2- ارتباط الجنس بالجسد ككل:
الجنس مرتبط بالجسد ككل، أي بواقع الحياة البشرية المحسوس لأنه يؤثر فيه عميقًا ويتأثر به مقابل ذلك تأثرًا بالغًا.
فمن جهة لا بُد من الإشارة إلى أن للجنس دورًا محوريًا في واقعنا الراهن دورًا يتعدى الممارسة الجنسية بمعناها المحصور رغم أهميتها في حياة الانسان. ذلك أن الطابع الجنسي الذي رأيناه يطبع التكوين البيولوجي حتى في أدق عناصره يتحدى هذا التكوين ليشمل في خلاله السلوك الانساني بجملته. هناك نمط وجود رأسلوب تصرف يتميز به الجنسان سواء على صعيد الفكر أو على صعيد الشعور أو على صعيد المواقف والعمل. وبعبارة أخرى فهناك وجود رجولي ووجود أنثوى يختلفان ليس بتأثير العوامل الاجتماعية وحسب رغم أهميتها البالغة، بل بتأثير العوامل الجنسية أيضًا، وليس بمعناء التناسلي المحصور (وقد أكد فرويد على هذا التمييز ولكن لم يحسن دومًا فهمه) بل معناه العام كغريزة حياة إذ هو حاضر وفاعل كمحرك للنشاطات البشرية قاطبة في جنسیته وعاطفيته واجتماعيته وفكریته وروحيته وبنیته.
إذا كان الجنس طابعًا -كما رأينا- للكيان البشري بكليته، فانه بدوره يتأثر به تأثرًا عميقًا، فالجنس عند الانسان وان كان يرتكز إلى عوامل بيولوجية الا انه يحمل طابع الشخص ككل.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إنه - كما قيل - ليس جنسًا بيولوجيًا وحسب، بل جنسًا نفسيًا أو بعبارة أصح نفسيًا اجتماعيًا. فالعوامل النفسية والإجتماعية تعين إلى حد بعيد مصير الجنس عند الإنسان، هذا ما تثبته ملاحظات علمية عديدة: منها أن الميل الجنسي عند الانسان متحرر إلى حل بعيد من الايقاع الهارموني الذي يتحكم في الحيوان، وما يؤكد ذلك أن الرغبة الجنسية عند الأنثى الانسانية غير مقيدة بأزمنة الخصب، كما هي حال عامة عند انثى الحيوان، بل قد تكون حادة في حقبات عقم سواء في الدورة الشهرية أو أثناء الحمل أو في فترة اليأس (menopause)، ومنها أيضا أن الجنس العضوي لا ينسجم دائمًا مع الجنس النفسي فقد تكون لذكر ميول أنثوية والعكس بالعكس دون أن يكون لذلك في معظم الحالات أسباب عضوية نذكر كاضطراب في افراز الهرمونات الجنسية وما شاكل ذلك، بل أسباب نفسية عائدة إلى تاريخ الفرد ونوعية علاقاته في فترة الطفولة.
ومنها أخيرًا أن حالات العجز الجنسي عند الرجل والبرودة الجنسية عند المرأة تعود، في اكثر الأحيان، لا إلى خلل عضوی بل إلى اضطرابات نفسية متفاوتة الحمق.
وهنا يمكننا القول أن السلوك الجنسي عند الانسان هو في ادق المقايس لاتزانه وإنشراحه الشخصي ولسلامة العلاقات النفسية التي تربط بالانسان الآخر بشكل عام.
وهكذا تظهر لنا دراسة الجنس بنوع خاص تلك الوحدة الكرانية (الجسدية) التي يتميز بها الجسد بمفهومه الوجودى العام، تلك الوحدة ذات الأبعاد المختلفة المترابطة. في تلك الوحدة الجسدية الحية بشغل الجنس مركزًا مرموقًا في رأينا، لانه قاعدة للكيان من جهة ومرآة له من جهة أخرى. لذا جاز لنا إذا تحدثنا عن الجسد بمفهومة الشامل أن ندعوه جسدًا جنسيًا بالنسبة لأهمية الجنس كمصدر لحيويته ومعبر عنها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bimen/body-sex/all.html
تقصير الرابط:
tak.la/a6sfnzd