7- دعوة للتصالح
ليتنا ننفتح معًا على عمل المسيح العظيم الخلاصي في إبعاده المتعددة ولا ننحبِس في رؤية ضيقة ووحيدة؟ ليتنا نحوّل التصارع إلى تصالح في شخص ربنا يسوع المسيح، ليتنا نتفاهم، ونتكامل في فهم سر المسيح، ليتنا نتضع قليلًا أمام الذي أخلى ذاته من أجلنا؟ ليتنا نقول أن معرفة ما عمله المسيح فينا بتجسده العظيم، هو سر يفوق العقول، ومعرفة حدوده القصوَى غير ممكنة في هذا العالم، ولكننا نرجوها في الحياة الأبدية.
فليكن لنا إيمان بغير فحص. وليكن لنا محبة بلا رياء. واقتراب بخشوع بلا كبرياء، نحو سر المسيح، الذي ليس له استقصاء.
فالله، سر، لا ينتهي الإنسان من فهمه.
لقد قَدَّم الآباء في الشرق والغرب، في القرون الأولى رؤى متنوعة، متكاملة، ويجب علينا أن لا نهملها، ولا نزدري بها، بل نقبل ما يتناسب مع ميراثنا الإيماني، المسلم مرة للقديسين المكتوب في الإنجيل، والمُصلَى به في الليتورجيا، والمشهود عنه في تاريخ كنيستنا، من خلال آبائنا وقديسينا.
"وكما سبق أن ذكرت، فإن الكنيسة إذ قد استلمت هذه الكرازة، وهذا الإيمان، رغم أنها (الكنيسة) مُبعثرة في العالم كله، إلاَّ أنها تحفظ هذا الإيمان، كما لو كانت تسكن بيتًا واحدًا. كما أنها تعتقد بهذه النقاط (في التعليم)، كما لو كانت نفسًا واحدة، ولها ذات القلب الواحد، وتكرز بهذه التعاليم وتعلّمها وتسلّمها، بتوافق كامل، كما لو كان لها فم واحد. فرغم أن لغـات العالم غير متماثلة، إلاَّ أن مضمون التقليد واحد وهو هو نفسه، لأن الكنائس التي تأسست في ألمانيا، لا تؤمن ولا تسلم بأي شيء مختلف، ولا الكنائس التي في أسبانيا، أو التي في الغال، أو التي في الشرق، أو تلك التي في مصر، أو ليبيا.. كما أن الشمس التي خلقها الله، هيَ واحدة، وهيَ نفس الشمس في كل العالم، هكذا أيضًا فإن كرازة الحق تضيء في كل مكان.. ولن يعلم أي واحد من الرؤساء في الكنائس، مهما كان موهوبًا جدًا، من جهة الفصاحة، أية تعاليم مختلفة عن هذه (فليس أحد أنظم من المعلم "المسيح"). ومن الجهة الأخرى، لن يستطيع مَن هو ضعيف في التعبير أن يسبب أي أذى للتقليد. لأن الإيمان لكونه دائمًا واحدًا وغير متغيّر، فلن يستطيع مَن له القدرة أن يتحدث عنه كثيرًا، أن يضيف إليه شيئًا، كما أن من لا يمكنه أن يتحدث عنه إلاَّ القليل، لن ينقص منه شيئًا"(255).
ولنا مثال في ذلك، قديسنا العظيم البابا أثناسيوس الرسولي، عندما كتب عن الخلاص وهو يشرح سر التجسد، في كتابه الشهير "تجسد الكلمة"، لم يهمل تراث سابقيه، بل استفاد منهم جميعًا، ولم يتجاهل أي وجه من هذا الميراث الإيماني العظيم. طالما تتفق مع ما استقر في وجدان الكنيسة، وتاريخها، وليتورجياتها.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
فأكد في كتاب "تجسد الكلمة" على مبررات التجسد، وأشار إلى:
* تجديد وشفاء الطبيعة البشرية، وإعادة خلق الإنسان.
* معرفة الله، والاتحاد به، إدراك الإنسان لله الآب، واستعادة التبني لله الآب.
* دَفْع الدين بتقديم الكلمة نفسه ذبيحة مقبولة على الصليب، عن خلاص جنسنا. لأن الموت مرتبط بالخطية كعقوبة.
_____
(255) الكتاب الأول من ضد الهرطقات للقديس إيرينيوس، مركز دراسات الآباء، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد، 2019 (ص. 54-55). وهذا الرأي يُفنِّد فكرة الصراع بين الشرق والغرب في العصور الأولى.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/you-desired-to-renew-him/reconciliation.html
تقصير الرابط:
tak.la/x2a75xm