 |
وإذا كان الآخر ضرورة كيانية ومجالًا للحب كما هي مجال للشهادة واكتشاف الذات وصلب اهوائها وميولها الرديئة فإن الذي يهرب من أخيه يعانی انغلاقية.. انه يخاف الفشل مع أن قبول الفشل علامة على قوة الشخصية ونضجها النفسي والروحي. فالمَسيحي المتضع يتعلم من فشله أكثر مما يتعلم من أمجاده.. لذلك فإن المسيحي الأرثوذكسي الحقيقي لايعتزل الناس كراهية منهم أو ضيقًا بهم.. فالقُداس الإلهي الذي يحرص عليه الأرثوذكسي قد علمه أن المسيحي لا يعيش منفردًا، غني الحياة الأرثوذكسية تنمحي الذاتية من كل فرد وينصهر الجميع في بوتقة واحدة هي جسد المسيح ولكل عضو عمله الخاص في هذا الجسد.
وإذا كانت العزلة المنغلقة مرفوضة في الحياة الأرثوذكسية فإن هناك نوعا من العزلة تقدرها الحياة الأرثوذكسية وتعطيها اعتبارًا كبيرًا.. ألا وهي العزلة المنفتحة.. ويقصد بها الاعتكاف لأجل العبادة والتبتل وترك الحياة الاجتماعية والتفرغ للصلاة.. هذا نوع من الانفتاح الشديد ولیس اطلاقًا نوعًا من الأنغِلاقية. فالرَهبنة السليمة بذل وحب شديد وحمل لمأساة العالم اللاهي والتزام بكل الناس مؤمنيهم وغير المؤمنين.. الراهب ذبيحة مقدمة عن العالم كله، دموعه مقدمة عن كل خاطىء، وأنينه توجع عن كل متألم، وصراخه لهفة عن كل ضائع في دوامة العالم الشرير.
العزلة المنغلقة بغضة للحياة والأحياء وتغرق اللإنسَان في مستنقع من اليأس والتشاؤم، أما العزلة المنفتحة فهي رحاب الحب والحرية الداخلية مع تصوف ونسك وصلب للذات.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bimen/social-life/solitude.html
تقصير الرابط:
tak.la/33qs8fs
