St-Takla.org  >   books  >   anba-bimen  >   religious-sense
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الشعور الديني في الطفولة والمراهقة - الأنبا بيمن أسقف ملوي

4- التوجيه الروحي لخدمة الطفولة والمراهقة

محتويات: (إظهار/إخفاء)

أعداء الخدمة الروحية
- الذاتية
- السطحية
- المظهرية
- الخدمة الاجتماعية الجافة غير الهادفة إلى خلاص النفس

2- التوجيه الروحي للمنهج:

ولا بُد للمنهج أن يستخدم الكتاب المقدس كوسيلة أساسية للحياة الروحية.

الكتاب المقدس استعلان من الله موحى به. ومكانه في مناهجنا التعليمية ليس باعتباره مجرد مجموعة من القصص أو الأحداث التاريخية بل هو استعلان الحق الإلهي في كل قصة وتدبير الله وعمله من أجل حياة العالم والإنسان. ولا بد للمدرس أن يعرف كيف تفسر الكنيسة هذا الفصل من الكتاب المقدس، وكيف يستعمل في الخدمات الليتورچية. ولماذا تختار الكنيسة بعض فصول معينة في مواسم معينة. وكيف تقدم الكنيسة للمؤمنين الحقائق الأزلية عن الله التي وردت في الإنجيل في إطار العبادات الليتورچية. فالعقيدة والليتورچية والسلوك يجب أن تُعَلّم من خلال الكتاب المقدس، والكتاب المقدس يجب أن يُعَلّم من خلال شرحنا وتفسيرنا للتعاليم والليتورچية.

ومن الناحية العملية. فإننا نهدف من تدريس الكتاب إلى مساعدة الأطفال على فهم أفضل لمواقف الحياة وقضاياها، وتقديم الفضائل لا كأخلاقيات مجردة بل من خلال قصص الكتاب وشخصياته. ثم نساعد الطفل على تنمية عادة اختبار استعمال الشخص التقوى للكتاب المقدس.

يقول أحد القديسين: "لا تسمح أن تسقط كلمة الله التي تسمعها في الكنيسة في العظة أو في القراءات أو في دراسة الكتاب إلا على قلبك، كما تحرص على ألا تسقط جوهرة من الجسد المقدس إلا في جسم مؤمن"...

الشاب والخادم الذي أحب الكتاب المقدس وتعلم كيف ينال غذاءه عن طريقه وتدرب على جعله نبراس حياته ومرشد مسالكه ونور سبيله هو الذي يهوى وصايا الرب جدًا وفي كل ما يعمل ينجح. لا تخف على هذا الرجل لأنه كشجرة على مجاري المياه التي تعطي ثمرها في حينه.

وثمة أمر هام حياة الصلاة.. لو نجح الخادم في أن يجعل أبناءه مثابرين على الصلاة لأفادهم بهذا جدًا. الذين صارت الصلاة لذتهم لا يطيقون الحياة في الخطيئة.

سر هلاك كثير من الشباب أنهم ليسوا محبين للصلاة ولذا يبتلعهم العالم بملذاته.

على ذلك من واجب كل خادم أن يعلم أبناء الكنيسة أن يصلوا وأن يقبلوا على الصلاة بفرح وتقدير لفاعليتها في خلاص نفوسهم، وإذا كنا نؤكد أهمية الصلاة الفردية فلا نغفل قيمة الصلاة العائلية والجمهورية لأنه إن وجدت صلاة عائلية في كل بيت حلت مشكلات كثيرة في منازلنا.

وهناك أمر هام للغاية وهو حياة التلمذة.. التلمذة لمرشد روحاني أختبر العشرة مع الله وتمرس في دروب ومسالك الطريق إلى الملكوت وإن تعذر وجوده في هذه الأيام فلا أقل من أن نجده في كتابات الآباء وكل الذين صلوا بالدموع أن يرسل الرب لهم مرشدًا روحانيًا كشف لهم عن مرشدين غير ظاهرين للناس ولكنهم عمالقة في الروحيات.

حياة التلمذة تتضمن وجود أب اعتراف ثابت ومرشد روحي حاذق في فهم القامات الروحية والطب الروحاني وتلمذة لكتابات الآباء القديسين ومثابرة على ممارسة التداريب الروحية التي ينصح الآباء بها المرشد والأب، وكلما عاش الفرد في كتابات الآباء الروحيين انكشفت نفسه لنفسه ونما في حياة النعمة والاختبار الروحي والمعرفة الدينية وازدادت بصيرته الروحية حدة ووعيًا واتقادًا. ونحن نشكر الله لأن كنيستنا الأرثوذكسية غنية بالكتب الروحية الأرثوذكسية النافعة لبنيان النفس والجسد والروح لأنها امتداد لكتابات الآباء القديسين.

