![]() |
20- لهذا السبب فإن الرسول الطوباوي الذي عرف قوة مثل هذه المشورة أوصانا أن نطلب ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله (كو 3: 1). انظر إلى حكمة معلمنا وإلى أي علو رفع دفعة واحدة أولئك الذين ينتبهون إليه. لقد شق طريقًا في وسط الملائكة ورؤساء الملائكة والعروش والسلاطين والرؤساء والقوات وكل تلك القوات غير المرئية والشاروبيم والسيرافيم وأقام أذهان المؤمنين أمام عرش الملك نفسه مباشرة، وبتعليمه أقنع أولئك السائرين على الأرض أن يقطعوا ربط الجسد ويطيروا ويقفوا بالروح بجانب من هو رب الكل.
21- إن بولس لا يريد أن أولئك الذين يسمعون كلماته هذه يظنون أن مشورته تفوق قوتهم أو أن ما يوصي به مستحيل ولا أن يتبنوا هدفًا من السمو الذي يفوق قدرات الطبيعة البشرية. لذلك بعد أن قال "اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" أضاف قوله "لأنكم قد متم" (كو 3: 2). أي نفس ملتهبة هذه التي له ويا لهذا الاشتياق العظيم للرب الممتلئة به نفسه؟ إنه يقول "لأنكم قد متم". لكن هذا ترجمته عمليًا: ما هو الشيء الذي لكم مشاركة فيه مع الحياة الحاضرة الآن؟ لماذا تلهثون وراء أمور الأرض؟ لقد متم بمعنى أنكم لم تتركوا للخطية إلا مجرد جثث. لقد جحدتم الحياة الحاضرة مرة وإلى الأبد.
22- ولأنه لم يريدهم أن ينزعجوا عندما يسمعونه يقول "أنكم قد متم"، لذلك أضاف بسرعة قوله "وحياتكم مستترة مع المسيح في الله": (كو 3: 3). إن حياتكم لم تعد مرئية بل مستترة. لذلك لا تنشغلوا بأمور هذه الحياة كما لو كنتم أحياء بل كما لو كنتم قد متم وصرتم جثثًا. قل لي هل من الممكن لمن هو ميت بحسب هذه الحياة أن يتدخل ثانية في أمور هذا العالم؟ بالطبع لا. والرسول يقول حسنًا؛ كذلك ينبغي أن يكون الأمر هكذا بالنسبة لكم. فبعد أن متم وصرتم أمواتًا للخطية مرة وإلى الأبد بمعموديتكم فمن الطبيعي ألا يكون لكم شيء مشترك مع أهواء الجسد وأمور العالم وهو يبرر ذلك بقوله: "لأن إنساننا العتيق قد صُلب ودفن بالمعمودية" (رو 6: 6). لذلك لا تحصّل لنفسك شيئًا مما على الأرض ولا تنشغل بأمور الحياة الحاضرة. لأن حياتك الآن مستترة وغير مرئية والآن هذا الوقت ليس وقتك. فإذ قد مُت مرة وإلى الأبد فارفض الاهتمام بالأشياء التي على الأرض. إن عظمة فضيلتك ستظهر بوضوح خصوصًا عندما تسود على كبرياء الجسد وتتصرف حيال الأمور الحسنة لهذا العالم كما لو كنت ميتًا لهذه الحياة.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
23- فلننصت لهذه الحقائق يا من اعتبرتم مستحقين الآن لنعمة المعمودية وأيضًا نحن الذين نلنا هذه النعمة من قبل لنقبل مشورة بولس معلم المسكونة كلها ولننظر أي دوافع هو يريدها في أولئك الذين مرة وإلى الأبد شاركوا في الأسرار التي لا ينطق بها ولننظر كيف أنه يرغب أن يكونوا هم غرباء عن الحياة الحاضرة. ليس غرضه أن يهاجروا إلى مكان ما بعيدًا عن هذا العالم، بل بينما هم في خضم هذا العالم يريدهم أن يتصرفوا كغرباء فيه. إنه يريدهم أن يلمعوا كالنجوم بأعمالهم ويبرهنوا للوثنين أنهم غيّروا جنسيتهم إلى وطن آخر. إنه يريدهم أن يبرهنوا أن لا شيء لهم مشترك مع العالم والأشياء التي على الأرض.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/452ffy6