قال السيد المسيح للآب: "أنا أظهرت اسمك للناس" (يو17: 6). وقال له أيضًا: "وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 26). وهذا القول الأخير قاله عن تلاميذه القديسين الذين طلب من الآب من أجلهم لكي يكونوا معه في مجد ملكوته.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا: ما معنى أن السيد المسيح قد أظهر اسم الآب للناس؟
في الحقيقة إن الله كان معروفًا قبل مجيء السيد المسيح في الجسد باسم "يهوه" وهو دلالة على الكينونة، وباسم "أدوناي" بمعنى السيد، وبأسماء أخرى كثيرة كان اليهود يوقرونها بأساليب متنوعة.. ولكن كلها تشير إلى السيد الكائن القدير الذي هو الإله الحقيقي بين جميع الآلهة.
أما الاسم الذي كان يحلو للسيد المسيح أن يطلقه عليه فهو اسم "الآب" لأن السيد المسيح قد أظهر لنا معرفة الثالوث القدوس.
فالله الآب هو أبو ربنا يسوع المسيح. وليس هناك آب بدون ابن ولا ابن بدون آب.
وتعبير "الآب"يشرح العلاقة الأزلية القائمة على الحب بين الآب وابنه الوحيد كلمة الله المولود من الآب قبل كل الدهور. وهو نفس الحب المتبادل بين الأقانيم الثلاثة: الآب والابن والروح القدس المنبثق من الآب.
كما أن تعبير الآب وهو من الناحية اللغوية يعني "الأصل" إلا أنه يشير إلى أبوة الله التي تتحقق أزليًا بولادته للابن الوحيد، كما أنها تتحقق في الزمن بعنايته ومحبته للخليقة.
لقد أعلن السيد المسيح أبوة الله العجيبة حينما قال لنيقوديموس: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16).
والمقصود في هذه العبارة أنه إلى هذه الدرجة غير الموصوفة أحب الله الآب العالم حتى بذل ابنه الوحيد الجنس.
كان أعظم إعلان عن أبوة الله الحقيقية هو في سعيه من أجل خلاص البشر، بالرغم من التعدي والسقوط الذي حدث بغواية إبليس.
وقد تغنى إشعياء النبي بهذه الحقيقة فقال: "هوذا الله خلاصي فأطمئن ولا أرتعب لأن ياه يهوه قوتي وترنيمتي وقد صار لي خلاصًا. فتستقون مياهًا بفرح من ينابيع الخلاص" (إش12: 2، 3).
إن يسوع هو يهوه المخلص وهذا هو معنى اسمه في اللغة العبرية "يهوه خلّص". كما قال الملاك: "وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (مت21:1).
ومعنى كلمة إشعياء أن "يهوه قد صار لي خلاصًا" أي أن الله هو نفسه صار لنا خلاصًا، والمقصود هنا "الله الابن" أي "الله الكلمة" الذي تجسد وصار لنا خلاصًا.
فالله الآب قد أحب العالم وأرسل ابنه الوحيد الذي هو الله الكلمة بالحقيقة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وكان السيد المسيح يردد دائمًا عبارة "أنا هو" وهي نفسها "أهيه" باللغة العبرية أو ἐγώ εἰμί إيجو إيمي" باللغة اليونانية، وهي "I am he" باللغة الإنجليزية في ضمير المتكلم في الزمن المضارع.
وتصير "يهوه" بمعنى "كائن" أو "هو يكون He is " في ضمير المفرد الغائب في الزمن المضارع.
من كان يستطيع أن يظهر الله غير المنظور إلا كلمة الله الذي ظهر في الجسد معلنًا أبوة الله الحقيقية.
لهذا قال السيد المسيح: "أنا أظهرت اسمك للناس" (يو17: 6).
وإظهار هذا الاسم ليس هو مجرد فكرة يفهمها الإنسان، ولكنها حياة يختبرها ويتذوقها إذا فتح قلبه للإيمان بالمسيح. لهذا قال عن تلاميذه: "عرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 26).
إن معرفة اسم الآب هو بداية انفتاح قلب الإنسان ليتدفق فيه نهر الحياة.. ذلك الحب العجيب المتدفق الذي يختبره الإنسان حينما يحب الآب بالابن في الروح القدس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/your.html
تقصير الرابط:
tak.la/c3jptnd