(3)
تربية الأطفال
1-
النمو بالانطلاق وليس بالكبت
2 - البناء بالقدوة والتسليم
3 - الطاعة بالتفاهم لا بالقهر
4 - النمو بالمعرفة لا بالتكتم
5- دراسة روح العصر ومواجهة سلبياته
6- الفردية بصورتها الحادة
كانت النظرية القديمة في التعليم أن يلقي المعلم معلوماته إلى التلاميذ، فالمعلم الناجح هو من يسكب المعلومات على الطلاب لكي يستوعبوا المادة الدراسية. أما وقد تغيرت هذه النظرية فقد ثبت أن التعليم ليس بسكب المعلومات على العقل، وانما التعليم الصحيح هو بالنشاط الذاتي من المتعلم، وهذا ما يسمى التعليم بالخبرة. لهذا أصبحت عملية التربية تسهل الاكتساب للخبرات والعادات والمهارات والمفاهيم السليمة. ومن هنا بدأت مهمة المربي كموجه وكمكتشف لمواهب التلاميذ واستعداداتهم وقدراتهم.
أن التعليم السليم الآن هو بالانطلاق، أي باستغلال القدرات الانسانية، وبتوجيه هذه القدرات للنمو الأفضل.
أما الكبت والضغط والارهاب فهذه كلها قد أصبحت مخلفات عمليات قديمة لا تصلح للتربية في عصرنا هذا.
ا- هل نحن نحترم تفكير الطفل ومواهبه واستعداده وقدراته مهما كانت مبتدئة وبسيطة؟ هل نشجعة على التفكير والتأمل والحوار البناء؟
2- هل نحن نشجع الأطفال على النمو من خلال النشاط والخبرة ووالممارسة العملية؟
واذا كانت بلادنا تئن من تركة التعليم القديم الثقيلة، وتلح في المطالبة بتغيير نظم التعليم فما أحوجنا نحن أن نعود إلى مسيحيتنا الأصيلة حينما كان الأطفال يمارسون حياتهم الروحية من خلال النشاط الذاتي تحت توجيه الكاهن ومرتل الكنيسة.
علينا أذن أن نكثر من الأنشطة الروحية والممارسات العملية ونهييء لكل واحد وواحدة من الصغار مجالًا لاشباع المواهب والقدرات واستخدامها لمجد الله وخدمة الكنيسة. ان اقامة القداسات الخاصة بكل مرحلة من مراحل النمو، وتقسيم الأولاد إلى أسر تحت اشراف رواد فاهمين لمسئولياتهم التربوية للمنافسة حول الأنشطة المختلفة، هذه وأمثالها طرق تربوية سليمة يجب ألا يفوتنا تنظيمها ليتحقق لأولادنا النمو السوي من خلالها.
كثيرًا ما يلجأ المجتمع إلى الشعارات والعظات والندوات والمحاضرات ووسائل التوعية وهذه كلها مطلوبة ولكنها لا تستطيع أن تؤثر في أعماق الانسان. أما المنهج المسيحي الأصيل فهو الانجيل المعاش أي الحياة المسيحية الاختبارية. وهذا المنهج يتفق مع مبادیء علم النفس الحديث لانه معروف أن الطفل لا يتعلم بالتلقين والتحفيظ وحشو الفكر بالمعلومات وانما بالمحاكاة والتقليد والتوحد في المبادىء والاتجاهات والانماط السلوكية من خلال النموذج والقدوة والمثال.
فان وجد آباء ومعلمون ورعاة قديسون مخلصون امناء استطاعوا أن يبنوا النفوس دون أن يعظوا كثيرا. يقول الكتاب المقدس عن الآباء الرسل «لا صوت ولا كلام، في كل الأرض خرج منطقهم وإلى اقاصى المسكونة بلغت أقوالهم » هكذا عاشت الكنيسة طيلة عصورها تسلم طريقة الرب في هدوء ووداعة من خلال أشخاص مختبرين تتلمذوا هم أولًا وذاقوا ومارسوا الحياة النيره وصارت لديهم القدرة ان يسلموها للآخرين من بعدهم جيلًا بعد جيل وسيظل هذا التسليم قائمًا إلى نهاية الأجيال.
