![]() |
1- من يريدوا أن يتقدموا أمام الملوك - هل أقول الملوك؟ بل أمام الولاة. إذ أن العبيد الذين يأتون ليستعطفوا أسيادهم سواء لأنه قد تم تأديبهم، أو سواء لالتماس منّة أو لتسكين غضبهم عليهم، ويجولون بأنظارهم وأفكارهم نحو تلك الشخصيات قبل أن يتوجهوا إليهم بتوسلاتهم، لأنه إن ثبت عليهم أقل تهاون، فبدلًا من الحصول على ما يبتغونه فإنهم سيُطردون (وذلك) ليس بعد تأديبات أخرى.
فإن كان يجب علينا أن نُظهر حماسًا زائدًا عندما نريد أن نسكّن سخط الناس، فماذا سيكون مصيرنا نحن الخلائق البائسة عندما نتقدم بمثل هذا التهاون أمام الله سيد كل الخلائق - إذ حينئذ سنكون هدفًا لغضبًا مرعبًا جدًا. لأن أي عبد يحرص ألا يغضب سيده وكذلك الرعية ملكهم، ولكن نحن نحرص كل يوم على إغضاب الله.
2- هذا ما أرد المسيح أن يجعلنا نفهمه عندما قدّر الخطأ نحو القريب بدين قدره مائة دينار والتي نحو الله بدين قدره عشرة آلاف وزنة.
وأيضًا في اللحظة التي فيها نخاطب الله في صلواتنا من أجل تسكين مثل هذا الغضب ونصالح ذاك الذي نغضبه كل يوم - لذلك فإن الرسول محق تمامًا في تحويلنا عن الملذات في تلك اللحظات. وهو يقول لنا بطريقة ما: إن نفوسنا محل تقصي. يا أحبائي نحن نركض إلى خطر عظيم، يجب علينا أن نرتعد ونكون في خوف ورعب، فنحن نتخاطب مع سيد مخوف والذي غالبًا ما نهينه، سيد له علينا معاتبات شديدة من أجل شدة خطايانا. فهذا ليس وقت التنعم والانغماس في الشهوات، بل للدموع والتأوهات المرّة وللميطانيات والاعتراف المدقق والتضرعات الملتهبة والصلاة المستمرة. فلنعتبر أنفسنا سعداء إن تقدمنا أمامه بمثل هذا الحماس فنستطيع أن نسكّن غضبه، ليس وكأن سيدنا قاسي وصعب المعاملة -لأنه في الحقيقة وديع وجوّاد- ولكن كثرة خطايانا لا تسمح له وهو الصالح والوديع والرحيم أن يغفر لنا بسهولة.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
3- لهذا السبب قال الرسول "لكي تستطيعوا أن تتفرغوا للصوم والصلاة". أي شيء بالتأكيد أكثر قسوة من تلك العبودية؟ وهو يقول لهم: أتريد أن تتقدم على طريق الفضيلة وتتحفز للطيران نحو السماء مجتهدًا في صلواتك؟ ولكن ماذا لو أن امرأتك لم تذعن وترضى بما انتويته؟ فأنت من المؤكد مضطر لأن تكون عبدًا وتلبي شهوتها (لأن جسدك ملك لها)(62).
لأجل هذا السبب ابتدأ الرسول يقول: "إنه حسن للرجل ألا يمس امرأة"، ولأجل هذا السبب أيضًا فإن التلاميذ قالوا للرب "إن كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فمن الأفضل عدم الزواج" وهم قالوا هذا وهم يفكرون في عدم التوافق الحتمي في حالة أو أخرى.
_____
(62) هنا يمكن القول أن الطرف الذي يلبي رغبات الطرف الآخر في هذا الأمر ولو عن كره سينال من الله إكليل الصبر والاحتمال والطاعة ويُضاف عليها حماية الطرف الآخر من الزنا، وحتى لو طلب الطرف الأضعف روحيًا الجماع في الصوم، فلا يمتنع ويكفيه نيته القلبية التي يعرفها الله جيدًا وسيكافئه على نيته الحسنة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-virginity/prayer.html
تقصير الرابط:
tak.la/gw6ms4x