4- لذلك أنا اعتبركم الآن مطوبين حتى قبل أن تدخلوا خدر العُرس المقدس. لست فقط اعتبركم مطوبين بل أنا أيضًا امتدح عزيمتكم الحسنة لأنكم على عكس الناس المتراخين الذين يتقدمون إلى المعمودية وهم في النفس الأخير. مثل خدام أمناء مستعدين لإطاعة السيد بعزيمة حسنة جدًا أظهرتم الآن فضيلة عظيمة ونشاطًا ملحوظًا في إخضاع أعناق نفوسكم للنير وقد نلتم النير الذي هو حسن وأخذتم الحمل الذي هو خفيف.
5- حتى لو كانت النعمة المأخوذة هي، هي نفسها لكم ولأولئك الذين اعتمدوا وهم على فراش الموت ولكن لا الاختيار أو الاستعدادات هي، هي نفسها. لقد نالوا النعمة على فراشهم، لكن أنتم نلتموها في حضن الكنيسة أمنا كلنا. وهم نالوا نعمة المعمودية وسط النحيب والدموع، أما أنتم فاعتمدتم بالفرح والبهجة، وهم يتأوهون أما أنتم فتشكرون. حرارة الجسد العالية (بسبب الاقتراب من الموت) تجعلهم في سبات وذهول، بينما أنتم مملؤون بفيض من المسرة الروحية.
![]() |
6- لذلك كل شيء في حالتكم يتوافق مع العطية، بينما في وضعهم كل شيء معاكس لها. الذي على فراش الموت يبكي الآن وينتحب أثناء عماده وأولاده يقفون حوله باكين وزوجته تلطم على خديها وأصدقاؤه منكسري الخاطر وعيون عبيده مملوءة بالدموع وكل المنزل يعطي مظهر يوم شتاء مُعَبّس.
7- لكن لو كًشف ما في قلب الإنسان الذي على فراش الموت لوجدته معبأ أكثر من كل الواقفين حوله. وكما أن الرياح التي تضارب بعضها بقوة عظيمة من جهات مختلفة تقيم البحر إلى موجات عديدة (متضاربة) هكذا أيضًا أفكار الأمور المحزنة التي تكتنفه تهبط على نفس الإنسان المريض وتقسم ذهنه إلى أمور كثيرة. فعندما ينظر إلى أولاده سيفكر أنهم سيصيرون أيتامًا وعندما ينظر إلى زوجته يراها أرملة...
8- بعد ذلك يأتي الكاهن في وسط جلبة واضطراب مثل هذا ووصوله مصدر عظيم للخوف أكثر من الحمى ذاتها وأصعب من الموت نفسه على أقارب الإنسان المريض. وعندما يدخل الكاهن فإن يأسهم يكون أعمق عما يحدث حينما يقول الطبيب أنه قد فقد كل أمل في إنقاذ حياة المريض، وهكذا يرى من سيأخذ بيده إلى الحياة الأبدية كأنه رمز الموت.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
9- لكنني لم أصل بعد إلى قمة هذه الشرور. كثيرًا ما يحدث أن نفسه تخرج وتهجر الجسد بينما أقاربه لا يزالوا يحدثون جلبة ويعدون أنفسهم لنهايته حتى لو كانت نفسه لم تُبهج الكثير منهم عندما كان لا يزال في الجسد. عندما يكون الإنسان الذي سيعتمد فاقد الوعي وراقد خاملًا كحجر أو كتلة خشب ولا يختلف في شيء عن الجثة الهامدة، وعندما لا يتعرف على أولئك الحاضرين حوله ولا يسمع ما يقولون، عندما لا يمكنه أن يعطي أية إجابة على بنود العهد المبارك الذي سيبرمه مع ربنا كلنا، فأية منفعة سيتحصل عليها من عماده؟
10- مَن هو على وشك أن يتقدم إلى تلك الطقوس المقدسة والأسرار المهوبة ينبغي عليه أن يكون صاحيًا ويقظًا وخاليًا من كل همّ أرضي وممتلئ جدًا بغيره وتعفف ويلزم أن يطرد من ذهنه كل فكر غريب عن الأسرار ويجعل بيته نظيفًا وجاهزًا من كل الأوجه كما لو كان على وشك أن يستقبل الإمبراطور نفسه في بيته. هذه هي الطريقة التي تعد بها ذهنك، وهذه هي الأفكار التي ينبغي أن تتفكر بها، وبمثل هذا ينبغي أن يكون غرض عزيمتك. ثم انظر إلى الجزاء الذي تستحقه من الله لهذا الغرض الفائق. لأن الله يتفوق على أولئك الذين هم مستعدين لسماعه بالعطايا الجزيلة التي يعطيها لهم بالمقابل.
11- حيث أن رفقاء العبودية ينبغي أن يساهموا بنصيبهم فلنساهم بما يتوجب علينا، إلا أن ما سنساهم به ليس لنا (أي من عندنا) بل للرب، لأنه يقول "أي شيء لك لم تأخذه وإن كنت قد أخذت فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ" (1كو 4: 7). إنني أردت أن أقول هذا أول كل شيء. لماذا تغافل آباؤنا عن بقية (أيام) السنة ورسموا أن أبناء الكنيسة يعتمدون في هذا الموسم؟ ولماذا بعد أن نعظكم، ينزعون عنكم الأحذية والملابس ويرسلونكم حفاة الأقدام وعراة إلا من رداء قصير لتسمعوا كلمات المعزمين(107)؟ لم يكن هذا بدون سبب أو اعتباطًا أنهم رسموا هذا الإجراء وهذا الموسم، لكن كلاهما له مغزى سريّ وخفي وأنا أريد أن أشرح لكم هذا. لكنني أرى أن هناك سبب يجبرني على الحديث عن موضوع آخر أكثر أهمية لأنه ينبغي أن أخبركم ما هي المعمودية ولماذا دبّرها الله لنا ومدى قيمة البركات التي تجلبها.
_____
(107) كان آباء الكنيسة في القديم يعتقدون أن الأرواح الشريرة تسكن في الوثنيين، لذلك ينبغي أن يصلي عليهم المعزمين ليخرجوا منهم الشياطين قبل العماد.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/pnmy829