![]() |
24- إن ردائكم الآن يثير إعجاب كل من ينظر إليكم لأنه بهي كما أن تألق ثيابكم يبرهن أن نفوسكم خالية من كل عيب. بالنسبة للمستقبل، كلاكما يا من اعتبرتم جديرين لهذه النعمة ويا من جنيتم لأنفسكم ثمار إحسانه، اجعلوا سمو سلوككم مرئيًا للكل، وعلى مثال المصباح ينبغي أن تنيروا أولئك الذين ينظرون إليكم. لأنه إن ابتغينا أن نحفظ بهاء هذا الثوب الروحي مع مضي الأيام، فإنه سيشع ببهاء أكثر شدة وبفيض من الضياء المتوهج، الأمر الذي لا يمكن أن يحدث في حالة الثياب المادية، لأنه حتى لو ضاعفنا العناية لأثوابنا المادية عشرة آلاف مرة، فإن مضي الأيام سيجعلها مبتذلة ومع الوقت تبلى وتتهرى، وإن حفظناهم في خزانة فإن العث سيصل إليهم (حتمًا) أو يفسدوا بأشياء عديدة من التي تُفسد الثياب المادية. لكن إن كنا نرغب في عمل ما علينا فإن ثوب الفضيلة لن يفسد أو يشعر بسطو العمر عليه، بل كلما مر الوقت ازداد كشفه لجدّة بهاء جماله وضيائه المشع.
25- هل ترى قوة هذا الرداء؟ هل ترى بهاء هذا الثوب الذي لا يستطيع الزمن أن يمسه ولا العمر أن يعتمه؟ هل ترى جماله الذي لا يُقاوم؟ إذًا فأنا أنصحكم أن تتشوقوا لحفظ هذا الجمال في قمة ازدهاره ولنتعلم ما (هو الشيء) الذي يستطيع أن يحفظ بهائه؟ ما الذي يستطيع أن يفعل هذا؟ أول كل شيء الصلاة الحارة والشكر على ما قد أعطاه الله لنا والتوسل إليه ليساعدنا على حفظ هذه العطايا في مأمن. هذا هو خلاصنا، هذا هو العلاج لنفوسنا، هذا هو علاج الأهواء التي تصطخب فينا. الصلاة هي حصن المؤمن، الصلاة هي سلاحنا الذي لا يُقهر، الصلاة هي مطهرة نفوسنا، الصلاة هي كفارة لخطايانا، الصلاة هي الأساس والمصدر لبركات لا حصر لها، لأن الصلاة ليست شيء آخر سوى الحديث مع رب الكل. أي شيء يمكن أن يكون بركة أكثر من الإنسان الذي اُعتبر جديرًا بصداقة دائمة مع الرب؟
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
26- ولكي تعلم أي صلاح عظيم هذا، انظر من فضلك إلى أولئك الذين يشعرون بقلق عظيم لأمور الحياة الحاضرة. إن هؤلاء الناس مثل الظل تمامًا ولم يعودوا يساووا شيئًا. عندما يرى الناس شخصًا ما يتحدث باستمرار مع حاكم أرضي، كم يعتبرونه عظيمًا وهم يشيرون إليه كأسعد الناس ويعاملونه كما لو كان معجزة ومستحقًا لأعظم إكرام. مثل هذا الإنسان يعتبر هكذا مثيرًا للإعجاب حتى لو كان يتحدث مع إنسان يشاركه نفس الطبيعة البشرية، ومع أن حديثه معه عن أمور دنيوية مائتة. لكن ماذا سنقول عن إنسان اُعتبر مستحقًا للتحادث مع الله وحديثه معه ليس عن أشياء أرضية، بل عن مغفرة خطاياه ومسامحة تعدياته وعن حماية العطايا ليس فقط التي أُعطيت له للتو، بل أيضًا حماية تلك التي ستُعطى له، وعن بركات الأبدية. إن كان بصلاته سيحصل على معونة السماء فمثل هذا الإنسان سيعتبر أسعد من أي ملك متوج بتاج المُلك.
27- إن الصلاة فوق كل شيء يمكنها أن تحفظ لنا دائمًا بهاء هذا الرداء الروحي. بالإضافة إلى الصلاة يأتي العطاء بسخاء والذي هو تاج عملنا الصالح ووسيلة خلاص لنفوسنا. إن الصلاة مع الصدقة يمكنهما أن يمّدانا بأشياء جيدة لا تحصى من فوق ويمكنهما أن يطفئا نار الخطية من نفوسنا ويعطياننا حرية عظيمة.
إن كرنيليوس قد التجأ لهاتين الفضيلتين وأصعد صلواته إلى السماء وبسبب هاتين الفضيلتين سمع الملاك يقول له "صلواتك وصدقاتك صعدت تذكارًا أمام الله" (أع 10: 4).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/h5m6ajb