St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ
 
St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي (مع حياة وخدمة يسوع) - الأنبا بيشوي

159- محاكمة السيد المسيح وجلده

 

"أرسله موثقًا إلى قيافا" (يو18: 24)

 بعد أن قبض الجند والقائد وخدام اليهود على الرب يسوع وأوثقوه، مضوا به إلى حنان أولًا، لأنه كان حما قيافا الذي كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة. وكان قيافا هو الذي أشار على اليهود "أنه خيرًا لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب، ولا تهلك الأمة كلها" (يو11: 50، انظر يو 18: 14).

وحنّان "أرسله موثقًا إلى قيافا رئيس الكهنة" (يو18: 24).

كان قيافا رئيس الكهنة قد وضع في قلبه أن يقتل السيد المسيح، وذلك منذ أن أقام لعازر من الأموات. وبدأ كثير من اليهود يؤمنون بيسوع، بسبب هذه المعجزة العظيمة.

وقد استند في رغبته هذه إلى أن موت السيد المسيح سيكون عوضًا عن الشعب.. أي لكي لا تهلك الأمة كلها.

كان الكهنة والفريسيون قد اجتمعوا وقالوا: "ماذا نصنع؟ فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة. إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به، فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأمتنا" (يو11: 47، 48).

لم تعجبهم تعاليم السيد المسيح عن محبة الأعداء وعدم مقاومة الشر، وعن الاتضاع والتسامح. وشعروا أنه لو آمن به الجميع، لما صارت هناك قوة لمقاومة الرومان وتحرير الأمة اليهودية..

لم يفكروا في الحرية الحقيقية.. بالتحرر من الشر والخطية وعبوديتها.. لم يفكروا في طرد المستعمر الحقيقي لحياتهم وهو الشيطان.. لم يفكروا في التحرر من الموت الأبدي، الذي استحقه البشر نتيجة دخول الخطية إلى العالم..

كانت أفكارهم جسدانية.. أرضية.. وقد سيطرت شهوة محبة العالم على قلوبهم، وأعمت بصيرتهم.. فقالوا عن النور إنه ظلمة، وعن الظلمة إنها نور. وقلبوا الموازين، وجعلوا من الباطل حقًا.. أما الحق فلم يدركوه.. وطريق السلام لم يعرفوه.. وصارت أرجلهم سريعة في سفك الدم البريء.

اجتمع الأشرار وتساءلوا: ماذا نصنع؟ "فقال لهم واحد منهم وهو قيافا، كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة: أنتم لستم تعرفون شيئًا، ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها. ولم يقل هذا من نفسه. بل إذ كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة. وليس عن الأمة فقط، بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد" (يو11: 49-52).

St-Takla.org Image: Jesus Christ in front of Pilate at His trials - Modern Coptic icon, painted by the nuns of Saint Demiana Monastery, Egypt صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يسوع أمام بيلاطس البنطي في المحاكمات - أيقونة قبطية حديثة من رسم راهبات دير الشهيدة دميانة بالبراري، مصر

St-Takla.org Image: Jesus Christ in front of Pilate at His trials - Modern Coptic icon, painted by the nuns of Saint Demiana Monastery, Egypt

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يسوع أمام بيلاطس البنطي في المحاكمات - أيقونة قبطية حديثة من رسم راهبات دير الشهيدة دميانة بالبراري، مصر

بالرغم من أن كلام قيافا كان قد صدر من قلب خال من المحبة نحو السيد المسيح، إلا أنه قد نطق بكلام النبوة العجيب كرئيس للكهنة في تلك السنة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. اختار هو القصد حسب قلبه، ولكن الروح القدس هو الذي أوحى بالكلمات وصاغها، دون أن يلغي حرية إرادة قيافا في مقاصده الشخصية.. مثلما حدث مع بلعام بن بعور النبي الذي كان شريرًا في قلبه وفي مسعاه، ولكنه حينما فتح فاه تنبأ نبوات عظيمة عن السيد المسيح.

قال يوحنا الإنجيلي عن كلام قيافا: "لم يقل هذا من نفسه. بل إذ كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة" (يو11: 51).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

"يموت عن الأمة" (يو11: 51)

 كان موت السيد المسيح هو فداءً أو عوضًا عن الأمة.. عن الشعب.. عن كل من يؤمن به وبفدائه العجيب، ويتحد به في موته وقيامته (انظر رو6: 3 -8).

مات السيد المسيح على الصليب عوضًا عن الخطاة وقد "جعل نفسه ذبيحة إثم" (إش53: 10). "وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (إش53: 12).

حقًا لقد مات السيد المسيح، واحتمل الآلام بدلًا عن الخطاة. وقيل عنه إنه "بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها" (إش53: 11).

لو لم يكن السيد المسيح قد مات بدلًا عن الخطاة فكيف يقال "جعل نفسه ذبيحة إثم.. وآثامهم هو يحملها".

وقيل أيضًا "وفي جيله من كان يظن أنه قُطع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي" (إش53: 8).

أي أنه ضُرب ومات، لكي يوفي دين شعبه. وقُطع من أرض الأحياء لهذا السبب.

وقد حزن السيد المسيح كثيرًا من أجل خطايا البشر. وهكذا حزنت البشرية المفدية على أخطائها في شخصه القدوس. واعتذرت عن تعدياتها أمام الآب بواسطته "أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن" (إش53: 10).

تقدّم السيد المسيح في انسحاق وحزن كبيرين أمام الآب، ليعتذر عن خطايا البشرية. وكان يجتاز معصرة سخط وغضب الله.. وقال: "قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (إش63: 3).

كان دور الابن هو التجسد والصلب، وكان دور الآب هو قبول ذبيحة الابن الوحيد رائحة رضى وسرور، تلك التي قدّمها بالروح القدس الناري "الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب" (عب9: 14).

ولكن بالرغم من تمايز الأدوار، فإن الأقانيم الثلاثة تشترك في العمل الواحد وهو خلاص البشرية.

ولهذا فإن العدل الإلهي قد استوفى حقه بصفة عامة.. فصفات الجوهر هي نفسها للأقانيم الثلاثة. وعدل الآب هو نفسه عدل الابن، وهو نفسه عدل الروح القدس.

وهكذا إذ أخلى الكلمة ذاته بالتجسد، وسلك في طريق الطاعة والاتضاع، نائبًا عن البشرية.. استطاع أن يوفي العدل الإلهي حقه.. وهكذا كان الآب مصالحًا العالم لنفسه في المسيح.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/flagellation.html

تقصير الرابط:
tak.la/6m8skaz