1- هل نحن ندرك جيدًا أن مسيحيتنا ديانة عملية تختبر وانجيل معاش ولیست دروس ومواعظ ومعلومات؟
2- هل نهیء لأولادنا المواقف التربوية لممارسة القيم والمبادىء المسيحية تحت توجيه المربين الواعين؟
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كانت الأجيال القديمة تفتخر بان الصغير تكتم أنفاسه عندما يقابل الكبير أو يراه من بعيد. وكانت تعتز أيضا بأن الصغير لا رأي له طالما كان الكبير حاضرًا. هذه انفعالات مضت، وولت شئنا أو لم نشأ. الطاعة الآن لا تكتسب الا بالتفاهم والحوار الهاديء والاقناع الرصين. وقد ينجح الكبار في قهر الصغار ولكنهم لن ينجحوا في أن يزرعوا فيهم القيم والاتجاهات المرجوة. فلكل ضغط شدید رد فعل أشد. والانسان خلق حرًا يكره الاستبداد.
الرب يسوع كان يحترم حرية الانسان فمثلًا عندما كان يعمل المعجزة كان يسأل المفلوج المنطرح، لمدة ثمانية وثلاثين عاما، ان كان يرغب في الشفاء.
1- هل نتفاهم مع أولادنا في القضايا التي تشغل بالهم؟
2 - هل نعطيهم خبرتنا بالحب والاقناع أم بالأمر والارهاب؟
3- هل نأخذ وتعطي معهم حتى تصبح شخصياتهم مستقلة والقرار من صنعهم؟ بمعنى آخر هل نسمح لهم بالحوار البناء؟
4 - هل نملى عليهم شخصياتنا ونريدهم أن يكونوا مثلنا أم نعدهم لمستقبل مختلف عن حاضرهم؟
5 - هل هم وسيلة لاشباع حاجات الكبار وحرمانهم من حاجياتهم؟
6 - هل نجعلهم وسيلة لنمو العصبية الأسرية والقبلية؟
كان القدماء يفتخرون أن أبناءهم لا يعرفون شيئا عن الحياة. إنهم يعتمدون عليهم اعتمادًا تامًا. ما كان واحد يجرؤ أن يسأل أباه سؤالًا خاصًا بالناحية الجنسية. لم يكن ناشیء يفكر أن يغادر بلاده إلى منطقة بعيدة ولو لزيارة سريعة أما الآن فالفتيان يسافرون إلى أوروبا وحدهم ويقرأون ويشاهدون ويسمعون البرامج والمعلومات عن كل جانب من جوانب الحياة، لهذا لا تستطيع الكنيسة أن تتجاهل ما يحدث لهم بل عليها أن تقدم المعلومات الطاهرة السليمة عن الإنسان والمجتمع وترد على الأسئلة والقضايا التي تواجه الناشئة والشباب بأسلوب روحي وعلمي يتناسب مع كل مرحلة نمو.
