1- الحالة الفكرية:
لم تكن الفلسفة في القرن الأول الميلادي حدثًا جديدًا بل كان وراءها تاريخ طويل معقد. وكانت قد قطعت مراحل عدة في أبحاثها النظرية... وكان لدى الإغريق القدماء منذ زمن سحيق عبادات وثقافات لم تُشبع العقول الباحثة، فلجأت إلى تفكير جديد، وإلى أساليب من البحث والاستقلال، لعلها تبلغ الحق الذي تنشده...
كان بعض الفلاسفة الأولين ملحدين، لكن أكثرهم آمن بوجود إله في مكان ما، أو حتى آلهة كثيرة... على أنهم لم يعبأوا بما قد تحدثه معرفة ذلك الإله أو تلك الآلهة في أخلاق الناس وحياتهم العملية... وسخر الفلاسفة من القول بالوحي والإلهام... وحاولوا بالمشاهدة والتأمل، وبالعقل والفكر، أن يستكشفوا دخائل طبيعة الإنسان والكون المحيط به. ومن هؤلاء الفلاسفة المفكرين، برز جهابذة العقل الذي ابتكروا الآراء الجديدة، وجمعوا حولهم طوائف من التلاميذ والأتباع. وهكذا ظهرت "مدارس" الفكر المختلفة.
أخذ الرومان -سادة العالم وقتذاك- فلسفتهم عن الإغريق. لكنهم لم يقبلوها كما هي، بل أحدثوا فيها تعديلات وتحويرات حسبما استحسنت ملكاتهم العقلية وقواهم الفكرية، فأضافوا إليها وحذفوا منها ما أرادوا... فقد كان الروماني عمليًا في تفكيره، لا خياليًا. فأخذ من الفلسفة الإغريقية ما وجد فيه عونًا له في حياته العملية، وتوطيدًا لسلطانه وسيادته...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وقد ذاعت فلسفات متنوعة في القرن الأول المسيحي منها: الفلسفة الرواقية، والأبيقورية، وفلسفة المشائين أتباع أرسطو، والفيثاغورية، والأفلاطونية، والكلبية Cynicism وهي فلسفة ديوجينس(35)... على أن أهم تلك المدارس الفلسفية شأنًا في فجر المسيحية، كانت الأبيقورية والرواقية(36).
_____
(35) Latourette; A History of christianity, pp. 26, 27
(36) ذكرهما القديس لوقا في سفر أعمال الرسل، وتقابل بولس الرسول مع فلاسفتهما في أثينا (أع 17: 18).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/heathen-ideological.html
تقصير الرابط:
tak.la/nd3wav8