كانت الفلسفة الرواقية لدى الرومان في مستوى أرقى من الإغريق، ولم تكن مجرد فلسفة بل غدت دينًا اعترف بإله واحد، روح إلهي، منه تصدر كل الأشياء، وإليه مصيرها... وتؤمن الرواقية أن بكل إنسان شعاعة من الطبيعة الإلهية. ومهمة الإنسان أن يصون هذه الشعاعة، ويضرم نارها لتبقى مشتعلة منيرة... وتؤمن أن أعظم هبه وهبها الإنسان هي العقل. ومن ثم فإنه يحق للبشر أن يكونوا أبناء الله... وقد ألهبت هذه الفكرة نفوس الرواقيين، وأمدتهم بعزاء وهدى في حياتهم اليومية... وكانت الرواقية عقيدة الأقوياء وأصفياء النفوس، الذين مالوا بطبعهم إلى الخير، وإلى كل المعنويات الطيبة الجميلة... كما أكدت كثيرًا على ضبط النفس وترويضها وتنمية الحياة الداخلية، أو الحياة المتناسقة كما يدعوها فيلسوفهم الأول زينون... ولعل نواحي السمو في فلسفتهم ترجع إلى أن الفكرة المحورية عندهم هي الحياة بمقتضى الطبيعة. والطبيعة في اعتقادهم هي "اللوغس" أو العقل الكوني. وفي رأيهم أن العقل الإنساني ليس سوى جزء من هذا العقل الكوني...
لقد جاء أولئك المفكرون بأفضل ما لديهم، لكن لم تخرج جهودهم عن نطاق التفكير النظري، ولم تقو نظرياتهم على مغالبة الحياة وعثراتها... وثمة أمر هام يجب الإشارة إليه، وهو أن الفلسفة لم تكن يومًا لعامة الناس، الذين لم تقو مداركهم العقلية على تفهمها... وهكذا فشلت نظريات أولئك الفلاسفة المفكرون عن امتلاك عامة الناس، ولم تمس إلا عقول المفكرين والمثقفين وحدهم. هكذا وجدت المسيحية تربة حقل العالم مستعدة، لتزرع فيها زرعها الجيد، فأتى بثمر كثير...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/stoicism.html
تقصير الرابط:
tak.la/2hr9paj