2- خطأ المنهج الانعزالي:
إن الكنيسة المقدسة هي جسد المسيح.. وكلنا أعضاء في هذا الجسد، بدون تحزب أو تقوقع... الجميع مفتوحون على بعضهم البعض... "هذه الكائنة من أقاصي المسكونة إلى أقاصيها" بل والمُمتدة من الأرض إلى السماء، تجمَّع في داخلها كل المؤمنين في السماء وعلى الأرض بدون تمييز.
أما هذه الجماعات، فهي تنظر إلى نفسها على أنها كيان خاص متميز... (تلامذة فلان)... ويعطون لأنفسهم اسمًا يُميزهم عن باقي المؤمنين كجماعة خاصة لها كيان خاص وتكوين خاص وفكر خاص. وينظرون إلى باقي المسيحيين، على أنهم مزيفون... ولن يخلص إلا من يدخل هذه الجماعة المتقوقعة والمعزولة (التي عزلت نفسها فكريًا عن باقي نسيج الكنيسة)...
هؤلاء يصفهم القديس بولس بكلمة "وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ التَّحَزُّبِ وَلاَ يُطَاوِعُونَ لِلْحَقِّ بَلْ يُطَاوِعُونَ لِلإِثْمِ فَسَخَطٌ وَغَضَبٌ" (رو2: 8).
وتكون النتيجة أن المُنتمي لهذه الجماعات يحتقر أصدقاءه وأسرته وكنيسته والآباء الكهنة والكل، وبدون سبب "...إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلاَ سَبَبٍ" (يو15: 25).
وتظن هذه الجماعة في نفسها أن الله اختصها برسالة خاصة!!
"لأَنَّهُ إِنْ ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ شَيْءٌ وَهُوَ لَيْسَ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَغِشُّ نَفْسَهُ" (غل 6: 3)، "لاَ يَخْدَعَنَّ أَحَدٌ نَفْسَهُ..." (1كو3: 18).
يجب أن يتضع الإنسان ويعرف قدر نفسه "فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْرِفُ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا بَعْدُ كَمَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ!" (1كو8: 2).
لقد حارب السيد المسيح هذه الروح المتكبرة التي تجعل الكنيسة مليئة بالنتوءات "وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هَذَا الْمَثَلَ" (لو18: 9).
"فَقَالَ لَهُمْ: أَنْتُمُ الَّذِينَ تُبَرِّرُونَ أَنْفُسَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ! وَلَكِنَّ اللهَ يَعْرِفُ قُلُوبَكُمْ. إِنَّ الْمُسْتَعْلِيَ عِنْدَ النَّاسِ هُوَ رِجْسٌ قُدَّامَ اللهِ" (لو16: 15)، لمثل هؤلاء المُنعزلين نُهدي قول معلمنا بولس الرسول "إِنْ وَثِقَ أَحَدٌ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ لِلْمَسِيحِ، فَلْيَحْسِبْ هَذَا أَيْضًا مِنْ نَفْسِهِ: أَنَّهُ كَمَا هُوَ لِلْمَسِيحِ، كَذَلِكَ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمَسِيحِ!" (2كو10: 7)، إنهم بِبُغْضهم للآخرين يتساوون مع أعداء الإيمان الذين قيل عنهم "سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً للهِ" (يو16: 2). وطبعًا لا يُخفَى على القارئ خطورة انتشار هذه الروح المليئة بالكبرياء والإحساس بالتميُّز.
ويصير لهذه الجماعة الخاصة اجتماعات خاصة، وشرائط كاسيت خاصة، وتعليم خاص... واتصالات سرية... ويتم التنبيه عليهم أن يقرأوا لفلان من الكُتَّاب، ولا يقرأوا لباقي الناس... الخ.
إنهم يصيرون كمثل بؤرة صديدية في جسم الكنيسة، أو كمثل ورم خبيث لا يتآلف مع باقي أنسجة الجسم... وأصلح علاج له هو الاستئصال.
"اهربوا يا أولاد النور الحقيقي، من الانقسامات والعقائد الفاسدة، اتبعوا راعيكم كالخراف، اتبعوه حيث يكون، ما أكثر الذئاب التي تحاول أن تَأسِر باللذة الشريرة أولئك الذين يجتازون طريق الرب، لا مجال لمثل هؤلاء في وحدتكم" (القديس أغناطيوس الثيؤفوروس).
إن الانعزالية والتحوصل هي التعبير المباشر عن الكبرياء، وإحساس التميُّز، واحتقار الآخرين، وإدانتهم... وكل هذا ليس من روح المسيح.
لذلك فالخادم الصادق يجتهد أن يحفظ الروح الجماعية والشركة والاندماج مع كل الكنيسة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... بكل اتضاع وخضوع وحب وتقدير للكبير وللصغير.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/vanity-of-heretics/isolation-is-wrong.html
تقصير الرابط:
tak.la/y8zjsnt