St-Takla.org  >   books  >   adel-zekri  >   augustine-consentius-120
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الرسالة رقم (120): إلى كونسينتيوس - القديس أغسطينوس - ترجمة: د. عادل زكري

10- استبعاد المعاني الحسية عن الله

 

(14) لكن أنت يا عزيزي فلتصلِّ بحماس وإيمان لعل الرب يمنحك فهمًا، ولعل أي شيء تناله من خارج برعاية معلم أو سيد يكون مثمرًا، لأنه ”لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَ السَّاقِي، بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي“ (1كو 3: 7). فهو من نقول له: ”أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ“ (مت 6: 9)، ليس لأنه هناك وليس هنا، لأنه في كل مكان بحضوره غير المادي، لكن لأنه يُقال إنه يسكن في النفوس التقية التي يكون حاضرًا فيهم، وهؤلاء هم بشكل خاص في السماء، حيث موطننا أيضًا، إذا أجاب فمنا بصدق بأننا رفعنا قلبنا.[25] لأنه حتى إذا أعطينا معنى حسيًا لما هو مكتوب: ”السَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي، وَالأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ“ (إش 66: 1)، فيجدر بنا أن نؤمن أنه هنا وهناك أيضًا، برغم أنه ليس بالكامل هناك لأن قدميه ستكون هنا، وليس كله هنا لأن الأجزاء العلوية من جسده ستكون هناك. هذا الفكر الحسي ينبغي مرة أخرى أن ننفضه عنا بما هو مكتوب عنه، ”مَنْ كَالَ بِكَفِّهِ الْمِيَاهَ، وَقَاسَ السَّمَاوَاتِ بِالشِّبْرِ“ (إش 40: 12). على أية حال، مَن يا تُرى يمكن أن يجلس في مساحة كف يده، أو يضع قدميه في مكان صغير بحجم استيعاب قبضته؟ ربما هذه النظرة الحسية لا تتجاوز فكرة أنه من غير اللائق أن ننسب أطرافًا بشرية للجوهر الإلهي، إلا إذا تخيلناها كشيء وحشي، مثل كف أوسع من الحقوين، وقبضة يدٍ أكبر من القدمين معًا. لكن هذه الأوصاف تُقال بحيث عندما تبدو متناقضة إذا أخذناها بالمعنى الحسي، فإننا نتحذر بها فنفكر فيها بمعنى روحي غير موصوف.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The fifth day of the creation: Day 5 — fish and birds (Genesis 1:20-23) - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493. صورة في موقع الأنبا تكلا: اليوم الخامس للخليقة: خلق السمك والطيور (التكوين 1: 20-23) - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

St-Takla.org Image: The fifth day of the creation: Day 5 — fish and birds (Genesis 1:20-23) - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493.

صورة في موقع الأنبا تكلا: اليوم الخامس للخليقة: خلق السمك والطيور (التكوين 1: 20-23) - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

(15) لهذا السبب فإذا كنا نفكر في جسد الرب، الذي أقيم من القبر وصعد إلى السماء فقط في مظهر بشري وأعضاء، فلا ينبغي أن نفهم أنه يجلس على يمين الآب[26] بحيث إن الآب يبدو جالسًا على شماله. في هذه الغبطة التي تفوق الفهم البشري فلا يوجد سوى اليمين فقط، واليمين نفسه هو اسم لنفس هذه الغبطة.[27] وبالتالي تلك الكلمات التي قالها لمريم بعد القيامة ”لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي“ (يو 20: 17) لا تُفهم بذلك المعنى الأحمق كأننا ينبغي أن نفترض أنه مستعدٌ أن يُلمس من النساء بعد أن يصعد، لأنه سمح بأن يُلمس مِن الرجال قبل أن يصعد. لكن من الواضح عندما قال هذا لمريم، التي هي رمز للكنيسة، أراد أن يُفهم أنه صعد إلى أبيه عندما أدركت الكنيسة أنه معادلٌ لأبيه، وقد لمسته الكنيسة بواسطة الإيمان الذي يوصِّل إلى الخلاص، لأنه إذا ظن الناس أنه ظهر في الجسد فقط، فإنهم لن يلمسوه لخيرهم. هكذا لمسه المهرطق فوتينوس[28] حين آمن بأن المسيح كان إنسانًا فقط.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(16) وحتى إذا أمكننا قراءة معنى أفضل وأكثر انضباطًا في كلمات الرب السابقة، إلا أننا لا بُد أن نرفض بلا تردد الرأي القائل بإن جوهر الآب كان في السماء، باعتبار أن الآب أحد أقانيم الثالوث، لكن الألوهة في كل مكان وليست في السماء فقط -كما لو أن الآب شيءٌ وألوهيته التي يشاركها مع الابن والروح القدس شيءٌ آخر. لأن هذا يوحي بأن الثالوث نفسه سيكون جسميًا بشكل ما ومقيدًا بالمكان المادي، بينما الألوهة الواحدة للثلاثة أقانيم حاضرةٌ في كل مكان، وهي بكاملها في كل مكان لأنها غير مادية. لأنه لو كانت الألوهة صفة (طبيعة) لهم -وحاشا لله أن تكون الصفة (الطبيعة) شيئًا والجوهر شيئًا آخر في الآب أو الابن أو الروح القدس- أو لو أمكن أن تكون صفة لهم، فبلا شك لا يمكن أن توجد هذه الصفة (الطبيعة) في أي أي منهم (الأقانيم) أكثر مما تكون في جوهرهم. لكن إذا كانت الجوهر مختلفًا عن الأقانيم، فهو جوهر آخر، وهذا بوضوح عقيدة مغلوطة تمامًا.[29]

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[25] في القداسات الشرقية واللاتينية يوجد هذا المرد ”هي عند الرب“ على جملة ”ارفعوا قلوبكم!ّ“. (Sursum corda- Habemus ad Dominum).

[26] قارن (مر 16: 19).

[27] بينما يفسر آباء آخرون اليمين باعتباره المساواة في الكرامة والسلطان، يفسرها أغسطينوس هنا بحالة الغبطة. (المترجم)

[28] فوتينوس أسقف سيرميوم وهو تلميذ ماركيلوس أشقف أسقره، وكانت هرطقته قريبة من السابيلية وأدين في مجمع سارديكا عام 343م.

[29] ترجمة الجامعة الكاثوليكية تقول: حاشا لله أن تكون طبيعته مختلفة عن جوهره، لكن إذا أمكن أن توجد الطبيعة فلا يمكن أن توجد في أي واحد منهم (الأقانيم) أكثر مما توجد في الجوهر، لكن إذا كان الجوهر مختلفًا عنهم فهو جوهر مختلف، وهذا معتقد مغلوط بالكامل. (المترجم)


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/adel-zekri/augustine-consentius-120/sensory-meanings-from-god.html

تقصير الرابط:
tak.la/6vp4v7c