فالتوجيه الروحي للمنهج معناه باختصار تهيئة جو روحي فيه يحس الفرد بحلاوة الحياة الروحية وجمالها فترى عينه الروحية أنوار أورشليم السمائية رغم ما في هذا العالم من ظلمة دامسة، وتسمع أذنه الروحية ألحان الأبدية الخالدة رغم ما في هذا العالم من ضجيج وصخب، ويتذوق فمه حلاوة كلمة الله رغم ما في العالم من مبادئ كلها مرارة، وعلقم ويحس قلبه بسكنى العريس وبهذا يجاهد لطرد إبليس اللعين حتى يحتفظ بثوب العرس نقيًا طاهرًا أبيضًا وبامتلاكه للجوهرة والكنز السمائي (خلاص نفسه واتحادها بالرب) وبالكحل السماوي الذي في عينه (كلمة الله الحية): إن كل أصوامنا وصلواتنا وجهادنا وألوان النسك التي نمارسها بإرشاد الآباء القديسين ما هدفها إلا هذا... أن يظل القلب نقيًا لسكنى الرب يسوع فيه.

يستطيع كل خادم أن يقيس مدى نجاح خدمته وصحتها وفق هذه المعايير ليراجع كل خادم دروسه وزياراته وافتقاده ونشاطه الروحي مع نفسه ومع مخدوميه في الأصوام والسهرات الروحية والدراسات في الكتاب والاعتراف والتناول ليرى هل هذه كلها هادفة نحو الغرض الأسمى وهو أن يكون قائمًا في حياة النعمة.

والحقيقة أنه لا يمكن أن يتهيأ هذا الجو الروحي ولا يمكن تحقيق هذا التوجيه الروحي إلا إذا كان الخدام أنفسهم شخصيات روحية. أعني أناسًا عرفوا طريق الرب، ووضعوا في قلوبهم أن يحيوا له وسلموا حياتهم له، وباتت كل أهدافهم تمجيد اسم الرب..

المدرسون المثابرون على الجهاد المنكرون لذواتهم المحبون لبعضهم بعضًا وللجميع، الذين يكونون وحدة روحية سر قوتها أن كل واحد من أعضاء هذه الوحدة مرتبط بالرأس الذي هو المسيح. هؤلاء الخدام هم الذين تنبعث منهم رائحة المسيح الذكية فيشتمها الأولاد والفتيان والشعب كله فيتوقون إلى الاقتداء ويطلبون نعمة كالتي أعطيت لهم.

St-Takla.org Image: A boy confessing his sins to a priest at a Coptic Orthodox Church - from The wonder book, Mahragan Alkraza (El-Keraza Festival for 5-6 preparatory), 2011, pencil and ink then Adobe Photoshop, used with permission - by Mina Anton صورة في موقع الأنبا تكلا: طفل يعترف عند الأب الكاهن في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - من كتاب كرتون الكتاب العجيب، مهرجان الكرازة سنوات 5-6 ابتدائي، 2011، قلم رصاص وحبر ثم أدوبي فوتوشوب، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

St-Takla.org Image: A boy confessing his sins to a priest at a Coptic Orthodox Church - from The wonder book, Mahragan Alkraza (El-Keraza Festival for 5-6 preparatory), 2011, pencil and ink then Adobe Photoshop, used with permission - by Mina Anton

صورة في موقع الأنبا تكلا: طفل يعترف عند الأب الكاهن في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - من كتاب كرتون الكتاب العجيب، مهرجان الكرازة سنوات 5-6 ابتدائي، 2011، قلم رصاص وحبر ثم أدوبي فوتوشوب، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

ليس التوجيه الروحي للخدمة مجرد وجود اجتماعات خدام منتظمة ودفاتر تحضير وسجلات وأرشيف منظم، ولو أن هذه الأمور مهمة ولازمة، ولكن الأساس هو أن يحيا الخدام أولًا في حياة النعمة ومباشرة وسائط الخلاص باستمرار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.. المهم هو أن يكون كل خدام الكنيسة متأكدين من أن الطريق الذي يسيرون فيه هو الطريق إلى السماء وليس غيره. والعلامات على هذا الطريق قد ذكرت سابقًا وهي التوبة الشاملة ومباشرة أعمال التوبة والاعتراف بالخطيئة وسائر وسائط النعمة في كنيسة المسيح الأرثوذكسية والامتلاء.

