بعد أن منع السيد المسيح القَسَم (الحلف) في العهد الجديد إذ كانت الوصية في القديم "لا تحنث بل أوف للرب أقسامك".. قال لتلاميذه: "سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضًا. ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضًا. من سخرك ميلًا واحدًا فاذهب معه اثنين" (مت5: 38-41).
أراد السيد المسيح أن يمنع تلاميذه من استخدام العنف. فالذي يزرع الشر والعنف هو إبليس. وكان منهج السيد المسيح أن يقاوم العنف بالمحبة والوداعة. أي أنه انتصر على أعدائه بالوداعة وليس بالعنف.
عن تصرف السيد المسيح شخصيًا قال معلمنا بطرس الرسول: "إن المسيح أيضًا تألم لأجلنا تاركًا لنا مثالًا لكي تتبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطية ولا وُجد في فمه مكر. الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلّم لمن يقضي بعدل. الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر. الذي بجلدته شفيتم" (1بط2: 21-24).
ليس من الصواب أن نقول أن السيد المسيح كان ينبغي أن يحتمل الآلام والظلم لأنه هو المخلّص ونحن ليس علينا أن نتمثل به. بل بالعكس قال القديس بطرس الرسول: "تاركًا لنا مثالًا لكي تتبعوا خطواته". فإلى جوار أن السيد المسيح قد حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي يوفي دين الخطية ويقودنا إلى التوبة والموت عن الخطايا في المعمودية، فإنه من الجانب الآخر يعطينا مثالًا في كيفية احتمال الظلم والعنف الواقع علينا من الآخرين.
وقال بطرس الرسول: "لأنه أي مجد هو إن كنتم تُلطمون مخطئين فتصبرون. بل إن كنتم تتألمون عاملين الخير فتصبرون فهذا فضل عند الله. لأنكم لهذا دعيتم" (1بط2: 20، 21).
وقال أيضًا: "لأن هذا فضل إن كان أحد من أجل ضمير نحو الله يحتمل أحزانًا متألمًا بالظلم" (2بط2: 19).
وفي تسليم أمر الإنسان لله، فإن الله لا ينسى له احتماله وصبره كما قيل عن السيد المسيح "كان يسلّم لمن يقضي بعدل" (1بط2: 23). ومعنى ذلك أن الله الآب قد قَبِل ذبيحة الخلاص التي أكملها ابنه الوحيد الذي تجسد، إلى جوار أنه قد أظهر عدله في القضاء حينما أقامه من الأموات ناقضًا أوجاع الموت، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فإن كان المسيح -له المجد- قد مات من أجل خطايا آخرين -البار من أجل الأثمة - إلا أنه أقيم في مجد عظيم من أجل بره الشخصي ومن أجل طاعته الكاملة لله أبيه. وكنائب عن البشرية أرضَى قلب الآب السماوي بطاعته الفريدة.
كانت القيامة هي أبلغ رد على الظلم الذي وقع على السيد المسيح. هذه القيامة أربكت أعداءه وبددت مؤامراتهم وفضحت افتراءاتهم عليه. "لذلك رفعه الله أيضًا وأعطاه اسمًا فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومَن على الأرض ومَن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فى2: 9-11).
حينما يطالبنا السيد المسيح أن لا نقاوم الشر فليس معنى ذلك أن الشر هو الذي ينتصر في النهاية، بل لابد أن ينتصر الخير مهما بدا للشر أنه قد انتصر. ولكن المسألة هي أن لا يجرفنا تيار الشر إلى العنف المتبادل فنقع في العنف ونفقد المحبة نحو الآخرين. لهذا قال الكتاب: "لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ، فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ" (رو12: 21، 20).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/evil.html
تقصير الرابط:
tak.la/s6bjqq8