24- هكذا يكون التدقيق الذي نريدكم أن تظهروه بخصوص عقائد الكنيسة كما نريدكم أن تحفظوها وتثبتوها في أعماق أذهانكم كما أنه من اللائق أن الذين يظهرون مثل هذا الإيمان يكونون كمنارة بسلوكهم الصالح. من ثمَّ يجب عليّ أيضًا أن أوجه في هذا الأمر الذين هم على وشك أن يكونوا مستحقين للعطية الملكية حتى يمكنكم أن تعرفوا أنه لا توجد خطية من البشاعة لدرجة أنها تغلب سخاء رحمة ربنا. حتى لو كان أحدكم زانيًا أو عاهرًا أو مخنثًا أو شاذًا في شهواته أو كان معاشرًا لعاهرات أو لصًا أو احتال على آخرين أو سكيرًا أو عابد أوثان، فإن قوة العطية وحب السيد (الرب) عظيمين لدرجة أنه يمكنهما أن يجعلا جميع الخطايا تختفي ويجعلا الخاطئ يُنير ويصير أكثر لمعانًا من أشعة الشمس إذا برهن على عزيمة صالحة فحسب.
![]() |
25- تفكروا إذًا في العظمة الفائقة لعطية هذا الإله الطيب الكريم وأعدوا أنفسكم مسبقًا للكف عن الأعمال الشريرة ومباشرة عمل الصالحات. والنبي يحثنا على ذلك في قوله "حد عن الشر وافعل الخير" (مز 37: 27)، والمسيح نفسه أيضًا وهو يخاطب الجنس البشري كله قال "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت 11: 28-29).
26- أرأيتم فضل (فيض) صلاحه؟ أرأيتم سخاء دعوته؟ إنه يقول: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال" حقًا أن دعوته لكريمة وصلاحه يفوق الوصف! تعالوا إليّ جميعًا، ليس الولاة فحسب، بل أيضًا الخاضعون لهم، ليس الأغنياء فحسب بل أيضًا الفقراء، ليس الأحرار فحسب بل أيضًا العبيد، ليس الرجال فحسب بل النساء أيضًا، ليس الشباب فحسب بل الشيوخ أيضًا، ليس ذوو الأجساد الصحيحة فحسب بل أيضًا الجدّع والعجزة (عديمي القدرة). إنه يقول تعالوا كلكم. لأنه هكذا هي هبات السيد فهو لا يعرف فرقًا بين عبد وحر، بين غني وفقير، بل أن مثل هذه الفروق كلها مطروحة جانبًا، نعم "تعالوا يا جميع المتعبين... "
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
27- انظروا من هم المدعوين! أولئك الذين استنفذوا قوتهم في مخالفة الناموس، المثقلون بخطاياهم الذين لم يعودوا قادرين أن يرفعوا رؤوسهم، الذين امتلاؤا بالخزي الذين لم يعودوا قادرين أن يجاهروا بالكلام. ولماذا يدعوهم؟ ليس ليطلب محاسبتهم ولا لينصب لهم المحكمة ولكن لماذا يدعوهم؟ ليريحهم من آلامهم وليزيل عنهم حملهم الثقيل، لأنه ماذا يمكن أن يكون أثقل حملًا من الخطية؟ وحتى لو أغمضنا عيوننا ألف مرة عنها وحاولنا أن نخفيها عن عيون العالم، فإن ثقل الخطية هذا يثير ضمائرنا ضدنا، والضمير هو القاضي الذي لا يمكن رشوته. إن الضمير يلعب دوره كقاضي يقوم ضدنا ولا يكف إطلاقًا عن أن يبتلينا بوخز لا يتوقف وهو مثل الجلاّد العمومي الذي يمزقنا بالسياط ويخنق أذهاننا إلى أن يظهر لنا بشاعة الخطية. إن الرب كأنه يقول: إني سأنعشكم أيها الرازحون تحت ثقل الخطية، الذين قد انحنت ظهوركم تحت حملها - سأمنحكم غفرانًا لخطاياكم. فقط تعالوا إليّ. فمن هو الذي تقسى قلبه ولا يلين حتى أنه يدير أذنه الصماء عن هذه الدعوة السخية الكريمة؟!
28- ولكي يعلمنا الرب كيف أنه سيعطينا راحة أضاف قوله: "احملوا نيري عليكم" لكن لا تخافوا عندما تسمعون كلمة نير، لأن هذا النير لا يلهب الرقبة ولا يجعلك تحني رأسك. ولكنه يعلمك أن تفكر في أمور عالية ويوجهك في طلب الحكمة الحقيقية "احملوا نيري عليكم وتعلموا" فقط تعالوا تحت نيري وستتعلموا. تعلموا، أي أعيروني آذانكم ليمكنكم أن تتعلموا مني. إنني لا أطلب منكم شيئًا يثقل كاهلكم. أنتم العبيد تشبهوا بي أنا السيد، أنتم التراب والرماد طابقوا حياتكم على حياتي أنا الذي خلقت السماء والأرض وصنعتكم.
إنه يقول: "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z8acd9v