مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة المسيحية في عصر الرسل - الأنبا يوأنس أسقف الغربية📖

262- القديس بوليكاربوس

 

ص 466 ولد حوالي سنة 69 أو قبل ذلك بقليل... لا نعرف شيئًا عن حياته المبكرة. كل ما نعرفه عنه أنه كان تلميذًا ليوحنا الرسول، وصديقًا -أصغر في السن- لأغناطيوس الأنطاكى الشهيد، ومعلمًا لإيريناؤس الذي صار أسقفًا لمدينة ليون... أقامه يوحنا الرسول أسقفًا على مدينة أزمير بآسيا الصغرى... ويقال أنه هو الذي عناه القديس يوحنا في رؤياه بقوله: "اكتب إلى ملاك كنيسة سميرنا (أزمير) هذا يقوله الأول والآخر... أنا أعرف أعمالك وضيقتك وفقرك، مع أنك غني... لا تقف البتة مما أنت عتيد أن تتألم به... كن أمينًا إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة.." (رؤ 2: 8 - 11).

St-Takla.org Image: Martyr Polycarp, Bishop of Smyrna - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library. صورة في موقع الأنبا تكلا: الشهيد بوليكاربوس أسقف سميرنا - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

يجمع التاريخ على أن بوليكاربوس كان ذا هيبة ووقار، وتمتع بنفوذ واسع على كل كنائس آسيا الصغرى، لما كان يتحلى به من الفضائل، ولما كان عليه من الفصاحة، وخاصةً لأنه كان تلميذًا ليوحنا الحبيب، وعنه أخذ تعاليمه... سافر إلى روما والتقى بأسقفها انيكتس Anicetos بين سنتي 150، 154 للتفاهم على موضوع موعد عيد الفصح بعد أن احتدم الخلاف بين كنائس آسيا الصغرى وكنيسة روما⁽⁸³⁾... وكان موضع تقدير واحترام في روما. وإن كانت هذه المشكلة لم تحسم بصورة نهائية إلا في مجمع نيقية المسكوني.

ومن المعروف عنه أنه كان يمقت الهراطقة مقتًا شديدًا، ولا غرابة في ذلك، فهو تلميذ يوحنا الرسول الذي حذر من مجرد السلام عليهم، وأوصى بعدم قبولهم في البيوت... ومن بين الرسائل التي كتبها بوليكاربوس لم تصلنا إلا رسالة واحدة أنفذها إلى كنيسة فيلبي.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

ص 467 أنهى حياته شهيدًا سنة 155 -على أرجح الآراء- في عهد الإمبراطور أنطونيوس بيوس Antoninus Pius وهو في شيخوخة وقورة بارة بعد أن بلغ من العمر 86 عامًا...

وقصة استشهاده رائعة ومؤثرة⁽⁸⁴⁾. فعندما طلب منه الحاكم -أثناء المحاكمة- أن يحلف ويلعن المسيح ليطلقه، أجاب (لقد خدمت المسيح ستة وثمانين عامًا، ولم يصنع بي شرًا، فكيف أجدف على ملكي الذي خلصني؟!).. وانتهى أمره بالحكم عليه أن يجر حيًا... كان الوثنيون واليهود يتميزون غيظًا، وأخذوا يجمعون أخشابًا كثيرة ليضرموا نارًا شديدة. ولما حاولوا تسميره على خشبة حتى لا يتحرك أثناء اشتعال النار، قال لهم: (اتركوني هكذا، فالذي وهبني قوة احتمال شدة حريق النار، سيمنحني قوة البقاء هادئًا بلا حركة بدون مسامير).

صلى أمام الجميع قبيل إشعال النار... أما النار فقد أحاطت به وكأنها هالة من نور حول جسده، دون أن تمسه أو تفنيه... وقف بوليكاربوس -كما تقول سيرة استشهاده- وسط النار (لا كجسم يحترق، بل كخبز ينضج، أو فضة تنقى في فرن... وفاح عبير طيب كأنه بخور ثمين)... ولما أصاب المكلفين بإحراق القديس، القلق لبطء التهام النار لجسده، أمروا جنديًا أن يغمد خنجرًا في جسده... فتفجر الدم غزيرًا وأطفأ النار، ولكنه أشعل الرغبة في الاستشهاد في جموع المشاهدين، وفي جهات أخرى كثيرة⁽⁸⁵⁾.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(83) كانت كنائس آسيا الصغرى تتبع التقويم اليهودي اعتمادًا على ما تسلموه من الرسولين يوحنا وفيلبس... وكانت تحتفل بتذكار صلب المسيح وقيامته في 14، 16 نيسان أي في يومين من أيام الأسبوع دون التقيد بيومي الجمعة والأحد. أما كنيستي الإسكندرية وروما وبعض كنائس أخرى، فقد التزمت بضرورة مراعاة هذين اليومين.

(84) انظر هذه السيرة التي كتبتها كنيسة أزمير إلى كنيسة فيلوميليوم Philomelium وهي مدينة في مقاطعة فريجينا بآسيا الصغرى.

(A.N.F., Vol. 1, pp. 39-44.

(85) عن استشهاد بوليكاربوس: انظر الاستشهاد في المسيحية ص 142 - 144.

نماذج من النساء الخادمات

الكنيسة المسيحية في عصر الرسل كتب الأنبا يوأنس أسقف الغربية

القديس أغناطيوس الأنطاكي

---