![]() |
17- إن هؤلاء الشهداء القديسين اهتموا بالأشياء التي فوق واحتقروا الأشياء التي على الأرض طالبين الخيرات الأبدية. ومن ثمَّ فقد نالوا بسخاء، وكل يوم هم يستمتعون بالإكرام المقدم لهم في هذا المكان ولو أنهم ليسوا في حاجة له إذ أنهم احتقروا كل هذه الكرامات من قبل. ومع ذلك لكي يساعدوننا فإنهم يقبلون الإكرام الذي نقدمه لهم والذين هم في غنى عنه لكي ما نستطيع أن نجني ثمار البركات التي تتأتى منهم.
18- ولكي نعلم كيف أنهم احتقروا كل أمور الحياة الحاضرة لكي يمكنهم الفوز بتلك التي لا يمكنها أن تموت فاعتبر من فضلك أيها الحبيب وتفكر وعدّد (كيف) أنهم رأوا بأعينهم الجسدية الطاغية الذي ينفث نارًا ويصر بأسنانه وهائجًا بشراسة أكثر من الأسد المفترس، مهيأ النار التي يضعها تحت القدور والمراجل وصانعًا كل شيء من شأنه أن يبتلع ويهزم إرادتهم. لكنهم تخلوا عن كل الأشياء التي على الأرض وشخصوا بعين الإيمان إلى ملك السماء وربوات الملائكة وقوف أمامه وتخيلوا في أذهانهم السماء وبركاتها التي لا توصف.
19- لقد نقلوا كل أذهانهم إلى السماء ولم يلتفتوا بعد ذلك للأشياء التي يمكنهم رؤيتها بعيونهم الجسدية. ومع أنهم رأوا أيدي الجلادين تمزق أجسادهم، ومع أنهم رأوا النار المرئية تحترق بشدة والجمرات تتقد، فإنهم رسموا لأنفسهم صورة لنيران جهنم وبذلك تقوت إرادتهم، لذلك تقدموا لملاقاة عذاباتهم غير واضعين في الحسبان الآلام الحاضرة التي يشعرون بها في أجسادهم بل (كانوا) مسرعين بشوق إلى الراحة الأبدية عاملين بنصيحة ذلك الرسول الطوباوي مهتمين بما فوق واستمروا طالبين ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله. إن الأشياء المرئية لم تعقهم على الإطلاق، بل عبروا عليها (غير مبالين) لأنهم اعتبروا أن هذه الأشياء (كما لو) كانت أحلام وظلال، ولأن رغبتهم للأمور الآتية أعطت إرادتهم أجنحة ليطيروا بها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ywmsx65