1- هل أعددنا الكتيبات والنبذات بكافة المستويات لشرح القضايا الحيوية؟
2- هل أعددنا الخدام والآباء للتوجيه والريادة ومعالجة مشكلات الحياة المعاصرة؟ 3- هل نعالج أسئلة الصغار بالموضوعية أم بالانفعال والغضب الأعمى؟
4 - هل نهتم في معالجة القضايا بالجوهر أم بالشكل والمظهر؟
5- هل نؤكد على اللقاء المستنير بين العلم والدين أم نرفض كل من المعطيات العلمية ووسائل التكنولوجيا الحديثه-؟
6- هل هيأنا للأطفال الرحلات والمعسكرات للأماكن التاريخية والدينية؟
7- هل تعمل على تنمية المفاهيم الدينية والروح والوطنية في أبنائنا على ضوء المباديء المسيحية ومن أجل تحقيق انتمائهم إلى بلدهم؟
ان الكنيسة اليقظة تعيش في العالم نورًا يضيء وملحًا يصلح: انها ليست في فراغ أو في أبراج عاجيه لكنها تعرف معاناة الإنسان وآلامه ومشكلاته. لهذا تدرس ظروف الحياة وسمات العصر وبالأخص سلبياته حتى تحصن أولادها ضد الأمراض الاجتماعية لئلا تتسلل جراثيمها إلى أرواحهم ونفوسهم فتفسد الجهود المضنية التي تبذلها لاعداد الشبيبة للحياة المقدسة. ويمكننا أن نلخص أهم السلبيات التي جاءت في دراسة علماء الاجتماع لكي نعمل جاهدين على تخليص أولادنا من الانزلاق وراءها.
أ-
السطحية في الحياة
ب - اللامبالاة والتواكل
ج- التزلف والنفاق والرياء والجبن
د- التدين المريض
السطحية في الأهداف: في الدراسة والتحصيل العلمي، في التفكير والحوار، في انتقاء شريك الحياة واتخاذ قرارات مصيرية في مواقف الحياة. هذه الظاهرة الخطيرة لها أسبابها العالمية والمصيرية وعلينا أن نواجهها بالجديه والعمق في كل جوانب الحياة.. تعويد الإنسان أن يتعب في حياته الروحية ليكون عميقًا في صلواته ودراساته واعترافاته وتلمذته وأصوامه وجهاده. تعويده الجديه والعمق في دراسته وتحصيله العلمي لكي يتفوق لا أن ينجح عن طريق الملخصات والمساعدات المشروعة وغير المشروعة والاكتفاء بأقل مستوى من المناهج للحصول على الرخصة العلمية التي تؤهله للوظيفة التي قد لا يفهم عنها شيئًا ولا يثمر من خلالها ثمرًا ونضجًا وتطويرًا. الجدية والعمق هي الاحتياج الأول لبناء الفتيان في عصرنا هذا. وقد يتساءل الشباب ما الفائدة من التعب والجهد بينما التقدير الحقيقي هو للفهلوي والسطحي والفضولي والانتهازي؟ والاجابة أن الذي يريد أن يرضي الله لا بد أن يكون أصيلًا لأن الله حق هو ومن أراد أن يخدم وطنه يلزمه أن يكون شمعة مضيئة. قال باسكال: "اني أحافظ على شمعتي لأنها أن انطفأت شمعتي فما الذي يذیب الثلوج؟
تنتشر في بلادنا الآن كلمات غريبة عن أصالة شعبنا مثل (سيبك، معلش، وانا مالي، مفيش فايده) والعجيب أن شعبنا هذا هو الذي بنى الأهرامات وأقام حضارة الفراعنة التي أذهلت العالم وقدمت الشهداء والرهبان ومعلمي المسكونة وقادة المدرسة الإسكندرية فكيف بنا نجد البعض الآن متراخيًا في الدراسة المتعمقة غير عابىء بالتحصيل أو التمكن من اللغات الأجنبية، غير مهتم كثيرًا أو قليلًا بالمصلحة العامة بينها تهمه المصلحة الشخصية وبالأخص الحوافز المادية؟ كنت أرى في بعض البلاد الأوربية الناس مهتمين كثيرًا بترقية أحوالهم الاجتماعية والثقافية والمعمارية، مشغولين ببذل كل جهدهم لتحصين مرافق الحياة، دون تهاون مع أي إنسان يخرب ای مؤسسة عامة أو خاصة. يخدم الواحد في مصلحة أو شركة كأنه يملكها وكأن العائد كله يعود إلى جيبه.
يلزم تربية الناشئة على الاخلاص والغيرة والتفاني بل والتناهي في كل عمل صالح، لأن هذه هي سمات القبطي الأصيل مهما كان الناس وأيًا كانت آراؤهم وخلقياتهم لأنه مكتوبه ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس.
