كان اسم "الآب"هو محور كبير في مناجاة السيد المسيح قبل الصليب المدونة في (يو 17) وقد ورد ذكره عشر مرات في هذه المناجاة أحيانًا بقوله "أيها الآب" (ست مرات) وأحيانًا بقوله "اسمك" (أربع مرات).
مثلما قال "أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم" (يو17: 6)، إذ كان الناس يعرفون الله باسم "يهوه" أي الكائن.
أما السيد المسيح فقد أعلن سر الثالوث، وأقنومية الآب، وأبوته الأزلية للابن، وإرساله إياه إلى العالم ليصالح الآب العالم لنفسه في المسيح.
حول هذا اللقب "الآب" تقوم المسيحية.. لأنه لا يوجد آب بغير ابن ولا ابن بغير آب. فمجرد ذكر لقب "الآب" يعني إعلان أن السيد المسيح هو ابن الله المرسل إلى العالم لأجل خلاص البشرية.
إعلان الأبوة في الله أيضًا هو إعلان عن الحب المتدفق فيه منذ الأزل لهذا أكد السيد المسيح "لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" (يو17: 24).
إن الحب في الجوهر الإلهي يستدعي وجود الأقانيم، لأن الحب لا يمكن أن يوجد في حياة أقنوم واحد منفرد قبل خلق العالم.
بل إن الحب نحو الخليقة هو نتيجة منطقية للحب المتبادل بين الأقانيم الثلاث بصورة لا يمكن وصفها أو التعبير عنها.. ولكننا نستطيع أن نختبرها في تذوقنا لمحبة الله التي "انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا" (رو5: 5).
لهذا قال السيد المسيح للآب: "وعرفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم" (يو17: 26).
إن لقب "الآب"في نظر السيد المسيح هو موضوع الإعلان وموضوع الشهادة الرئيسية التي شغلته في توضيح حقيقة الله. سواء من جهة حقيقة الثالوث القدوس، أو من جهة علاقته بالخليقة بصفة عامة، وبالبشر على وجه الخصوص..
لقد أخذ السيد المسيح الذي لنا وأعطانا الذي له.. أخذ الذي لنا بالتجسد، إذ صار ابنًا للإنسان. وأعطانا الذي له أي أن نصير بالنعمة أولادًا لله. لهذا قال معلمنا يوحنا الرسول: "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله" (1يو3: 1).
عبارة "أيها الآب.. احفظهم في اسمك" تعني أن يحفظنا الآب في حالة البنوة التي ننالها بالمعمودية. لأن "كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية، لأن زرعه يثبت فيه. ولا يستطيع أن يخطئ، لأنه مولود من الله" (1يو3: 9)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. حينما نخاطب الآب ونقول: "أبانا" فإن هذا يعني ضمنًا إننا قد صرنا أولادًا لله. وبهذا نكون محفوظين في اسمه باعتبار أنه هو الآب.
هو الآب بالنسبة للسيد المسيح بحسب لاهوته بالطبيعة. وهو الآب بالنسبة لنا بالنعمة، بالتبني.
وحينما قال معلمنا يوحنا الرسول: "كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية" (1يو3: 9)، أضاف أيضًا وقال: "بهذا أولاد الله ظاهرون، وأولاد إبليس" (1يو3: 10).
فعبارة "احفظهم في اسمك" تعني أن يحفظهم الآب في وضع البنوة له، لكي لا يكونوا أولادًا لإبليس.
أما اليهود الذين لم يقبلوا السيد المسيح، ولم يؤمنوا به فقال لهم: "أنتم من أب هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذاك كان قتالًا للناس من البدء ولم يثبت في الحق، لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب، فإنما يتكلم مما له، لأنه كذاب وأبو الكذاب" (يو8: 44).
ما أجمل أن يطلب السيد المسيح من أجل خاصته أن يحفظهم الآب في اسمه الحصين، في أبوته الحانية، في صلاحه وخيريته.. ليكونوا أولادًا لله حقًا بالحقيقة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/keep.html
تقصير الرابط:
tak.la/22jmhbn