين الشعب وبين السلطات الرومانية. وهذا المجمع كان يجتمع في حالة الجرائم السياسية مثل هذه التي يريدون إلصاقها بالمسيح، وليس في القضايا الصغيرة. وباع يهوذا نفسه وقال لهم "ماذا تريدون أن تعطونى". وباع سيده في مقابل 30 من الفضة وهى ثمن العبد، فالمسيح صار عبدا لفدائنا. وأخذوا الثلاثين فضة من نقود الهيكل المخصصة لشراء الذبائح العامة في المواسم والتقدمات اليومية النهارية والليلية. وهكذا صار المسيح ذبيحة لأجلنا. ويا لبؤس يهوذا الذي في ضيقته لم يجد أحدا بجانبه فهو ترك المسيح ولم يقف بجانبه رؤساء الكهنة ولا أحد، ولم تنفعه الفضة بل رماها وذهب لمصيره المشئوم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/holy-week-day-4.html
تقصير الرابط:
tak.la/8mzq392