5- فترة أسره في قيصرية، وأسره الأول في روما (سنة 58 - 63):
وتشمل هذه الفترة مدة أسر بولس مرتين بما فيها فترة الشتاء التي تخللت الاثنين، والتي سافر فيها من قيصرية إلى روما...
في ربيع سنة 58 سافر بولس للمرة الخامسة والأخيرة إلى أورشليم مارًا بفيلبي وترواس وميليتس [حيث التقى فيها بكهنة أفسس (أع 20)]، وصور وقيصرية، حاملًا معه إلى فقراء اليهودية - معونة مؤمني بلاد اليونان... ولكن بعض اليهود المتعصبين الذين يمقتونه دبروا ثورة ضده في مناسبة عيد الخمسين، واتهموه بتدنيس الهيكل بإدخال يونانيين إليه، وجروه خارج الهيكل حتى لا يدنسوه بدمه... وكانوا سيقتلونه لا محالة، لولا تدخل الضابط الروماني ليسياس، الذي كان على مقربة من المكان... وشفعت له في هذا الموقف حقوق المواطنة الرومانية التي كان يتمتع بها، فأنقذه هذا الضابط من ثورة الدهماء، وأوقفه في اليوم التالي أمام السنهدرين. وبعد جلسة غير مجدية، وبعد اكتشاف مؤامرة للفتك به، أرسله ليسياس تحت حراسة قوية إلى فيلكس الوالي الروماني في قيصرية، ومعه شهادة تثبت براءته (أع 21 - 26).
بقى بولس أسيرًا في قيصرية لمدة سنتين كاملتين (58 - 60) - في انتظار محاكمته... وأمام فستوس الوالي الروماني الذي خلف فيلكس سنة 60، طلب بولس كمواطن روماني أن تُرفع دعواه إلى قيصر، فوافق الوالي على ذلك. وهكذا عمل بولس على إتمام إرادة الله المُعلنة له بأن يبشر روما عاصمة العالم القديم بمخلص العالم كله (أع 23: 11)... وبعد أن دلل على براءته أكثر من مرة، وشهد للمسيح أمام فستوس والملك هيرودس أغريباس الثاني وكل وجوه قيصرية، أرسل في خريف سنة 60 مخفورًا(1) إلى روما.
كانت رحلة قاسية، تحطمت فيها السفينة التي كان يستقلها بفعل العواصف، وأمضى الشتاء في جزيرة مالطة. وفي مارس سنة 61 وصل بولس إلى روما... وصلها أسيرًا... أسير يسوع المسيح. لكنه كان في حرية وقوة أكثر من الإمبراطور الجالس على عرشه... كانت السنة السابعة لتملك نيرون الطاغية...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
في روما أمضى بولس على الأقل سنتين حتى ربيع سنة 63 في حياة سهلة، منتظرًا الفصل في قضيته. لقد أقام تلك الفترة في مسكن خاص استأجره. ولعل ذلك راجع إلى أن تقرير الوالي الروماني فستوس كان في صالحه. وبناءً عليه فقد منح الأسير بولس حرية أكثر من بقية الأسرى... فحددت إقامته، ولكن كانت له الحرية أن يستقبل من يشاء، غير أنه كان له حارس يلازمه وهو موثق بسلاسل...
وفي خلال تلك الفترة بشر بولس جميع الذين كانوا يدخلون إليه بكل مجاهرة بلا مانع (أع 28: 30، 31)... ابتدأ باليهود، لكن تعصبهم أعماهم فلم يقبلوا بشارته. اتصل به المسيحيون الذين كانوا في روما وضواحيها. وقد كان لكلامه تأثير حتى في الجنود الذين يتناوبون حراسته (في 1: 12، 13)... وعلى الرغم من قيوده، فقد وصل نشاطه إلى موظفي البلاط الإمبراطوري، فكسب بعضهم وأدخلهم إلى حظيرة الإيمان، وحمل تحياتهم إلى الإخوة الذين في فيلبي (في 4: 22)... هكذا تمم بولس -على الرغم من قيوده- عمله الرسولي نحو الرب والكنيسة، مثبتا عمليًا أن كلمة الله لا تقيد أبدًا... وفي هذه الفترة كتب رسائله إلى كولوسي وفليمون وأفسس وفيلبي.
_____
(1) توضيح من الموقع: مخفورًا أي محروس (مُقادًا بالجراس) أو مُصاحَب:
escorted, under escort, guarded.الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/paul-life-58-63.html
تقصير الرابط:
tak.la/wzf2cs6