8- هل ترى أية نصيحة يخرجها الرسول من صميم أحشائه؟ إنه يخاف جدًا ويرتعب لأجل أولئك الذين سيتضررون باستهتارنا وهو يعرف أن هلاكًا ليس هينًا ينتظر الذين يحرضون الآخرين (بمثالهم) على الاستهتار. لهذا السبب فإن الرسول في حضه الآخرين على الالتفات إلى الفضيلة في كل الأشياء قال "فإذ كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئًا فافعلوا كل شيء لمجد الله" (1كو 10: 31).
لاحظ من فضلك دقة نصحه واجعل كل الأشياء التي تباشرها وتفعلها لها هذا الأصل والأساس وهو أنها تؤول إلى مجد الله، ولا تجعل أي عمل لك ليس له هذا الأساس "فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلوا شيئًا فافعلوا كل شيء لمجد الله" (1كو 10: 31).
9- كيف يتيسر أن نأكل ونشرب لمجد الله كقول الرسول؟ عندما تجلس إلى المائدة وتشكر من أعطاك الطعام، وعندما تعترف بمن قد قاتك وعضدك، وعندما لا تجلب أية محادثة دنيوية (على الطعام) بل بعد أن تلبي كل احتياجات جسدك باعتدال عظيم وأنت متحاشي كل إفراط وشره وتقوم وتشكر من أمدّك بالطعام لقوتك، إذًا فأنت في كل هذه الأشياء تمجد الله. لأن بولس الرسول يقول "فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئًا (آخر) فافعلوا كل شيء لمجد الله" (1كو 10: 31).
 |
10- انظر من فضلك - كيف أن الرسول في هذا النص المختصر قد جمع كل أنشطة حياتنا. لأنه عندما قال "أو تفعلون شيئًا (آخر)" فهو يحوي كل وجودنا في كلمة واحدة راغبًا بذلك ألا تؤدي إطلاقًا أي عمل من أعمال الفضيلة بغرض المجد البشري وليس هذا فقط، بل عندما قال "أو تفعلون شيئًا (آخر) فافعلوا كل شيء لمجد الله" فهو يقصد بذلك أن يعلّمنا درسًا آخرًا وهو أن نكف تمامًا عن الأعمال الشريرة وألا نفعل شيئًا لا يجلب تمجيدًا لربنا كلنا. وإن سعينا للفضيلة فلنسع قبل كل شيء لنكسب لأنفسنا الرضى الذي يأتي من الله فقط ولا نعتد بالمجد الذي يأتي من البشر. إن كنا مستهترين فينبغي أن نخاف ونضع ذهننا بتذكر الديان الذي لا يمكن لأحد أن يرشيه. ليتنا نرتعب من اقتراب ذلك اليوم المخوف ونرتعب من تذكر كون أعمالنا تثير التجديف على الله. فإن الله قال بالنسبة لأولئك الذين يسعون إلى الفضيلة "إني أكرم الذين يكرمونني" (1صم 2: 30). لكن اسمع النبي أيضًا عندما يقول "الويل لكم لأن اسمي يُجدف عليه بين الأمم بسببكم" (رو 2: 24؛ إش 52: 25؛ حز 36: 50).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
11- هل ترون غضب الله وسخطه في هذا القول؟ لكن كيف يمكن تمجيد الله؟ بالحياة لمجد الله وجعل حياتنا تضئ بنفس الطريقة التي تكلم بها في موضع آخر عندما قال "فليضئ نوركم قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت 5: 16).
ليس من شيء يجلب المجد لربنا مثل السلوك الفاضل وكما أن نور الشمس ينير بأشعته وجوه أولئك الناظرين إليه، كذلك الفضيلة تجذب كل الناظرين إليها ليتأملوها وتحرك أولئك المهيأين حسنًا ليمجدوا الله. ليتنا نفعل كل شيء نعمله بطريقة تحرك كل من ينظر إلينا ليمجد الله، لأنه مكتوب "إن عملتم أي شيء فافعلوا الكل لمجد الله" (1كو 10: 31).
12- ماذا أعني؟ إن أردت أن تصحب شخص ما، كن متأكدًا أنك لا تهتم بأولئك الذين صحتهم جيدة ولديهم ثروة وجاه -مثلما يرى العالم ذلك- بل اهتم بمن هم في ضيقة أو بمن هم في ظروف حرجة ومن هم في السجن ومن هم مهجورين تمامًا وليس لهم عزاء. ضع اعتبارًا عظيمًا لمصاحبة هؤلاء، لأن منهم ستجني فائدة أعظم وستكون محبًا بطريقة أفضل للحكمة الحقيقية وستعمل الكل لمجد الله. وإن كان عليك أن تزور أحدًا ففضّل أن تزور اليتامى والأرامل والذين هم في حاجة، عن زيارة أولئك الذين يتمتعون بالشهرة والجاه. إن الله نفسه قال "أنا أبو اليتامى وقاضي الأرامل" (مز 68: 5). وأيضًا قال "اقضوا لليتيم وحاموا عن الأرملة. هلم نتحاجج يقول الرب" (إش 1: 17-18).
13- إن أردت أن تذهب إلى السوق، تذكر نصح الرسول عندما يقول "إن فعلنا شيء فلعمل الكل لمجد الله". لا تضيع وقتك في لقاءات مضرة فارغة، بل أسرع إلى بيت الله لكي يجني جسدك ونفسك منفعة عظيمة وإن تحدثت مع أحد فلتفعل هذا باتضاع ووداعة عظيمة ولتتحاشى المحادثات المطولة عن المواضع (والمواضيع) العالمية التي لا تجلب منفعة، بل لنثابر في المحادثة عن أشياء تجلب منفعة عظيمة لمن يسمعها والتي ستجعلنا غير معرضين لأي لوم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/m9c2v2p
