الخادم يمثل المسيح أمام المخدومين ويحمل فكره ويتكلم بكلامه وينشر رسالته
وتعاليمه.. وهكذا يرى المخدومين الخادم أنه في درجة من الكمال.. وقد لا يستوعبون
أنه شخص تحت الآلام مثلهم.. وكثرًا ما نجد الخادم قد يُسر بهذه الصورة ويرسخها في
أذهان المخدومين.. بينما الحقيقة مختلفة تمامًا..
فتجد الخارج غير الداخل والكلام غير الأفعال والمظهر غير الجوهر.. مما يجعل الخادم
يحيا في ازدواجية تجعله غريبًا عن نفسه..
وأخطر ما في الأمر هو تباعد المسافة بين ما يقول وما يفعل.. إلى أن يصل إلى درجة الازدواجية المريضة..
وهنا نجد أنفسنا أمام موقف من الكتاب المقدس يوضح لنا كيف يكون الإنسان مزدوجًا.. حين تقدم أبونا يعقوب إلى أبيه إسحق لنوال البركة عوض عيسو البكر.
قال إسحق ليعقوب تقدم لأجسك يا ابني أأنت هو ابني عيسو أم لا؟؟ فتقدم يعقوب إلى إسحق أبيه فجسه وقال الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو:
"وَلَمْ يَعْرِفْهُ لأَنَّ يَدَيْهِ كَانَتَا مُشْعِرَتَيْنِ كَيَدَيْ عِيسُو
أَخِيهِ، فَبَارَكَهُ. وَقَالَ: «هَلْ أَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو؟» فَقَالَ: «أَنَا
هُوَ»" (تك27: 22).
كثيرًا ما يوجد داخلنا هذا التناقض.. الصوت صوت يعقوب.. واليدين (التي تشير إلى
الأعمال) يدين عيسو وتجتهد النفس في تزييف حقيقتها لتأخذ ما ليس لها.. وتدقق وتجتهد
لتلبس الثياب وتأخذ الشكل بل والرائحة.. وتمتد إلى ما هو أكثر وأعقد من ذلك وهو
تغطية الجلد.. حتى يحصل على ضمان اقتناء الشخصية المرغوبة.. ويتحمل المخاطر ويستمر
في الخداع حتى وإن ظهر الشك في أمره ولكنه يؤكد.. أنا هو..
ما أخطر خداع النفس وما أسوأ النتائج.. حيث يتوقع المخدوم من الخادم كمالات لا
يجدها بل والأكثر حين تظهر أمور عكس ما يظهر أو يعلم..
← اقرأ كتب أخرى لنفس المؤلف هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت.
لقد مدح السيد المسيح:
"وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ" (مت 5: 19).
.. بل وقد وجدنا في شخصه القدوس المبارك تحقيقًا وتطبيقًا واضحًا لكل ما علم به.. فلم نجده يتكلم عن المتكأ الأخير بينما يتنافس على المتكآت الأولى ولم نجده يحدثنا أن بيعوا أمتعتكم وأعطوا صدقة.. بينما يسكن هو في القصور الفارهة.. ولم نجده يتكلم عن ضرورة حمل الصليب بينما يهرب هو من حمله.. بل على العكس نجده فعل أكثر مما تكلم به لدرجة عجز الكلمات عن التعبير..
أعظم عمل للخادم هو التأثير.. والعين أكثر تفاعلًا من الأذن.. فنحن لا نحتاج إلى كلمات بقدر ما نحتاج إلى أفعال.. ولا نحتاج إلى خدام بل نحتاج إلى نماذج.. ومن المعروف أن أي تعليم يستمد قوته من قائله.. فالذي جعل القديس تيموثاؤس الرسول يتبع معلمنا بولس الرسول ليس فقط تعليمه بل سيرته وقصده وإيمانه وأناته ومحبته وصبره (2تي 3: 10) التي رآها وتلامس معها بشكل عملي.
ليت نفوسنا تتوحد في خوف الله.. ونقدم صورة للمسيح الذي يحيا في داخلنا.. ولا ننجذب لغيره ولا نتبع غيره.. فنقدم صورته وكلامه وحياته لأولاده.. فيجذبهم فيجروا ورائه..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fahmy/servant/duplicity.html
تقصير الرابط:
tak.la/a38w3yw