(7) إذن أثق أنه من الواضح للنفوس الروحانية المتعقلة أنه لا توجد طبيعة يمكن مقارنتها بالله. لأنه إذا كان هو الكائن، وعنه وحده فقط يمكن أن يُقال هذا المصطلح (الكائن) بشكل حقيقي، فالله ليس فيه ما هو عكس ذلك. فكل ما له وجود حقيقي يبقى غير متغير. وكل ما يخضع للتغيير هو شيء لم يعد كما كان وسيكون شيئًا لم يكنه بعد. إن سألنا أحد ما هو عكس ”الأبيض“ سنجيب ”الأسود“. وإن سأل عكس ”الساخن“، سنجيب ”البارد“. وإن سأل عكس ”السريع“، سنجيب ”البطيء“، وهكذا على نفس المنوال. لكن حين يسأل ما هو عكس ”الكائن“ فإننا سنجيب على الفور ”العدم“.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
(8) لكن بحسب تدبيره الزمني، كما ذكرت، فإن طبيعتنا المتغيرة اتخذها حكمة الله غير المتغير من أجل خلاصنا وتجديدنا من خلال تدبير سماحة الله. وبناء على ذلك نضيف في مجال إيماننا الأعمال التي اُنجزت في الترتيب الزمني لخلاصنا، معترفين بإيماننا به باعتباره ابن الله الذي ولِد مِن العذراء مريم بواسطة عمل الروح القدس. ومن خلال هذه العطية الإلهية، أعني الروح القدس، فإن الاتضاع الاستثنائي لهذا الإله العظيم قد أُعطي لنا. فهو لذلك تفضَّل ليأخذ لنفسه طبيعة بشرية كاملة داخل رحم العذراء، ساكنًا بداخل جسد أمه المصون وتاركًا له مصونًا عند مغادرته.[19]
يثير الهراطقة اتهامات خبيثة ضد هذا التدبير الزمني بطرق متعددة. لكن إذا تمسك المرء بإيمان الكنيسة الجامعة، وآمن أن كلمة الله اتخذ طبيعة بشرية كاملة، أي جسدًا ونفسًا وروحًا، فإنه سينال حماية كافية ضد الهرطقة. لأن هذا الاتخاذ قد تحقق بالفعل من أجل خلاصنا، فيجب أن نحذر جيدًا من الفكرة القائلة بأن هناك مكونًا ما من طبيعتنا ليس له نصيب في الطبيعة المتخذة، وإلا لن يكون له نصيب في خلاصنا. فبخلاف شكل الأطراف، التي تختلف باختلاف فصائل الكائنات الحية، فإن الإنسان لا يختلف عن البهائم إلا بالعقل الذي لنفسه العاقلة، الذي يسمى أيضًا بالذهن. فكيف يكون سليمًا ذلك الإيمان الذي يعلِّم بأن حكمة الله اتخذ هذا الجزء من طبيعتنا الذي نتشارك فيه مع البهائم، وليس الجزء الذي يستنير بنور الحكمة، والذي هو من خصائص الإنسان؟[20]
_____
[19] من النصوص الهامة التي تشهد لإيمان الكنيسة الأولى بدوام بتولية العذراء، قبل وأثناء وبعد ولادتها للمسيح. قارن أيضًا عظة 51: 11: 18 للقديس أغسطينوس.
[20] نفس المبدأ قال به القديس غريغوريوس النزيانزي في رسالته رقم 101 لكليدونيوس ”ما لم يُتخذ لم يُشفَ“. (المترجم)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/adel-zekri/augustine-faith/incarnate-son-without-change.html
تقصير الرابط:
tak.la/qsrrvn6