(12) فلنبرهن الآن على أن آلام الابن أيضًا كانت عمل الآب والابن. ربما نرى أن آلام الابن هي عمل الآب إذ إنه مكتوب: ”اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ (أسلمه) لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ“ (رو 8: 32)، ونرى أن آلام الابن كانت عمل الابن أيضًا ”الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي“ (غل 2: 20). لقد أسلم الآبُ الابنَ، والابنُ أسلم نفسه. الآلام نفسها نُفذت لواحدٍ، لكن بكليهما. ومثل الميلاد هكذا آلام المسيح لم تكن عمل الابن بدون الآب، ولا عمل الآب بدون الابن. الآبُ أسلم الابن، والابن أسلم ذاته. ماذا فعل يهوذا في هذا سوى خطيته الخاصة؟ دعنا ننتقل من هذه النقطة، ونأتي للقيامة.
(13) دعنا نرى أن الابن فعلاً، وليس الآب، هو الذي قام ثانية، لكن كلاً من الآب والابن كانا عاملين في قيامة الابن. قيامة الابن هي عمل الآب، لأنه مكتوب ”لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ“ (في 2: 9). ومِن ثَم فقد أقام الآبُ الابنَ إلى الحياة ثانية عندما رفعه وأنهضه من بين الأموات. فهل أقام الابن نفسه أيضًا؟ بالتأكيد نعم. لأن الابن تحدَّث عن الهيكل كرمز لجسده قائلاً: ”انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ“ (يو 2: 19). أخيرًا كما أن بذل الحياة يشير إلى الآلام، كذلك استرجاعها يشير إلى القيامة.
دعونا نرى إذن أنه إذا كان الابن قد وضع حياته فعلاً، والآب استعاد له حياته، وليس هو الذي استعادها لنفسه. لأن استعادة الآب لحياة ابنه أمر واضح؛ لأنه هكذا يقول المزمور: ”أَقِمْنِي، فَأُجَازِيَهُمْ“ (41: 10). لكن لماذا تنتظرون مني برهانًا على أن الابن أيضًا قد استعاد حياته لنفسه؟ فليتحدث هو بنفسه: ”لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا“، وأنا لم أقل بعد ما وعدت به، لأني قلت ”أَنْ أَضَعَها“، وأنتم تصيحون بالفعل لأنكم تستبقوني. لأنكم إذ أنتم متعلمون في مدرسة معلمكم الروحاني لأنكم تصغون بانتباه، وفي حب تقوي تحفظون وتكررون، ما يقرأ، فإنكم لا تجهلون بقية النص، فيقول ”لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا... لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا“.[7]
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
(14) لقد وفيت ما وعدت به. ولقد أثبت فرضياتي بأقوى البراهين والشهادات في رأيي. تمسكوا إذن بما سمعتموه. سألخص ما قلته بإيجاز، وسأودعه ليُخزَّن في أذهانكم كشيء له أعظم النفع في رأيي. الآبُ لم يولد من العذراء، ومع ذلك فميلاد الابن من العذراء كان عملَ كلٍّ من الآب والابن. ولم يتألم الآب على الصليب، غير أن آلام الابن كانت عملَ كلٍّ من الآب والابن. ولم يقم الآب من الأموات، إلا أن قيامة الابن كانت عمل كل من الآب والابن. ترون إذن تمايزًا بين الأقانيم، وعدم قابلية لانفصال العمل. وبالتالي دعنا لا نقول إن الآب يعمل أي شيء بدون الابن، ولا الابن يعمل أي شيء بدون الآب.
لكن ربما تجدون صعوبة بشأن المعجزات التي فعلها يسوع، لربما قد فعل بعضها التي لم يفعلها الآب! أين إذن هذا القول ”الآب الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ“ (يو 14: 10)؟ كل ما قلته إذن كان واضحًا، ولم توجد حاجة مُلحة لذكره. ولم توجد ضرورة لكثير من التعب حتى يُفهم، لكن ينبغي فقط إعطاء الاهتمام حتى يكون في متناول ذاكرتكم.
_____
[7] قارن (يو 10: 18، 17).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/adel-zekri/augustine-matthew-3-13/redemption-trinity.html
تقصير الرابط:
tak.la/t2t27at