هذه الرذائل ان دلت فعلى الضعف النفسي، فالإنسان الحر جريء، والإنسان القوى شجاع، والإنسان الصريح الواضح لا يعرف النفاق أو المديح أو التزلف أو التذلل للآخرين. مسيحنا ينادي ويقول ان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا. وحكومتنا تنادي بالحرية والديمقراطية والمواجهة والحوار والنقد البناء: هذه مسئولية التربية في المنزل والمدرسة والكنيسة ومؤسسات المجتمع المختلفة.
أسوأ ما أصاب بلادنا في هذه الأيام الموجات الدينية التعصبية: هذه ليست دينًا ولكن تشنجًا وهوسًا وانحرافًا يرفض العلم، ويشجب المنطق، يلغى الرأي الآخر، ويدوس على المحبة والألفة والمودة، ويهزأ بالإنسانية وقيمها. انها رذيلة تمجد التعصب والانغلاقية والعنف والشغب والانسياق وراء الاشاعات والخضوع لقلة تسيطر على الشبيبة إلى حد الغاء شخصياتهم تمامًا.
وواجب الكنيسة أن تحمي أولادها لئلا يشربوا من هذه المياه الفاسدة فعليها أن تنمي الحب وتنادي بالسلام والود وتكرم انسانية الإنسان وتشجب التعصب والتحيز في أي صورة من صوره، وتقدر موضوعية النظرة إلى الحياة، وحق الفرد في تقدير حريته، وتكريم حريات الآخرين، وتكوين قيادات وكوادر تحمل أعلى الشهادات العلمية وأعمق الاختبارات الروحية وأرق المشاعر الإنسانية وأنبل المقاصد الوطنية.
بلادنا تحتاج إلى اعادة النظرة في بناء الإنسان.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
يفرق بردییف المفكر المسيحي بين الفردية والشخصية، الفردية هي التي تدور حول أنانيتها أما الشخصية فهي التي تتجاوز الأنا إلى الآخر، التي تبذل وتقبل الآخرين. الشخصية خصيبة والفردية عقيمة.
وفي مجتمعنا تنجح الحوافز الفردية بينما تتضاءل البواعث الجماعية. وينجح العمل عندما يوكل إلى واحد ولكنه يفشل نهائيا اذا أحيل إلى لجنة، يبرز القائد لأن من حوله فريقًا يعمل معه ولا يعمل به.. يمركز المسئول كل السلطات في يده ولا يثق في أحد سوى نفسه، ولا يتعب في توزيعها بينما القائد الناجح هو الذي يولد المزيد من القيادات، وينمي المواهب، ويصقل الشخصيات ويخصب الكفاءات ويشجع الموهوبين. في بلادنا ينهار العمل عندما يختفي المسئول بينما في الخارج الجماعة أقوى من الشخص والقاعدة أقوى من القمة.. في سفر الأعمال نجد أن الرسل كانوا يعملون في الهيكل بروح واحد ولهم القلب الواحد والفكر الواحد.. الروح القدس يعطى النعمة لغلبة الذات والأنا، ومهمة التربية أن تنمي في المؤمنين روح الفريق، روح الجماعة، حياة الشركة وتجاوز الفردية والتسلطية.
1- هل ننمي في أطفالنا روح الفريق والجماعة في العمل أم روح العزله والانفرادية؟
2 - هل نربي أولادنا على محبة القريب كالنفس أم نجعله يتمركز حول ذاته غير معترف بالآخر في حياته؟
3- هل لدى أولادنا مقدرة على الانفتاح على الآخرين وقبولهم داخليًا مهما اختلفوا معهم فكرًا أو مزاجًا؟
4 - هل في تعاملهم مع الآخرين يتجاوزون المستويات الخلقية المتعارفة والقوانين الوضعية إلى مستوى البذل والالهام والحق والابداع؟
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bimen/childhood/bring-up.html
تقصير الرابط:
tak.la/6479mkk