في ظهور السيد المسيح لتلاميذه بعد القيامة كان يردد قوله المبارك: "سلام لكم" (يو20: 19، 21، لو24: 36، مت28: 9). وهي نفس العبارة التي يرددها الأب الأسقف أو الأب الكاهن في الصلوات الليتورجية وخاصة صلاة القداس الإلهي.
هذا السلام الذي وعد السيد المسيح به تلاميذه حينما قال: "سلامًا أترك لكم، سلامي أعطيكم ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا" (يو14: 27).
إنه سلام المصالحة مع الله بالفداء الذي صنعه السيد المسيح على الصليب، وعبر عنه بعد القيامة المجيدة.. السلام الناشئ عن غفران الخطايا التي تزعج القلب وتقلق الضمير.
هو سلام الاطمئنان على مصير الإنسان بعد أن ملك الموت أجيالًا كثيرة، وجاء السيد المسيح لكي يحرر الإنسان من سلطانه ويعلن انتصاره عليه بالقيامة.
هو سلام الله الذي يفوق كل عقل.. الذي يتخطى كل الحواجز والمخاوف والأوهام ومضايقات الشيطان وأعوانه.. يتخطى كل المؤامرات والأحقاد، وقوات الشر المنظورة وغير المنظورة، ويمنح القلب طمأنينة في أحضان الله القادر على كل شيء.
إن فقدان السلام يُفقد الإنسان قدراته الإبداعية.. الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله في البر وقداسة الحق.. حينما يفقد سلامه: يفقد رونقه، يفقد قدرته، يختل أداؤه، ولا يستطيع أن يمجد الله كما كان مقدَّرًا له أن يفعل.
القديسون الذين تمتعوا بسلام الله في قلوبهم، وصاروا نورًا للعالم، ومسكنًا للروح القدس، وأداة لإظهار عمل الله وتمجيد اسمه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. اجتذبوا الآخرين إلى محبة الحق بسبب عطية السلام التي فيهم.. ومن دعاه الله لخدمة المصالحة، كان يسعى كسفير للمسيح يدعو الناس ليتصالحوا مع الله (انظر 2كو5: 20).
خدمة الكهنوت هي خدمة المصالحة.. هي خدمة مغفرة الخطايا.. فلهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تُغفر له" (يو20: 21-23).
لقد أعطاهم موهبة الكهنوت وغفران الخطايا قبل أن يرسلهم ليخدموا خدمة المصالحة. ولكنه في البداية قال لهم: "سلام لكم".
وصار الرسل يرددون هذا القول الجميل في كل صلاة سرائرية للمصالحة "سلام لكم" باللغة القبطية (Irhnh paci إيرينى باسي).
صارت الكنيسة تردد هذه العبارة التي تعني منح عطية السلام من الرب القائم من الأموات، الذي افتدانا واشترانا لله بدمه.. الذي دفع ثمن خطايانا على الصليب وعبر بنا من الدينونة إلى المصالحة، ومن الموت إلى الحياة بموته المحيي وقيامته المجيدة من الأموات.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/to-you.html
تقصير الرابط:
tak.la/cwgrha3