القديس أغناطيوس الأنطاكي(80):
هو أسقف أنطاكية الشهيد الشهير بين الآباء الرسوليين. يلقب "بالثاؤفوروس" ومعناها (حامل الإله)(81)... وهذا اللقب لم تخلعه الكنيسة على هذا القديس، بل هو الذي أطلقه على ذاته أثناء محاكمته التي سبقت استشهاده(82)، وتدعوه الكنيسة السريانية أيضًا "بالنوراني" لأنه رأى الملائكة النورانيين يسبحون الله في فرقتين، فأدخل هذا النظام في الكنيسة، وكان أول من فعل ذلك.
لا نعرف شيئًا عن حياته الأولى، لكن يبدو أنه كان وثنيًا، ثم آمن بالمسيح على يد أحد المبشرين الأوائل الذين وفدوا إلى أنطاكية.
أما عن أسقفيته فهناك من يحاول أن يجعل منه تلميذًا لبطرس وبولس ويوحنا... قال البعض أنه أول أسقف على أنطاكية خلفًا لبطرس الرسول أسقفها الأول!! وقيل بل هو الخليفة الثاني لمار بطرس بعد أفوديوس وأغناطيوس كانا معاصرين لبعضهما، الأول على اليهود المتنصرين، والثاني على الأمم المتنصرين... وهكذا من الادعاءات التي حاولت بها بعض الكنائس أن تخلع على ذاتها أهمية نتيجة نسبتها لبعض الرسل...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كان أغناطيوس شخصية عظيمة وسط معاصريه، لكن شهرته بالأكثر هي بسبب استشهاده الرائع وثباته العجيب في محاكمته، وأشواقه المتأججة لسفك دمه على اسم المسيح... قبض عليه إبان الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور تراجان. وحوكم أمام والى سوريا سنة 107 -وليس أمام الإمبراطور ذاته كما تروي بعض القصص- واذ أظهر ثباتًا عجيبًا في محاكمته(82)، صدر الحكم بإعدامه بإلقائه للوحوش في روما أمام جماهير الشعب. سر أغناطيوس بهذا الحكم، فقد كان قلبه يتحرق شوقًا للاستشهاد الأمر الذي يتضح بكل جلاء من رسالته التي كتبها إلى كنيسة روما(82)، يرجوهم ألا يعوقونه عن الاستشهاد... فلما قدموا إليه السلاسل التي سيقيد بها، انحنى عليها وقبلها شاكرًا الرب الذي أهله لهذه النعمة.
ودع رعيته وسافر إلى روما يخفره عشرة جنود أفظاظ. وفي سفره بحرًا عرج على بعض مدن آسيا الصغرى حيث هرع إليه كثير من أساقفة وكهنة وشعب تلك الكنائس للتبرك منه وللتزود من تعاليمه، ومنهم بوليكاربوس أسقف أزمير... وفي روما، وفي الكوليسيوم Coliseum اجتمعت جموع الرومان ليشهدوا الاحتفالات بانتصارات الإمبراطور تراجان، وليشاهدوا المصارعات الدموية بين الوحوش وبعض المعتبرين مجرمين... عُري أغناطيوس من ثيابه، وأُلقي في الحلبة، فوثب عليه أسدان مزقا جسده الطاهر والتهماه، ولم يُبقيا منه سوى بعض عظام خشنة، جمعها المؤمنون بكل وقار، وعادوا بها إلى أنطاكية ككنز نفيس، ودفنت خارج باب المدينة، المعروف يومئذ بباب "دفنه". ثم نقلت على عهد الملك ثيؤدوسيوس الصغير -في القرن الخامس- إلى هيكل الشهداء، الذي سمى منذ ذلك الوقت "كنيسة مار أغناطيوس".
والى جانب ذخائره المقدسة، خلف لنا أغناطيوس رسائله السبع التي أنفذها إلى بعض الكنائس وهو في طريقه إلى الاستشهاد وما زالَت موجودة بين أيدينا... وفيها يحض الكنائس على الثبات في الإيمان والتقليد الرسولي والألفة والمحبة، والطاعة للكنيسة والابتعاد عن الهراطقة.
_____
(80) تاريخ الكنيسة السريانية ج 1، أسد رستم، آباء الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى.
Schaff Vol
. 2 ،pp. 633 - 660.(81) الكلمة اليونانية ثاؤفوروس Theophorus بالنبرة على المقطع الثاني معناها (حامل الإله) أما إذا وضعت النبرة على المقطع الأول من الكلمة المذكورة فيصبح معناها (من حمله الله)... لجأ إلى هذا المعنى الثاني بعض المتأخرين للتدليل على أن أغناطيوس هو الطفل الذي أقامه المسيح وسط التلاميذ ليلقنهم درسًا في الاتضاع (مت 18: 2، 3). نادى بهذا الرأي بعض مؤرخي الكنيسة في العصور الوسطى من أمثال ميتافرستس Metaphrastes وأناستاسيوس الكتبي. لكن القديس يوحنا ذهبي الفم -الأنطاكي المولد- أكد أن أغناطيوس لم ير المسيح.
(82) عن محاكمته، ومقتطفات من رسالته إلى كنيسة رومية، انظر: الاستشهاد في المسيحية ص 96، 97، 141، 142.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/st-ignatius.html
تقصير الرابط:
tak.la/7atfswn