St-Takla.org  >   books  >   adel-zekri  >   basil-judgment-of-god
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب عن دينونة الله، القديس باسليوس الكبير - ترجمة: د. عادل زكري

3- الخضوع للملك الواحد

 

St-Takla.org Image: Our Lord Jesus Christ, standing (image 1) - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح، واقفا (صورة 1) - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

St-Takla.org Image: Our Lord Jesus Christ, standing (image 1) - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 29 August 2023.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح، واقفا (صورة 1) - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 29 أغسطس 2023 م.

وبينما أتأمل في هذا وأشعر بالذهول بسبب مقدار عدم التقوى، اتبعت المزيد من البحث، وأصبحت مقتنعًا بأن السبب السابق ذكره يمثل بنفس الدرجة المنبع الحقيقي للاضطرابات المدنية أيضًا. لاحظتُ أنه طالما استمرت الطاعة العامة للآخرين لقائدٍ واحد، صار كل شيء في ترتيب وانسجام في الجماعة بجملتها. لكن الانقسام والشقاق ومزاحمة القادة قد نبع من غياب القيادة. كذلك كنتُ قد لاحظت ذات مرة كيف أن سرب النحل، وفقًا لقانون الطبيعة، يعيش تحت نظام عسكري، ويطيعون ملكهم الخاص بدقة منظمة.

كل هذه المواقف التي شاهدتها، وغيرها الكثير مما سمعتُ عنه، وكذلك الأشخاص الذين يصرحون علانية بهذه الأمور يعرفون المزيد أيضًا، بحيث إنه بمقدورهم أن يؤيدوا صدق ما قلته. وبالتالي إذا كان النظام الحسن والتناغم المصاحب له هو السمة المميزة لمن يتطلعون إلى مصدر واحد للسلطة، ومَن هم خاضعون لملك واحد، فإن الاضطراب العام وعدم التناغم هما علامة على غياب القيادة.

على نفس المنوال، إذا وجدنا في وسطنا مثل هذا الافتقار إلى الاتفاق كما ذكرت، سواء من جهة أحدنا الآخر، أو من جهة وصايا الرب، فإن هذا يمثل اتهامًا لنا إمّا برفضنا للملك الحقيقي بحسب القول الكتابي ”لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ“ (2تس 2: 7)، أو إنكار له كما يقول المرنم: ”قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلهٌ»“. وكعلامة أو برهان على ذلك، تأتي هذه الكلمات بعد ذلك: ”فَسَدُوا وَرَجِسُوا بِأَفْعَالِهِمْ“ (مز 14: 1).

وبهذا يكون الكتاب المقدس قد قدَّم الشر الظاهر كعلامة على الشر المختبئ والمتواري في النفس. لكن الرسول المطوب بولس إذ يوظف منهجًا أكثر تأثيرًا ليحول الفاسقين في قلوبهم إلى خوف من دينونات الله، فهو يضع العقاب التالي ليُطبَّق على هؤلاء الغافلين عن اكتساب معرفة الله الحقيقية. ما هي كلماته؟ ”وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ، أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ. مَمْلُوئِينَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَزِنًا وَشَرّ وَطَمَعٍ وَخُبْثٍ“ (رو 1: 28، 29)، وتتمته.

وأعتقد أن الرسول (بولس) يقول هذا مشيرًا إلى الدينونة، غير متحدث عن نفسه (لأن المسيح كان يتحدث داخله[3])، بل منقادًا بصوت (المسيح) الذي قال إنه كان يتحدث للجموع بأمثال حتى لا يفهموا الأسرار الإلهية التي للإنجيل،[4] إذ إنهم قد أغمضوا عيونهم أولاً، وكانوا متكاسلين عن أن يسمعوا بآذانهم، فقد صار قلبهم الغبي متقسيًا.[5] لأنهم كانوا سابقًا وبإراداتهم صاروا عميانًا بإظلام عين نفوسهم، فلذلك سيتكبدون عقوبة أن يستمر عماهم من جهة الأمور العالية. فداود يقول خوفًا من هذا الابتلاء: ”أَنِرْ عَيْنَيَّ لِئَلاَّ أَنَامَ نَوْمَ الْمَوْتِ“ (مز 13: 3).

وبناء على هذا وعلى أدلة مشابهة استخلصتُ أنه بوجه عام كنتيجة لعدم معرفة الله فإن شر الرذيلة ينتج فهمًا فاسقًا، وأن الشقاق بوجه خاص في العالم ينبع من حقيقة أننا نجعل أنفسنا غير جديرين بقيادة الرب. لكن إذا وجب أن أُخضع نفسي لفحصٍ في مثل هذا السلوك، فإنني لن أكون قادرًا على تقدير المدى الكامل لبلادته، وعدم عقلانيته، وجنونه -وإلا أي كلمة يجب أن أستخدمها لا أعرف، بسبب هول هذا الشر.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

فإذا وجدنا بين الحيوانات العجموات تناغمًا متبادلاً محفوظًا بسبب طاعتهم لقائد، فماذا يجدر بنا أن نقول عن التنافر الحاصل بيننا، وفي عدم خضوعنا لوصايا الرب؟ ألا يجب أن نفكر أن كل هذه النماذج قد قُدمت لنا الآن بواسطة الله الصالح من أجل تعليمنا وتوبتنا، لكن في يوم الدينونة العظيم والمخيف، فإنه سيحضرها من أجل خزي وإدانة مَن لم يستفيدوا بالتعليم؟

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[3] قارن (2كو 13: 3).

[4] قارن (مت 13: 13).

[5] قارن (مت 13: 15).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/adel-zekri/basil-judgment-of-god/obedience.html

تقصير الرابط:
tak.la/yqfkcs7