كثيرًا ما يعتبر المخدوم أن الموضوعات التي يقدمها الخادم لا تمسه شخصيًا ولا تخاطب احتياجاته الفعلية.. ولذلك ربما لا يعيرها تركيزًا أو اهتمامًا.. وعلى الجانب الآخر قد يرى الخادم أنه قدم للمخدوم كل ما يحتاج من خلال المنهج والموضوعات المتنوعة التي تقدم على مدار أعوام سابقة..
وعلى الخادم أن ينتبه أن هناك موضوع خاص يحتاج إلى حديث فردي مع كل مخدوم..
بالإضافة إلى كل من له ظروف خاصة.. هذا الموضوع يشغله ويأخذ كل تركيزه.. ربما يكون هذا الأمر متعلق بشخصيته.. أو أسرته.. أو دراسته.. أو مظهره أو أحداث لا يجد لها مبرر في حياته تجعل علاقته بالله في تردد وتوتر وفتور دائم.. أو ربما خطية معينة دائمًا ما تغلبه وتسيطر عليه وتجلب داخله روح يأس وحزن وفشل..
لذلك يجب على الخادم أن يكون له دراية بأوجاع النفس وأدويتها ويعرف كيف يستمع وينصت ويشارك ويشجع ويسند وينصح.. ويعرف احتياجات كل نفس..
كما وجدنا في خدمة ربنا يسوع المسيح النموذج الأمثل للخادم الحقيقي الذي يخاطب الجموع ويهتم بالأفراد ويستمع ويتحدث ويتأنى ويشجع كما رأيناه مع المرأة السامرية وزكا ونيقوديموس..
فهو يدرك أهمية الدخول إلى أعماق النفس لاجتذابها بشبكة خلاصه..
ولا ننصح لأي خادم أن يقوم بعمل الإرشاد لكن يمكن أن يقود المخدوم لمن يقدم له هذا الدور.. ويكفي المخدوم الشعور بأن هناك من يشاركه ألمه ويصلي معه من أجل التدخل الإلهي لئلا تصير معاناة المخدوم أشد من جراء نصيحة أو مشورة غير مناسبة.
ودائمًا كان ينصح الآباء احذر أن تقع في يد مريض بدل من أن تقع في يد طبيب..
← اقرأ كتب أخرى لنفس المؤلف هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت.
والإرشاد ليس هو فقط مجرد تقديم النصيحة وليس عطفًا ولا وعظًا ولا إملاءً لما يجب وما لا يجب أن يفعل.. لأن الخادم لابد أن يدرك أنه يتعامل مع عرَض ظاهر لمرض غير ظاهر..
فربما هذا المخدوم يعاني من صغر نفس أو ضغوط داخلية أو تشكيك في الإيمان أو عزلة ووحدة ورفض من الآخرين أو مخاوف داخلية.. وهذه كلها هي أمور لا يدركها ولا يراها.. هو فقط يشكو من الأعراض الظاهرة.. وعليك كخادم أن تساعده في تقديم ليس فقط النصيحة بل خطوات العلاج..
ولابد من الوضوح والمواجهة بالحب وتشجيعه على اتخاذ القرار المناسب وتوضيح العواقب وتقديم البدائل ويجب أن يشترك في وضع العلاج ولا تفرض عليه رأيًا ليصل إلى العلاج بقناعة كاملة لأن الحلول الجاهزة تجعل المخدوم مستمرًا في عدم ثقته في نفسه ولا تنمي شخصيته ولا يتحمس بالقدر الكاف للتنفيذ ويتراجع لأبسط الأسباب ويصير شخصًا اعتماديًا يلجأ للآخرين في كل أموره.. وقد يلوم الخادم إن كانت النتائج غير مرضية له.. لأن المشورة هي مزيج من الاستماع والمشاركة والنصيحة والعلاج والمتابعة..
"صل كثيرًا أن يعطيك الله روح مشورة وأطلب من قال عنه أشعياء أنه مشيرًا" (أش 6: 9)
أن يعطيك الله روح المشورة.
وما أجمل أن يُقال عن الخادم ما قيل عن أيوب البار:
"هَا أَنْتَ قَدْ أَرْشَدْتَ كَثِيرِينَ، وَشَدَّدْتَ أَيَادِيَ مُرْتَخِيَةً" (أي 4: 3).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fahmy/servant/consultation.html
تقصير الرابط:
tak.la/hz422rb