“طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ الله” (مت5: 8)، لكي يقتنى الإنسان نقاوة القلب؛ لا بُد له أن يقتنى نقاوة الحواس أولًا. أي يحفظ حواسه الجسدية من العثرات والشرور، وأن يمتلئ من الروح القدس، وتتقوى حواسه الروحية وتنمو، وتصير قادرةً على التطلع نحو السماويات.
القلب النقى لا يشتهى شرًا، بل يشتهى معرفة الله. ولا يحمل ضغينة أو كراهية، بل يمتلئ بالحب.. شهوته دائمًا هي الخير؛ مثل قول الكتاب “شَهْوَةُ الأَبْرَارِ خَيْرٌ فَقَطْ” (أم11: 23).
يستطيع الإنسان الروحي أن يعاين ملكوت الله بالبصيرة الروحية، وبدون نقاوة القلب لا يستطيع أن يعاين الله الذي قال: “طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ” (مت5: 8). فإلى جوار عينى الإنسان الجسديتين يمكنه أن يرى بعينى قلبه؛ مثلما يُقال في الكلام الدارج: "قلبي حاسس بالشيء الفلاني" فمن الممكن للقلب أن يرى؛ وليس العينان فقط. وكذلك ممكن أن يدخل الملكوت من هو أعمى بالجسد، لو كانت لديه العين الروحية التي يستطيع بها أن يعاين الأمجاد السماوية، ولذلك قال السيد المسيح: “لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هَذَا الْعَالَمِ حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ” (يو9: 39). ولذلك؛ القديسون في صلواتهم فيما يغمضون أعينهم؛ يعاينون أحيانًا مناظرًا سماوية. ومن المحتمل أن يروا تلك المناظر أثناء نومهم أيضًا.. وما أكثر الأنبياء والقديسين الذين رأوا رؤى أثناء نومهم وأعينهم مغلقة، يرون بأعين قلوبهم وعقولهم وأرواحهم إعلانات سمائية.
ليس هذا فقط بالنسبة للقديسين، إنما أيضًا يذكر الكتاب المقدس أن فرعون رأى في نومه حلمًا وقد فسّره له القديس يوسف الصديق، إذ رأى سبع بقرات سمينة وسبع بقرات هزيلة رقيقة اللحم.. (انظر تك41: 17-36). ونبوخذنصر رأى حلمًا أثناء الليل، تمثالًا عظيمًا رأسه من الذهب، وصدره وذراعاه من الفضة، وبطنه وفخذاه من النحاس، وساقاه من الحديد، وقدماه بعضها من الحديد والبعض من الخزف. وإذ بحجرٍ قُطع بغير يدٍ فضرب التمثال وسحقه.. وتحيّر الملك جدًا ولم يجد من يفسر له هذا الحلم إلا دانيال النبي (انظر دا 2).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/five-senses/spiritual-insight.html
تقصير الرابط:
tak.la/s24bjm4