(9) لا بُد أن أعلمكم أولاً بشأن ميلاد المسيح، وكيف أنه عمل الآب والابن، برغم أن ما فعله الآب والابن يُنسب للابن فقط. سأقتبس من بولس، وهو ضليع وبارع في الشريعة الإلهية. أقول إنني سأقتبس من بولس هذا الذي يحكم بشرائع السلام لا المحاكمة؛ لأن المحامين في أيامنا لديهم أيضًا بولس الذي يحكم بشرائع المحكمة، وليس بشرائع المسيحيين. فلندع الرسول الطاهر يبيِّن لنا إذن كيف أن ميلاد المسيح كان عمل الآب أيضًا.
إنه يقول: ”وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوس“ (غل 4: 4). هكذا سمعتم ما قاله، وفهمتهموه لأن ما قاله واضح ومباشر. انظروا، الآبُ جعلَ الابنَ يُولد من عذراء. لأنه ”لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ“، الآبُ أرسل مسيحه. كيف أرسله؟ ”مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوس“. الآبُ إذن جعله من امرأة تحت الناموس.
(10) هل هذا ربما يربكك أنني قلت من عذراء، وبولس قال من امرأة؟ لا تدع هذا يربكك. دعنا لا نتوقف هنا، لأنني لا أتحدث لأشخاص بلا تعليم. لقد قال الكتاب المقدس الشيئين، كلاً من ”من عذراء virgin“، و”من امرأة woman“. أين قال ”من عذراء“؟ ”هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا“ (إش 7: 14)، وكما سمعتم الآن ”من امرأة“. ولا يوجد تناقض هنا. لأن خصوصية اللسان العبري تعطي اسم ”امرأة“ ليس لمن فقدت حالة العذرية، بل للإناث عمومًا.
لدينا نص واضح في سفر التكوين، حين خُلقت حواء لأول مرة ”وَبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ... امْرَأَةً woman“ (تك 2: 22). والكتاب المقدس في موضع آخر قال إن الله أمر بأن تُعزل ”النِّسَاءِ women اللَّوَاتِي لَمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ“ (عد 31: 18).[6] وبالتالي يجب أن يكون هذا الأمر قد اتضح جيدًا، ولا يصح أن يعيقنا، لكيما نقدر أن نشرح بعون الرب ما سيعيقنا بشكل مُستحق.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
(11) لقد أثبتنا إذن أن ميلاد الابن كان عمل الآب، الآن دعونا نثبت أنه كان عمل الابن أيضًا. ما هو ميلاد الابن من العذراء مريم؟ بالتأكيد هو اتخاذه صورة عبد في رحم العذراء. هل ميلاد الابن يمكن أن يكون شيئًا آخر سوى اتخاذه صورة عبد في رحم العذراء؟ فلتسمعوا الآن أن هذا كان عمل الابن أيضًا: ”الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ“ (في 2: 6، 7)، ”لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ“ (غل 4: 4)، ”ابْنِهِ الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ“ (رو 1: 3). وبالتالي نرى في هذا أن ميلاد الابن كان عمل الآب أيضًا. لكن عندما نقرأ أيضًا أن الابن نفسه ”أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ“، فإننا نرى أن ميلاد الابن كان عمل الابن نفسه أيضًا. وبالتالي نكون قد أثبتنا هذا. دعنا إذن ننتقل من هذه النقطة، واسمعوا بانتباه ما يأتي بعد ذلك.
_____
[6] قارن أيضًا (قض 21: 11).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/adel-zekri/augustine-matthew-3-13/work-of-the-trinity.html
تقصير الرابط:
tak.la/7qjyy82