![]() |
إن العظات الست المذكورة في هذا الكتاب "مساواة الآب والابن في الجوهر" بالرغم من أنها تحمل عنوان مختلف، لكنها ذات ارتباط وثيق مع العظات الخمس التي تحمل عنوان "طبيعة الله غير المدركة" والتي سبق ترجمتها وكلاهما وجهان متكاملان للسر المسيحي.
إن طبيعة الله غير المدركة لا تتنافى في نفس الوقت مع حتمية وجوده، وهذا أمر مفروغ منه. لكن تجسد الله في هذا العالم هو تحدٍ للعقل البشري، لهذا السبب فإن البشر بكثير من الجهد قبلوا ألوهية المسيح إذ أنه ليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس (1كو 12: 3).
إن الابن قد ظهر بطرق مختلفة ومتنوعة لآباء العهد القديم: فهو الذي ظهر على شكل ملاك لمنوح "فقال له الرب: لماذا تسألني عن أسمي وهو عجيب... نموت موتًا لأننا قد رأينا الله" (قض 13: 13، 16، 18، 22). فإن الذي ظهر لمنوح في هيئة ملاك هو الكلمة، كما إنه يُعتقد أيضًا بأن الذي ظهر ليعقوب وصارع معه الليل كله هو الكلمة ويعقوب يقول: "... لأني نظرت الله وجهًا لوجه..." (تك 32: 29-30).
وعندما جاء ملء الزمان صار هذا الكلمة عينه إنسانًا وحل بيننا ورأينا مجده. إن يسوع الناصري الذي ولد من مريم العذراء بطريقة إعجازية هو الابن الأزلي، هو الله الذي ظهر في الجسد "عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد" (1تي 3: 16). وعندما تقابل هذا "الكلمة" مع جماعة من الناس غير حياتهم وملأهم بروحه القدوس، فعلّموا بعد قيامته بلاهوته، وذلك لأن الروح قد فتح عيونهم وقلوبهم فعرفوا بأنه هو رب المجد، ولقد أدركوا أعماله الإلهية في حياته وتصرفاته ومعجزاته. وكانت المعجزات دليلًا صارخًا لإظهار لاهوته. فمع أن الرسل والأنبياء قاموا هم أنفسهم بعمل معجزات خارقة للطبيعة تشبه المعجزات التي قام بها المسيح، إلا أن الطريقة التي أجرى بها السيد هذه القوات كانت تختلف تمامًا عن الطرق التي استعملها الأنبياء والرسل. فمع أن السيد كان يصلي في بعض الأحيان قبل إجراء المعجزة، إلا أنه قام بكثير من المعجزات دون أن يصلي. إن الأنبياء والرسل كانوا يقومون بعمل المعجزات بعد أن يطلبوا من رب المعجزات أن يتدخل فتحدث المعجزة. أما المسيح فلم يفعل المعجزات فحسب، بل منح أتباعه سلطانًا لعمل المعجزات، لأنه كان هو نفسه رب المعجزات. وذهبي الفم بدوره رأى في هذه المعجزات أعظم دحض للهرطقة التي تنكر ألوهيته واستغل كل مصادر فصاحته، تارة بالالتزام بقواعد الفصاحة وتارة أخرى تاركًا نفسه للكلام التلقائي.
من المُحتمل أن أربعة من هذه العظات أُلقيت على شعب إنطاكية بينما كان ذهبي الفم لا يزال قسًا وآخر عظتين من الستة أُلقيتا على شعب القسطنطينية عقب توليه لمنصب البطريرك بفترة قصيرة. والرب قادر أن يستخدم هذه العظات لمجد اسمه ببركة القديسة مريم وببركة صلوات قديسنا الحبيب يوحنا ذهبي الفم ولربنا كل مجد وكرامة إلى أبد الآبدين آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-father-son-equality/introduction.html
تقصير الرابط:
tak.la/b9f44am