 |
29- هل رأيتم كيف السيد ينزل إلينا؟ أرأيتم جوده المتناهي؟ إنه لا يثقل كاهلنا ولا يظلمنا بطلباته منا ولا هو يقول: تعلموا مني لأني صنعت معجزات، لأني أقمت موتى، لأني أظهرت أعمالًا عجيبة، تلك الأمور التي تتعلق بقوته وحدها. بل إنه قال "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" أترون أي بركة ومنفعة في هذا النير؟ لذلك فالذي استحق أن يأتي تحت هذا النير الذي صار قادرًا أن يتعلم من هذا السيد أن يكون وديعًا ومتواضع القلب سيحصل على راحة كاملة لنفسه، لأن هذا هو ملخص تدبير خلاصنا (أن) الذي اكتسب هذه الفضيلة رغم أنه مربوط بالجسد، فهو سيتمكن من أن يتفوق على القوات غير المادية ويكون حرًا من أي صلة بهذه الحياة الحاضرة.
30- لأن الذي يتشبه بوداعة السيد لن يفقد أعصابه ويغضب ولن يتهيج على قريبه حتى ولو لطمه أحد، فسيقول له: "إن كنت قد تكلمت رديًا فاشهد على الردي. وإن حسنًا فلماذا تضربني؟" (يو 18: 23) وإن تكلم ضده أحد قائلًا إن هذا الإنسان فيه روح نجس فسيقول: "أنا ليس بي شيطان" ولا شيء من الاتهامات التي قيلت ضده يمكنها أن تؤذيه. مثل هذا الإنسان سيحتقر كل أمجاد الحياة الباطلة (الحاضرة) ولن يستطيع شيء من العالم المرئي أن يجتذبه (ويغويه) ومن الآن سيرى بعينين مختلفين. الإنسان الذي هو متواضع القلب لن يمكنه أن يحسد جاره على ممتلكاته وهو لن يسرق أو يغش أحد وهو لن يشتهي الثروة (الغنى)، بل بينما هو يُظهر شفقة عظيمة تجاه قريبه (في الإنسانية) سيتخلى من أجله عن الثروة التي له فعلًا. مثل هذا الإنسان لن يسطو على مخدع زوجية الآخرين. وحيث أنه قد أحنى كتفه ليسير تحت نير المسيح، فقد تعلم أن يكون وديعًا ومتواضع القلب وسيتبع (السير) في خطوات الرب ويُظهر كل الفضائل بكل الطرق.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
31- لذلك ليتنا نسير تحت النير الحسن ونحمل الحمل الهين لكي ما نكون قادرين على العثور على الراحة. من يأتي إلى هذا النير عليه أن ينسى طريقته القديمة في المعيشة ويداوم على مراقبة نظراته. لأن الرب يقول: "كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (مت 5: 28)، لذلك ينبغي علينا أن نضع حافظًا على أعيننا حتى لا يدخل إلينا الموت منها. ينبغي علينا أن نراقب بتدقيق ليس فقط أعيننا، بل أيضًا ألسنتنا. لأنه مكتوب "كثيرون سقطوا بحد السيف ولكن ليس في كثرة من سقطوا قتلى بسبب اللسان" (سي 28: 18). عندما تتولد فينا الأهواء الأخرى ينبغي أن نكبحها ونجعل أذهاننا هادئة. ينبغي علينا أن نطرد الغضب، الهوى، الضغينة، العداوة، المكر، الرغبات الشريرة، الخلاعة، كل أعمال الجسد والتي هي بحسب بولس الرسول "زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة أوثان، سحر عداوة، خصام، غيرة، سخط، حسد، قتل، سُكر" (غلا 5: 20-21).
32- لذلك من اللائق أن ندفع عن نفوسنا كل الرذائل وأن نسعى لاقتناء ثمار الروح التي هي "محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح (إيمان) وداعة، تعفف" (غلا 5: 22). إن كنا هكذا سنطهر أذهاننا بالترديد الدائم لدروس التقوى، فسنكون من الآن قادرين على إعداد أنفسنا مسبقًا لجعلها جديرة لنوال عطيته العظيمة وأن نحفظ الأشياء الحسنة المعطاة لنا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/6sjj47h
