(3) القديس أغناطيوس أسقف أنطاكية:
القديس أغناطيوس أسقف أنطاكية سنة 70م، له كتابات تحذر من التعامل مع أناس هراطقة فرضوا أنفسهم على المجتمع الكنسي، وكأنهم آباء شرعيون، مع أنهم مزيفون.. فيقول:
* "احذروا ممَنْ هم على هذه الشاكلة، وذلك بتجنبكم الكبرياء، وباتحادكم مع ربنا يسوع المسيح ومع الأسقف ومع تعاليم الرسل". أي احذروا الانشقاق عن الأسقف الذي يُمثل حضور السيد المسيح في كنيسته، وباتحادكم معه تكونون متحدين بالمسيح نفسه.
* "مَنْ كان داخل المذبح فهو النقي، ومَنْ عمل خارج إرادة الأسقف والقساوسة والشمامسة فضميره غير نقي" (الفقرة السابقة من رسالته إلى أهل تراليا).
* "ابتعدوا عن هذه الأغصان الطفيلية (غير المزروعة بيد الآب(1)).. لأنها تحمل أثمارًا سامة، تقتل كل مَنْ يتذوقها فورًا. لم تكن هذه الأغصان من غرس الآب، لو كانت من غرسه لظهرت فروعًا للصليب، وكانت ثمارها غير فاسدة" (الفقرة 11 من نفس الرسالة).
فروع الصليب هي السيامات القانونية التي تُقام باختيار وموافقة الكنيسة، ليحملوا الصليب مع المسيح خلال رعاية كَرْم الرب.
أما ذلك "الذي لا يَدخُلُ مِنَ البابِ إلَى حَظيرَةِ الخِرافِ، بل يَطلَعُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فذاكَ سارِقٌ ولصٌّ" (يو 1:10)، ويكون دخوله إلى القطيع من أجل الرياسة والأبهة والألقاب وتقبيل الأيادي وقبول الميطانيات، وليس لحمل صليب الخدمة.. وهذا تكون ثماره فاسدة مثله، لأنها ثمار التفريق والانزعاج والتشكيك وخلق النزاع والانشقاق في كنيسة الله.
السيامة القانونية تجلب الناس إلى الكنيسة، أما السيامة الباطلة والادعاء الباطل فيجذب الناس بعيدًا عن الكنيسة وحضن المسيح.. هذه هي الثمار الفاسدة التي يقصدها القديس أغناطيوس الأنطاكي.
وفي رسالة للقديس أغناطيوس إلى أهل "فيلادلفيا" حذرهم من نفس الخطر.. إذ قال:
* "اهربوا يا أولاد النور الحقيقي، من الانقسامات والعقائد الفاسدة، اتبعوا راعيكم كالخراف. اتبعوه حيث يكون. ما أكثر الذئاب التي تحاول أن تأسر باللذة الشريرة، أولئك الذين يجتازون طريق الرب. لا مجال لمثل هؤلاء في وحدتكم" (الفقرة الثانية).
* "ابتعدوا عن الحشائش السامة، التي لا يحرسها المسيح، لأنها ليست من أغراس الرب. مَنْ اتبع الشقاق، لا يرى ملكوت الله، ومَنْ اتبع فكرة غريبة، لا ينسجم مع آلام المسيح" (الفقرة الثالثة).
الكنيسة واحدة لا يجوز فيها الشغب والانقسام، لأن عريسها واحد هو المسيح.. "فإني أغارُ علَيكُمْ غَيرَةَ اللهِ، لأني خَطَبتُكُمْ لرَجُلٍ واحِدٍ، لأُقَدمَ عَذراءَ عَفيفَةً للمَسيحِ" (2كو 2:11)، ورأسها واحد هو المسيح الواحد.. "لأنَّ الرَّجُلَ هو رأسُ المَرأةِ كما أنَّ المَسيحَ أيضًا رأسُ الكَنيسَةِ، وهو مُخَلِّصُ الجَسَدِ" (أف 23:5). والسيد المسيح يرغب أن تكون كنيسته واحدة بغير انقسام أو انشقاق..
- "ولي خِرافٌ أُخَرُ ليستْ مِنْ هذِهِ الحَظيرَةِ، يَنبَغي أنْ آتيَ بتِلكَ أيضًا فتسمَعُ صوتي، وتكونُ رَعيَّةٌ واحِدَةٌ وراعٍ واحِدٌ" (يو 16:10).
- "ليكونَ الجميعُ واحِدًا، كما أنَّكَ أنتَ أيُّها الآبُ فيَّ وأنا فيكَ، ليكونوا هُم أيضًا واحِدًا فينا، ليؤمِنَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلتني" (يو 21:17).
* "إياكم والاشتراك إلاَّ في سر الشكر الواحد، لأنه لا يوجد غير جسد واحد لربنا يسوع المسيح، وكأس واحد توحدنا بدمه، ومذبح واحد، كما يوجد أسقف واحد مع القساوسة والشمامسة ورفقائي في الخدمة، وهكذا تتممون في كل شيء إرادة الله" (الفقرة الرابعة).
يوجد أسقف واحد لكل إيبارشية، ولا يجوز لأحد أن يدّعى أنه أسقف من ذاته على نفس الإيبارشية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.
والأسقف يرمز لوحدانية وجامعية الكنائس المحلية، فلا يجوز أن يكون هناك أسقفان لإيبارشية واحدة، (إلاَّ إذا كان أسقف للإيبارشية وآخر مساعد له بموافقته وشركته بسبب ظروف السن أو المرض أو إتساع الإيبارشية).
* "لا يقطن الله حيث يكون الغضب والشقاق. الله يغفر لكل التائبين بشرط أن تقودهم توبتهم إلى الوحدة مع الله ومع مَجمَع الأسقف" (الفقرة الثالثة).
ولقد أُثيرت مشكلة أخرى عالجها القديس أغناطيوس وهي أن بعض المؤمنين اعتقدوا بأنه من غير الضروري أن يشتركوا في الإفخارستيا التي يُقيمها أسقف المنطقة، وأقدموا على تكوين جماعات تقسم الكنيسة، وتقيم قداسات خاصة بهم. فكتب إليهم:
* "لا تأتوا عملًا يخص الكنيسة بدون الأسقف. الإفخارستيا الشرعية هي التي تتم بواسطة الأسقف، أو مَنْ ينتدبه الأسقف" (سميرنا 1:8).
* "حيثما يكون الأسقف فهناك الرعية، كما أنه حيثما يكون المسيح فهناك تكون الكنيسة الجامعة" (سميرنا الفقرة الثالثة).
_____
(1) "فأجابَ وقالَ: "كُلُّ غَرسٍ لم يَغرِسهُ أبي السماويُّ يُقلَعُ" (مت 13:15).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/apostolic-succession/ignatius.html
تقصير الرابط:
tak.la/p74ryr5