للأسف -وحتى تاريخ كتابة هذا الكلام- فإنه بالرغم من وجود مئات الألوف من الأقباط خارج مصر (ما يقرب من المليونيّ قبطي بالخارج)، فمازالت الكنيسة القبطية القوية بالخارج هي "ذات المحتوى العربي" (أي التي تكون معظم الخدمات متاحة فيها باللغة العربية في الأساس). فالكنيسة لا تنمو بالخارِج بنفس سرعة وتيرة هِجرة الأقباط.. بل أن أغلبية كهنة المهجر حتى اليوم يكونوا من مصر، أو المولودين في مصر، وقد لا يكون لديهم التأهيل اللغوي المناسب للخارج، ولا حتى من الجانب الثقافي للبلد الجديد لمواجهة الأفكار الغريبة والصعبة التي قد يتعرَّضون لها في مُحيط خِدمتهم.. نعم، ندرك أن تلك الكنائس ما تزال في بداية طريقها، وتعتمد بشكل أساسي على ما "تستورده" من الكنيسة القبطية في مصر من وُعَّاظ (خدمة الكلمة) وترانيم وكتب وخلافه..
وهنا تظهر المشكلة: الكنيسة والعقيدة والترْنِيم والوعظ وأمهات الكتب والحياة الروحية وغيرها داخل جماعة المؤمنين.. كل هذا أساسه اللغة العربية (لغة الكنيسة الأم). في حين أن إهمال الأهل لتعليم أبنائهم اللغة العربية، يؤدي لكون بعضهم ضعيف في اللغة يتحدث بلغة عربية ركيكة ولكن لا يستطيع القراءة، أو يفهم العربية ولا يتكلمها ويرد بلغته "الأم" (لغة البلد التي يعيش بها)، أو حتى يفهم ويتكلم العامية ولكنه لا يفهم الفصحى المكتوب بها الإنجيل الذي يُقرأ في القداس، ومكتوب به عشرات الآلاف من الكتب القبطية، وقد تُقال بها العظة أو غير ذلك من الخدمات..
أظن الآن ظهرت معالم المأساة! فعندما تكون اللغة العربية ذات مستوى أخير أو منعدم في الاهتمام، يستتبعها كذلك بعض الخدمات الكنسية الثرية التي تعتمد على تلك اللغة، وبالتالي ينزل في الترتيب مع اللغة كل ما هو مُصاحِب لها من عقيدة وتراث كنسي وخدمة وأصدقاء وخلافه -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- وتبدأ هوية الجيل الجديد في التذبذب والميل للثقافة والهوية الأجنبية (لغتهم الأساسية في المهجر)، وتصبح الكنيسة منفصلة عنهم، ويجعلهم الأمر غير قادرين على الانسجام في القداس الإلهي ولا مدارس الأحد ولا الترانيم.. وغير مستوعبين لكلمات العظات، ولا لديهم القدرة على الاستفادة من الكتب الرائعة والقوية التي تُشَكِّل تراث كنيستنا القويم.
إذن من الخطأ الشديد والجهل، أن يتكاسل الأهل عن تعليم أولادهم اللغة العربية، لأن عواقبه قد تشمل فُقدان الهوية المسيحية المصرية والغُربة عن الكنيسة.
وللأسف قد يحدث المِثل في مصر، وليس فقط لأقباط المهجر! حينما يكون الاهتمام الأساسي هو بالتعليم الأجنبي بكل مراحله الأساسية، ثم الدراسة بنفس اللغة داخل أو خارج مصر في الجامعات.. فتأتي النتيجة مشابهة لما سبق..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/ebooks/arabic-for-copts/importance.html
تقصير الرابط:
tak.la/nba3ypf