قال قداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياته- إن السيد المسيح [بموته قد حل مشكلة الخطية، وبقيامته قد حل مشكلة الموت] بالنسبة للإنسان..
فالموت قد دخل إلى العالم لسبب الخطية، فكان لابد أن تحل مشكلة الخطية أولًا، قبل أن تُحل مشكلة الموت.
ولهذا لم يرغب السيد المسيح أن يكون انتصاره على الموت هو بتغلبه عليه دون أن يموت. بمعنى أن لا يتأثر بالجلدات والمسامير والأشواك والصلب وسفك دمه.
الانتصار بهذه الصورة كان سيحسب للمسيح شخصيًا، وليس فيه تكفير ولا غفران لخطايا البشر.
كان باستطاعته أن يفعل ذلك بسلطان لاهوته، ولكنه لم يأتِ إلى العالم لكي ينتصر على الموت لحساب نفسه فقط، دون أن ننتفع نحن شيئًا..
ولكن السيد المسيح قد انتصر على الموت بطريقة أخرى، وهي أن يقدِّم نفسه ذبيحة تكفيرًا لخطايانا، ثم يقوم متحررًا من سلطان الموت. لأنه "لم يكن ممكنًا أن يُمسك منه" (أع2: 24).
لقد مات عن آخرين وليس لسبب خطايا شخصية تخصه، بل لسبب خطايا آخرين. كما هو مكتوب بالنبي القائل: "جعل نفسه ذبيحة إثم.. حمل خطية كثيرين، وشفع في المذنبين" (إش53: 10، 12).
فلأن الموت الذي ماته هو عن آخرين، ليُوفَي الدَّيْن الذي عليهم.. لهذا قام بحسب استحقاق بره الشخصي: ليعلن الله بهذا أنه وجد كل مسرته في البار القدوس، الذي قدّم طاعة كاملة حتى الموت.
ففي الموت أوفى دَيْن الخطايا الذي لآخرين.. وفي القيامة أعلنت برارته الشخصية كقدوس بلا خطية. لهذا قال معلمنا بولس الرسول إن المسيح قد "أُسلم من أجل خطايانا، وأُقيم لأجل تبريرنا" (رو4: 25).
في الموت دُفع ثمن الخطية، وفي القيامة أُعلن بر الذبيحة التي قُدمت وبها قد تبررنا. وفي هذا ينطبق تمامًا كلام معلمنا بولس الرسول: "كما بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة" (رو5: 18)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. و"لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد، فبالأولى كثيرًا الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح" (رو5: 17). وفي حديثه هذا تحدث عن "آدم الذي هو مثال الآتي" (رو5: 14).
وعقد مقارنة جميلة بين آدم والمسيح كما ذكرنا، وكما أكدّ القديس بولس مرارًا فقال: "لأنه إن كان بخطية واحد مات الكثيرون. فبالأولى كثيرًا نعمة الله والعطية بالنعمة التي بالإنسان الواحد يسوع المسيح قد ازدادت للكثيرين" (رو5: 15).
وأكثر من هذا فقد أوضح معلمنا بولس الرسول أن هبات الله قد تفاضلت جدًا، أكثر مما استوجبته خطية الواحد الذي هو آدم الأول من عقوبة. لأن الملك الذي يعاقب يكتفي بوفاء الدَّيْن فقط. أما الملك حينما يعطي هبة فإنه يعطي بحسب غناه في المجد.. وبحسب كرم الملك.
وعاد القديس بولس يؤكد: "وليس كما بواحد قد أخطأ هكذا العطية. لأن الحكم من واحد للدينونة، وأما الهبة فمن جرى خطايا كثيرة للتبرير" (رو5: 16).
إن ذبيحة الصليب في قيمتها قد فاقت كل مديونية آدم وبنيه.. لأن قيمتها غير محدودة إذ هي ذبيحة الله الكلمة المتجسد.. لهذا قال: "ليس كالخطية هكذا أيضًا الهبة".
ما الذي يمكن أن نصف به محبتك يا رب؟ حقًا ليس شيء من النطق يستطيع أن يحد لجة محبتك للبشر.. إن الأزمنة كلها لن تكفي لكي نوفيك حقك من الشكر. لهذا فالأبدية سوف تمتد بلا حدود حيث تشكرك كل الخليقة معًا من أجل عظم صنيعك غير الموصوف.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/resurrection.html
تقصير الرابط:
tak.la/4z3x5ka