St-Takla.org  >   books  >   anba-raphael  >   christ-in-genesis
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المسيح في سفر التكوين - الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة

11- شجرة الحياة

 

"وقالَ الرَّبُّ الإلهُ: هوذا الإنسانُ قد صارَ كواحِدٍ مِنّا عارِفًا الخَيرَ والشَّرَّ. والآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ ويأخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الحياةِ أيضًا ويأكُلُ ويَحيا إلَى الأبدِ" (تك3: 22).

لقد أشفق الله على الإنسان، وأراد له ألاَّ يحيا إلى الأبد وهو في حالة الفساد.. بل دبّر أن يُعالجه أولًا، ويشفيه من الفساد.. وذلك بتجسد كلمة الله، ثم بعد ذلك يسمح له أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله، التي هي بالحقيقة "جسد الرب يسوع ودمه الطاهر".

فقد قيل عن شجرة الحياة إن مَنْ يأكل منها "يَحيا إلَى الأبدِ" (تك3: 22)، وكذلك قيل: ومَنْ يأكل جسد الرب ويشرب دمه يحيا إلى الأبد.. "مَنْ يأكُلُ جَسَدي ويَشرَبُ دَمي فلهُ حياةٌ أبديَّةٌ، وأنا أُقيمُهُ في اليومِ الأخيرِ" (يو6: 54).

إن شجرة معرفة الخير والشر هي الطعام البائد، أما شجرة الحياة فهي الطعام الباقي للحياة الأبدية.. "اِعمَلوا لا للطَّعامِ البائدِ، بل للطَّعامِ الباقي للحياةِ الأبديَّةِ الذي يُعطيكُمُ ابنُ الإنسانِ، لأنَّ هذا اللهُ الآبُ قد خَتَمَهُ" (يو6: 27).

ويمكن أن نفهم ما هي شجرة الحياة الحقيقية عندما نقرأ قول السيد المسيح: "لأن خُبزَ اللهِ هو النّازِلُ مِنَ السماءِ الواهِبُ حياةً للعالَمِ" (يو6: 33)، وهذا الخبز هو ربنا يسوع المسيح نفسه:

* "أنا هو خُبزُ الحياةِ. مَنْ يُقبِلْ إلَيَّ فلا يَجوعُ، ومَنْ يؤمِنْ بي فلا يَعطَشُ أبدًا" (يو6: 35).

St-Takla.org Image: The tree of life (Genesis 2:9) صورة في موقع الأنبا تكلا: شجرة الحياة (تكوين 2: 9)

St-Takla.org Image: The tree of life (Genesis 2:9)

صورة في موقع الأنبا تكلا: شجرة الحياة (تكوين 2: 9)

* "لأنَّ هذِهِ هي مَشيئَةُ الذي أرسَلَني: أنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الاِبنَ ويؤمِنُ بهِ تكونُ لهُ حياةٌ أبديَّةٌ، وأنا أُقيمُهُ في اليومِ الأخيرِ" (يو6: 40).

* "الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: مَنْ يؤمِنُ بي فلهُ حياةٌ أبديَّةٌ. أنا هو خُبزُ الحياةِ. آباؤُكُمْ أكلوا المَنَّ في البَريَّةِ وماتوا. هذا هو الخُبزُ النّازِلُ مِنَ السماءِ، لكَيْ يأكُلَ مِنهُ الإنسانُ ولا يَموتَ. أنا هو الخُبزُ الحَيُّ الذي نَزَلَ مِنَ السماءِ. إنْ أكلَ أحَدٌ مِنْ هذا الخُبزِ يَحيا إلَى الأبدِ. والخُبزُ الذي أنا أُعطي هو جَسَدي الذي أبذِلُهُ مِنْ أجلِ حياةِ العالَمِ" (يو6: 47-51).

هنا يُعلن ربنا يسوع المسيح بكل وضوح أنه هو شجرة الحياة، وهو خبز الحياة، الأفضل من المَن، الذي أكله الشعب في البرية، وكان مجرد رمز ولم يكن هو الحياة.. بدليل أن الآباء أكلوا منه، ثم ماتوا.. أما مَنْ يأكل جسد المسيح فإنه يحيا إلى الأبد.

وقد يظن البعض أن الأكل من جسد المسيح هو مجرد كلام معنوي كمثلما نأكل كلامه..

* "وُجِدَ كلامُكَ فأكلتُهُ" (إر15: 16).

