وأنا إذ تحررتُ من ضلال التقليد الوثني بفضل إحسان الله الصالح ولُطف محبته، ونعمة ربنا يسوع المسيح، وبعمل الروح القدس، فقد تربيت منذ البداية على يد أبوين مسيحيين. ومنهم تعلمتُ منذ الطفولية الكتب المقدسة التي قادتني إلى معرفة الحق.[2] وعندما بلغتُ الرجولة سافرت مرات كثيرة، وكما يحدث في المعتاد، انخرطتُ في أمور دنيوية كثيرة جدًا. وهنا لاحظت أن أكثر العلاقات انسجامًا كانت موجودة بين هؤلاء الذين تدربوا في السعي وراء كل من الفنون والعلوم. بينما في كنيسة الله وحدها، التي مات المسيح من أجلها وسكب عليها الروح القدس بفيض، لاحظتُ أن كثيرين يختلفون بعنف مع أحدهم الآخر، وكذلك يختلفون في فهمهم للأسفار المقدسة.
أكثر الأمور المزعجة في كل هذا أنني وجدت أن قادة الكنائس أنفسهم في هذا الخلاف فيما بينهم في الفكر والرأي، مظهرين مقاومة كبيرة لوصايا ربنا يسوع المسيح، وهم بهذا يمزقون كنيسة الله بلا رحمة، ومحدثين بلبلة لقطيعه، حتى أنه في أيامنا هذه مع ظهور الأنوميين، قد تحققت فيهم أكثر من أي وقت مضى النبوة القائلة: ”وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ“ (أع 20: 30).
وعندما شاهدتُ مثل هذه الاضطرابات، وتحيرتُ حول ما عسى أن يكون سبب ومصدر هذا الشر، كنتُ في البداية في حالة من الظلمة الكثيفة، إن جاز التعبير، كما لو كنت فوق ميزان، أميل إلى هذه الناحية، أي أنني أنجذب في مرة إلى رجل ما، وفي وقت آخر إلى رجل آخر، تحت تأثير التعلق الطويل بهؤلاء الأشخاص، ثم أندفع في الاتجاه الآخر، بينما كنت أذكِّر نفسي بصحة الكتب المقدسة. وبعد وقت طويل انقضى في هذه الحالة من التذبذب، وبينما كنت منشغلاً في البحث عن السبب الذي ذكرته، جاء إلى ذهني سفر القضاة، الذي يخبرنا عن كيف كان كل إنسان يفعل ما هو صائب في عينيه، ويقدم السبب وراء هذه الحالة بهذه الكلمات: ”فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ“ (قض 21: 25). حينئذٍ في ضوء هذه الكلمات في ذهني، طبقت أيضًا على الظروف الحالية ذلك التفسير الذي بقدر ما هو مُذهل ومخيف، فهو ينطبق بدرجة كبيرة عندما يُفهم.
لأنه لم يحدث من قبل أبدًا أن نشأ مثل هذا الشقاق والشجار مثل الآن بين أعضاء الكنيسة نتيجة ابتعادهم عن الإله الواحد الحقيقي العظيم، الملك الوحيد لهذا الكون. بالفعل كل إنسان يهجر تعاليم ربنا يسوع المسيح، وينتحل لنفسه سلطانًا في التعامل مع بعض القضايا، مختلقًا قواعده الخاصة، ومفضلاً ممارسة دور القيادة في معارضة للرب عن أن ينقاد له.
_____
[2] قارن (2تي 3: 15).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/adel-zekri/basil-judgment-of-god/disagreements.html
تقصير الرابط:
tak.la/dyh7nf5