مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الرد على بعض الأسئلة التشكيكيَّة الموجهة ضد العقيدة المسيحية - الأنبا بيشوي

29- هل يتكلمُ الروحُ القدس مع المسيحيين الصالحين والمسيحيين العاصيين أيضًا؟ هل الروح القدس معهم دائمًا أم في أوقات محددة؟ متى يبدأ في زيارة الشخص الذي يريد أن يصبح مسيحيًا؟

 

السؤال 28: هل يتكلمُ الروحُ القدس مع المسيحيين الصالحين والمسيحيين العاصيين أيضًا؟ هل الروح القدس معهم دائمًا أم في أوقات محددة؟ متى يبدأ في زيارة الشخص الذي يريد أن يصبح مسيحيًا؟

 

الإجابة:

St-Takla.org Image: The Holy Spirit in the shape of a dove - Saint Mary's Pro Cathedral, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, June 11, 2017 صورة في موقع الأنبا تكلا: الروح القدس على شكل حمامة - من صور كنيسة السيدة مريم العذراء برو، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 11 يونيو 2017

الروح القدس يعمل في الخليقة العاقلة كلها، وصاحب السؤال نفسه أورد آية في سؤاله السابق ترد على سؤاله هذا، فالآية تقول "وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ" (يو16: 8). إذا كان الروح القدس يبكت على خطية، إذًا فهو يعمل في الخطاة ويبكتهم. وأكمل السيد المسيح قائلًا: "أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضًا. وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ" (يو16: 9-11). كل هذه التبكيتات تخص بالأكثر الخطاة وغير المؤمنين إذ يقول "أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي" وهو يتكلم هنا عن اليهود. ثم يقول "وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضًا"، ذلك بأن يتكلم الروح القدس في القلوب ويقول انظروا كيف أحبكم المسيح، انظروا كم ضحى المسيح من أجلكم، انظروا كيف كان المسيح بارًا، كما قال بطرس الرسول "هَذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ" (أع2: 23) "يَسُوعَ الَّذِي أَسْلَمْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَأَنْكَرْتُمُوهُ أَمَامَ وَجْهِ بِيلاَطُسَ وَهُوَ حَاكِمٌ بِإِطْلاَقِهِ. وَلَكِنْ أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ الْقُدُّوسَ الْبَارَّ وَطَلَبْتُمْ أَنْ يُوهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ قَاتِلٌ" (أع3: 13، 14). "وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ"، رئيس هذا العالم الذي هو الشيطان. فإذا كان الشيطان قد دين ورُبط ألف سنة، والجحيم دُمِر وانفك المسبيين الذين رقدوا على رجاء الخلاص؛ فماذا تنتظر إذا كان الخلاص قد تم؟ ولماذا تستسلم لسلطان إبليس بالرغم من أن السيد المسيح قد سحق الشيطان؟!

الروح القدس يبكت غير المؤمن لكي يؤمن، ويبكت الخاطئ الذي آمن قبلًا لكي يتوب، ولذلك قال الكتاب عن بعض المؤمنين الذين لا يتوبون "كَانَ خَيْرًا لَهُمْ لَوْ لَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ الْبِرِّ، مِنْ أَنَّهُمْ بَعْدَمَا عَرَفُوا يَرْتَدُّونَ عَنِ الْوَصِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ الْمُسَلَّمَةِ لَهُمْ" (2بط2 : 21)، أي كان خير لهم لو لم يؤمنوا أفضل من أن يتركوا طريق الحق بعد أن يؤمنوا.

الروح القدس يعمل في الكل، ولكن لا نستطيع القول بأن الروح القدس ساكن في كل إنسان، فهناك فرق بين السكنى والعمل، "هَهُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي أردته" (مز131: 14). ولذلك يقول الكتاب "لاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ" (أف4: 30) وأيضًا "لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ" (1تس5: 19) أي لا تطفئ نار الروح القدس الذي بداخلك، هذا الكلام موجه للإنسان المسيحي.

ولهذا ففي سؤال آخر لنفس واضع الأسئلة يقول ما معناه إذا كان الروح القدس موجود في المسيحيين فلماذا يخطئ المسيحيون؟ فنقول إن الروح القدس لا يلغى حرية إرادة الإنسان ولكن يهبه القوة لكي ينتصر.

وفي بقية السؤال الذي نرد عليه الآن يقول: هل الروح القدس يتكلم مع المسيحيين الصالحين والعاصيين؟

الإجابة: نعم هو يتكلم مع الصالح لكي يرشده إلى تمجيد الله كما يقول المزمور "أَمْسَكْتَ بِيَدِي الْيُمْنَى. بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي" (مز73: 23،24)، و"الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ" (رو8: 14). وكلم السيد المسيح الرسل قائلًا عن الروح القدس "وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ" (يو16: 13).

قد يتساءل أحد: لماذا إذًا لم يرشد الملحدين إلى جميع الحق؟ الإجابة هي أن السيد المسيح عندما قال ذلك كان يخاطب التلاميذ قائلًا أن الروح القدس "يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ" و"يذكركم بكل ما قلته لكم"، وهذا ما قد تم فعلًا. ومثال لذلك عندما دوّن معلمنا متى الرسول مثلًا الموعظة على الجبل كيف تذكر كل كلمات هذه العظة وهي في ثلاثة إصحاحات كاملة؟ إنه الروح القدس الذي قال عنه السيد المسيح "فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ" (يو14: 26). أيضًا ما كتبه معلمنا القديس يوحنا في من حوارات دارت بين السيد المسيح واليهود يؤكد لهم فيها إنه هو ابن الله، كيف تذكر كل هذه الحوارات والعبارات القوية جدًا التي قالها السيد المسيح. إننا نتعجب عندما نجد أن إنجيل القديس يوحنا اللاهوتي والذي كتب في عام 95 م. سجل الحوارات والمناقشات التي دارت بين السيد المسيح وبين اليهود، حقًا تحقق وعد السيد المسيح أنه "يُذَكِّرُكُمْ".

كيف يمكنك كمسيحي أن تعرف هل الروح القدس في داخل شخص مسيحي آخر أم لا؟

الرد على بعض الأسئلة التشكيكية الموجهة ضد العقيدة المسيحية كتب الأنبا بيشوي

"ولكن إن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك.."،  ألا يدل هذا على أنه شخص؟

---