* "ما أحلَى قَوْلكَ لحَنَكي! أحلَى مِنَ العَسَلِ لفَمي" (مز119: 103).

* "أحلَى مِنَ العَسَلِ وقَطرِ الشهادِ" (مز19: 10).

ولكن السيد المسيح أكّد بقوله له المجد إن "الخُبزُ الذي أنا أُعطي هو جَسَدي الذي أبذِلُهُ مِنْ أجلِ حياةِ العالَمِ" (يو6: 51). أي أننا سننال هذه الحياة إذا أكلنا جسده الحقيقي، وشربنا دمه الحقيقي.

وعندما انزعج اليهود من هذا التفسير وتساءلوا بخصوصه.. "كيفَ يَقدِرُ هذا أنْ يُعطيَنا جَسَدَهُ لنأكُلَ؟" (يو6: 52).. أكّد السيد المسيح أننا لابد أن نأكل جسده ونشرب دمه بالحق وليس بالرمز أو الذكرى أو بأي تفسير آخر غير أنه حق..

* "الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنْ لم تأكُلوا جَسَدَ ابنِ الإنسانِ وتشرَبوا دَمَهُ، فليس لكُمْ حياةٌ فيكُم. مَنْ يأكُلُ جَسَدي ويَشرَبُ دَمي فلهُ حياةٌ أبديَّةٌ، وأنا أُقيمُهُ في اليومِ الأخيرِ، لأنَّ جَسَدي مأكلٌ حَقٌّ ودَمي مَشرَبٌ حَقٌّ. مَنْ يأكُلْ جَسَدي ويَشرَبْ دَمي يَثبُتْ فيَّ وأنا فيهِ. كما أرسَلَني الآبُ الحَيُّ، وأنا حَيٌّ بالآبِ، فمَنْ يأكُلني فهو يَحيا بي. هذا هو الخُبزُ الذي نَزَلَ مِنَ السماءِ. ليس كما أكلَ آباؤُكُمُ المَنَّ وماتوا. مَنْ يأكُلْ هذا الخُبزَ فإنَّهُ يَحيا إلَى الأبدِ" (يو6: 53-58).

لذلك صار ما يُميّز العهد الجديد أننا نأكل جسد الرب، ونشرب كأسه المُقدَّسة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.. "هذِهِ الكأسُ هي العَهدُ الجديدُ بدَمي الذي يُسفَكُ عنكُمْ" (لو22: 20).

وهذا أيضًا ما كرره بنفس النص مُعلِّمنا بولس الرسول.. "هذِهِ الكَأسُ هِي العَهدُ الجَديدُ بِدَمِي" (1كو11: 25). أي أنه لا يوجد عهد جديد بدون هذا الكأس.

إن ربنا يسوع المسيح هو شجرة الحياة التي نأكل منها الآن في الإفخارستيا ولا نموت.. وكانت شجرة الحياة التي في "وسطِ الجَنَّةِ" (تك2: 9) هي رمزًا لشخصه القدوس المُبارك.

وهناك أيضًا وعد بأن نغتذى منه في الأبدية..

* "مَنْ يَغلِبُ فسأُعطيهِ أنْ يأكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الحياةِ التي في وسطِ فِردَوْسِ اللهِ" (رؤ2: 7).

* "في وسطِ سوقِها وعلَى النَّهرِ مِنْ هنا ومِنْ هناكَ، شَجَرَةُ حياةٍ تصنَعُ اثنَتَيْ عَشرَةَ ثَمَرَةً، وتُعطي كُلَّ شَهرٍ ثَمَرَها، ووَرَقُ الشَّجَرَةِ لشِفاءِ الأُمَمِ" (رؤ22: 2).

إن المسيح هو حياتنا كلنا، وبدونه لا يوجد حياة..

* "إلَى مَنْ نَذهَبُ؟ كلامُ الحياةِ الأبديَّةِ عِندَكَ" (يو6: 68).

* "مع المَسيحِ صُلِبتُ، فأحيا لا أنا، بل المَسيحُ يَحيا فيَّ. فما أحياهُ الآنَ في الجَسَدِ، فإنَّما أحياهُ في الإيمانِ، إيمانِ ابنِ اللهِ، الذي أحَبَّني وأسلَمَ نَفسَهُ لأجلي" (غل2: 20).

لذلك قال السيد المسيح له المجد بفمه الطاهر: "مَنْ يأكُلني فهو يَحيا بي" (يو6: 57).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-raphael/christ-in-genesis/tree-of-life.html

تقصير الرابط:
tak.la/523k559