يلزم إذن الاهتمام بحياة الخدام الروحية وهذه مسئولية الأمين نفسه يجب أن يكون شخصية روحية ملتهبة محبة للعبادة والتأمل والاختلاء بعض الوقت للامتلاء والشغف بالمعرفة الروحية.

إن فروع الخدمة التي وجد فيها أمناء روحيون وخدام متدربون على الحياة الروحية لا نجد فيها مشكلات إدارية ولا انقسامات ولا خلافات وإنما يحيا الجميع في فرح المحبة بروح واحد وفكر واحد.. وثمرة هذه الحياة المشتركة فصول واجتماعات للشباب مزدهرة ونامية ونهضة واضحة في خدمات الشباب بالذات.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أعداء الخدمة الروحية:

يجب على خدام الكلمة أن يتذكروا أن أعداء الخدمة الروحية أربعة:-

الذاتية والسطحية والمظهرية والخدمة الاجتماعية غير الهادفة للخلاص.

 

الذاتية:-

هي مصدر الانقسامات والتحزبات والكبرياء والغطرسة، وعدم قبول التعليم الروحي، وسبب الفتور والتواني في الخدمة، وجوهر حياة النجاسة والسقوط في الشهوات الشبابية.

 

السطحية:-

هي الاستغناء والاستكفاء والشعور بالرضى على الحال التي يحيا فيها الخادم. فلا تعمق في دراسة الكتاب ولا تجديد للتوبة ولا تدقيق في السلوك ولا نمو في المعرفة.

 

المظهرية:-

هي الحياة الفريسية، هي الانصراف عن التوبة والدموع إلى النشاط المهرجاني الذي لا يرمي إلا إلى الدعاية بحجة إيجاد صيت للكنيسة والخدمة.. الصيت الحقيقي هو رائحة المسيح المنبعثة من القلب وليس مصدرها الضجيج والإعلانات والتهريج في الخدمة.

 

الخدمة الاجتماعية الجافة غير الهادفة إلى خلاص النفس:

وهذه سنعالجها في التوجيه الاجتماعي.

 

أمر أخير يجب أن نشير إليه في التوجيه الروحي يتلخص في ضرورة التقدم في القامات الروحية، وهي في النمو العادي الطبيعي تكاد تنحصر بصفة عامة فيما يلي:-

القامة الأولى: يجب أن تكون محبة المسيح والفرح به والاشتياق إليه دائمًا.

القامة الثانية: هي الإيمان بالرب الذي أحبته النفس إيمانًا حيًا فعالًا مستعد أن يبذل الغالي والرخيص من أجله.

القامة الثالثة: هي التوبة المستمرة للمحافظة على الحب الإلهي وفاعلية الإيمان في القلب.

القامة الرابعة: هي الفضيلة الروحية كثمر لعمل الروح القدس الذي يضطرم بالتوبة المؤسسة على الإيمان العامل بالمحبة.

يظهر من هذه الكلمات الخطأ الشديد الذي وقع فيه كثير منا عندما كنا نهتم في الطفولة الروحية بالفضائل الاجتماعية فلما اكتسبها الأطفال استكفوا واستغنوا وتكبروا في ذواتهم، وظنوا أنه لا فارق كبير بين الخدمة الدينية والحياة الاجتماعية في الأندية والمعسكرات... لو كان اهتمامنا بأن يلتهب قلب الطفل بمحبة الله وكان سعينا جهادًا كي يكون الفتى مؤمنًا بعمل الثالوث في القلب حتى يبكي بالدموع تائبًا عند سقوطه في مراهقته لكان شبابنا في هذه الأيام سائرًا في طريق النعمة شاهرًا بأن كل فضيلة فيه هي من عمل الروح وكل تخلف عن الفضائل إنما راجع إلى الابتعاد عن روح الله – الأمر الذي يجعل الجميع يسرعون إلى التوبة للمحافظة على حب مخلصنا الرب يسوع لهم، وتدعيمًا للإيمان الحي في قلوبهم.

هذا هو التوجيه الروحي باختصار شديد هدفه الخلاص، وطريقه ربنا يسوع المسيح عريس النفس. والآب السماوي منعم في محبته الدفاقة بكتابة كل اسم يجاهد بأمانة في سفر الحياة.

التوجيه الروحي هو التوجيه الكنسي بمعنى أن يكون الفرد عضوًا حيًا في جسد المسيح.

التوجيه الروحي يقوم على أساس وجود أمناء وخدام يسيرون في طريق النعمة ويجاهدون في توبة ودموع لأجل خلاص أنفسهم ونفوس أولادهم.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bimen/religious-sense/direction-spiritual.html

تقصير الرابط:
tak.la/9zr3ft2