19- ما هي هذه الأمور؟ غدًا الجمعة في الساعة التاسعة(111)، هناك أسئلة معينة سيتم سؤالكم عنها، ويلزم أن تقدموا عهودكم للرب. إنني لم أذكر لكم هذا اليوم وتلك الساعة اعتباطًا إذ أنه من الممكن تعلّم درس سري منها. لأنه في الساعة التاسعة يوم الجمعة دخل اللص اليمين إلى الفردوس، والظلمة التي استمرت من الساعة السادسة إلى التاسعة قد انقشعت والنور (الحقيقي) المُدرك من كل من الجسد والذهن قد تم تقديمه كذبيحة عن العالم كله إذ قال المسيح في تلك الساعة: "يا أبتاه في يدك استودع روحي" (لو 23: 46) ثم أن الشمس المرئية التي كانت مظلمة منذ الساعة السادسة تطلعت إلى شمس البر يشع (بنوره) من على الصليب وأعادت ضيائها.
20- لذلك عندما تكونوا على وشك أن تنقادوا إلى الكنيسة (غدًا) في الساعة التاسعة استدعوا إلى أذهانكم أيضًا العدد الضخم من أعمالكم الفاضلة وعددوا تلك العطايا التي تنتظركم، فلن تظلوا بعد على الأرض بل روحكم نفسها ستُرفع وتمسك السماء عينها.
 |
21- بالإضافة إلى ذلك عندما تكونون كلكم قد دخلتم الكنيسة -إذ يلزم أن تكونوا كلكم سويًا معًا- لأنه ينبغي أن تلاحظوا هذا أن كل هذه العطايا معطاة لكم كلكم على السواء، لكي لا يحتقر الغني الفقير ولا يظن الفقير أن ما سيناله أقل من الغني (في العطايا) لأنه في المسيح ليس ذكر وأنثى ولا سكيثي أو بربري، لا يهودي أو يوناني (غلا 3: 28). ليس فقط لا يوجد فرق في العمر أو الطبيعة، بل حتى كل فرق في المستوى (الاجتماعي) يتلاشى، إذ يوجد اعتبار واحد للكل، عطية واحدة وأخوة واحدة تربطنا سويًا، ونفس النعمة. لذلك إذن عندما تُقادون إلى الكنيسة يلزم أن كلكم سويًا تجثون بركبكم ولا تقفوا منتصبين ويلزم أن تبسطوا أيديكم نحو السماء وتشكروا الله على هذه العطية.
22- إن العادة المقدسة تلزمكم أن تظلوا ساجدين على ركبكم لكي تقروا بسلطانه المطلق عليكم ولو بهيئة جسدكم، لأن إحناء الركب علامة أولئك المعترفين بعبوديتهم. واسمع ما يقوله بولس الرسول (بهذا الصدد): "لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض" (في 2: 10). وبعد أن تجثو بركبكم سيأمركم أولئك الذين سيعمدونكم أن تنطقوا بهذه الكلمات: أجحدك أيها الشيطان.
23- إن الدموع قد تفجرت الآن في عيني، وذهني اضطرب وتأوهت بمرارة. لماذا تذكرت (الآن) تلك الليلة المقدسة(112)التي قدموني فيها إلى المعمودية المقدسة المهوبة؟ إنني تذكرت نقاوتي في ذلك الوقت والخطايا التي جمعتها على نفسي منذ ذلك الوقت إلى الآن. وعلى هذا المنوال تحزن وتكتئب كل امرأة سقطت من مركز الغنى والثروة إلى منتهى الفقر عندما ترى أخريات كعرائس تزوجن وأعطين لعرسان أغنياء ويستمتعن بكرامة عظيمة ويتم اقتيادهن إلى بيت العريس بخدم وحشم. إن تلك النسوة التعيسات لا يحزن ويكتئبن لأنهن يغرن من الحظ الوافر الذي للنساء الأخريات بل أنهن -بسبب غنى الأخريات- يتعرفن بدقة أكثر على سوء حظهن. ما يحدث لي الآن هو شيء مشابه لهذا. لكن لكي أقودكم في سرد متاعبي إلى مناقشة موضوع هو (سبب) حزن كئيب، فدعوني أعود إليكم مرة أخرى.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
24- "أجحدك أيها الشيطان". ما الذي حدث؟ ما هذا الانقلاب الغريب وغير المتوقع للأحداث؟ مع أنكم كلكم كنتم ترتعدون من الخوف، فهل تمردتم على سيدكم؟ هل تنظرون باحتقار إلى وحشيته؟ من الذي أتى بكم إلى مثل هذا الجنون؟ من أين أتت إليكم هذه الجسارة؟ فتجيبون قائلين: "نحن لدينا سلاح، سلاح قوي". أخبروني أي سلاح وأي حليف هذا؟ فتجيبوا: "أنني أدخل في خدمتك أيها المسيح" ومن ثمَّ فأنا جسور ومتمرد (على الشيطان) لأن لي ملجأ قوي، وهذا (المعين) جعلني أقوى من الشيطان، مع أنني في السابق كنت أخدمه وأخافه وارتعب منه، لذلك فقط أجحدك بل أجحد أيضًا كل بهرجاتك.
25- ما هي بهرجات إبليس؟ كل شكل من أشكال الخطية، مشاهد الخلاعة، سباق الخيل (ومراهناته)، التجمعات المملوءة بالهزر والكلام السخيف، التشاؤم والتفاؤل والعرافة، ملاحظة الأوقات (المواسم)، التمائم والأحجبة والرقية، فهذه كلها بهرجات إبليس. لكن الصليب له قوة الحجاب العجيب والتعزيم (الرقية) الفائق، فمباركة هي النفس التي تتكلم باسم يسوع المسيح المصلوب. أدع بهذا الاسم فيهرب كل مرض ويخيب كل هجوم الشيطان.
26- لذلك تذكر هذه الكلمات فهي بند عهدك مع العريس. من اللازم قبل الزواج أن يعطي حساب كامل للعطايا والمهر، وأنت أيضًا يلزمك أن تفعل هكذا قبل الزيجة (الروحية). لقد وجدك عاريًا ومتسولًا ومتصرفًا بطريقة غير لائقة، لكنه لم يهرب بعيدًا بل كنت أنت الشخص الذي اختاره، فبدلًا من المهر، ساهم بهذه الكلمات(113) والمسيح سيعتبر أن الثروة التي قدمتها عظيمة إن حافظت ولاحظت هذه الكلمات طيلة أيام حياتك. لأن المسيح يجد لذته في خلاص نفوسنا واسمع (تأكيدًا لهذا) ما يقوله (عنه) بولس الرسول" (المسيح) غنيًا لجميع الذين يدعونه" (رو 10: 10).
_____
(111) تقابل الآن الثالثة بعد الظهر.
(112) لقد قبل القديس يوحنا ذهبي الفم المعمودية وهو ابن ثمانية عشر سنة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/bcw9s3b
