* تأملات في كتاب
نبوه باروخ: |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50 - 51 - 52 - 53 - 54 - 55 - 56 - 57 - 58 - 59 - 60 - 61 - 62 - 63 - 64 - 65 - 66 - 67 - 68 - 69 - 70 - 71 - 72
الإَصْحَاحُ السَّادِسُ
مقدمة
(1) السبي والعودة منه (ع1، 2)
(2) لا تخافوا من آلهة بابل (ع3-6)
(3) زينة الآلهة الوثنية (ع7-15)
(4) حقارة الأصنام (ع16-22)
(5) الأوثان بلا روح (ع23-28)
(6) الأصنام بلا قوة (ع29-39)
(7) الأوثان صنعة الناس (ع40-51)
(8) عجز الأصنام (ع52-72)
يظهر في مقدمة هذا الإصحاح أنه رسالة من الله كتبها إرميا النبي، وأعطاها للذين ستسبيهم بابل، ثم ضمت هذه الرسالة في نهاية نبوة باروخ، الذي هو تلميذ ومسجل نبوات إرميا، أي أن باروخ اهتم برسالة معلمه وضمها إلى نبوته. وهذا يبين أهمية هذه الرسالة وأنها من الله، وتبين أيضًا اتضاع باروخ، ومحبته لمعلمه التي ظلت مستمرة، ليس في حياة إرميا فقط، بل بعد استشهاده.
وهذه الرسالة تحذير لليهود المسبيين حتى لا يتأثروا بعبادة الأوثان المنتشرة في بلاد بابل، وكل ما يقدم لها من تعظيم وإكرام، سواء في المعابد، والكهنة، والموسيقى، والاحتفالات، وكل الشرور المصاحبة لها، مثل الزنى؛ حتى لا ينجذبوا إليها، أو يشاركوا البابليين في عبادتها.
1- إِنَّهُ لأَجْلِ الْخَطَايَا الَّتِي خَطِئْتُمْ أَمَامَ اللهِ يَسُوقُكُمْ نَبُوخَذْنَصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ فِي الْجَلاَءِ إِلَى بَابِلَ. 2- فَإِذَا دَخَلْتُمْ بَابِلَ فَسَتَكُونُونَ هُنَاكَ سِنِينَ كَثِيرَةً وَزَمَانًا طَوِيلًا إِلَى سَبْعَةِ أَجْيَالٍ وَبَعْدَ ذلِكَ أُخْرِجُكُمْ مِنْ هُنَاكَ بِسَلاَمٍ.
ع1:
يعلن إرميا بوضوح لشعب الله أن سبب السبي البابلي، والذل الذي تعرض له شعب الله، فساقهم البابليون كالغنم، وأخذوهم عبيدًا؛ سبب كل هذا هو الخطايا التي سقط فيها شعب الله، وأهمها عبادة الأوثان، والشهوات الشريرة.
ع2: يتنبأ إرميا لشعب الله بأنهم سيقيمون في بلاد المملكة البابلية مدة طويلة، ويحددها بسبعة أجيال، والجيل فترة زمنية تختلف من زمن إلى آخر. ويقصد بالجيل هنا عشر سنوات، أي أن مدة بقاء بني إسرائيل في بابل هي سبعين عامًا. ويتنبأ أيضًا ببشرى لشعب الله، وهي أن الله سيخرجهم من بابل؛ ليعودوا إلى أرضهم، ويعبدوا الله في هيكله. وهذا الخروج سيكون بسلام أي لن يحتاجوا إلى القيام بثورة، أو الدخول في صراع وحرب مع بابل. وهذا يظهر عظمة عمل الله الذي يخرج شعبه بهدوء وسلام، بل وبكرامة عظيمة. وقد سبق وتنبأ إرميا بالرجوع من السبي بعد سبعين عامًا في نبوته المعروفة (إر25: 12؛ 29: 10).
†
إفحص نفسك إذا دخلت في ضيقة لئلا يكون السبب هو خطاياك. واعلم أن الطريق هو التوبة، فتنال مراحم الله، الذي يخلصك من أية ضيقة مهما كانت شديدة، أو طال زمانها.3- وَالآنَ فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ فِي بَابِلَ آلِهَةً مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالْخَشَبِ تُحْمَلُ عَلَى الْمَنَاكِبِ وَتُلْقِي الرَّهْبَةَ عَلَى الأُمَمِ 4- فَاحْتَرِزُوا أَنْ تَتَشَبَّهُوا بِالْغُرَبَاءِ وَتَأْخُذَكُمْ مِنْهَا رَهْبَةٌ. 5- وَإِذَا رَأَيْتُمُ الْجُمُوعَ أَمَامَهَا وَوَرَاءَهَا يَسْجُدُونَ لَهَا فَقُولُوا فِي قُلُوبِكُمْ: «لَكَ يَا رَبُّ يَنْبَغِي السُّجُودُ». 6- فَإِنَّ مَلاَكِي مَعَكُمْ وَهُوَ يُطَالِبُ بِأَنْفُسِكُمْ.
ع3:
المناكب: الأكتاف.ينبه إرميا شعب الله بأنهم عندما سيذهبون إلى بلاد بابل سيرون هناك تعظيم لعبادة الأوثان. فيرون تماثيل مصنوعة من الذهب، أو الفضة، أو الخشب، ويقدمون لها عبادة بخشوع، ويخافون من هذه الآلهة ويسجدون أمامها، مع أنهم يحملونها على أكتافهم؛ لينالوا بركاتها في الأماكن التي يذهبون إليها. وهذا يؤكد عجزها عن الحركة، ولكنهم في عبادتهم لها يقدمون لها البخور، والصلوات المصحوبة بموسيقى صاخبة؛ لتعطى في نفوس الناس الخوف والتمجيد لهذه الآلهة.
ع4: احترزوا
: انتبهوا واحترسوا.يحذر إرميا شعب الله أن تتأثر مشاعره بما يفعله البابليون في توقيرهم وخشوعهم أمام هذه الأصنام. فلا يتشبه شعب الله بهؤلاء الوثنيين، ولا يخافوا هذه التماثيل الصماء الضعيفة العاجزة. ويقصد بالغرباء البابليين البعيدين عن الإيمان بالله.
ع5: ويقول إرميا لشعبه أنهم إذا رأوا البابليين يسجدون للأصنام يرفعون قلوبهم لله، ويمجدوه، ويتذكرون أنه له وحده ينبغى السجود، وليس لهذه الآلهة المزورة.
ع6: يذكر إرميا بني إسرائيل المسبيين بأن ملاك الله يرافقهم. ويقصد هنا الملائكة الحراس الذين يحرسون المؤمنين بالله طوال حياتهم، ليثبتوهم في الإيمان، ويحفظونهم في كل خطواتهم، وفى كل مكان يذهبون إليه.
وملاك الله يطالب بأنفسهم، فهو يرى مدى أمانتهم في تبعيتهم لله، وعدم انسياقهم وراء العبادة الوثنية، ومن ناحية أخرى هو يحميهم إن حاول البابليون إرغامهم على السجود لهذه الأصنام. فالملاك يعلن مخافة الله وضرورة التمسك بالإيمان به، وفى نفس الوقت يحميهم ويدافع عنهم ضد هؤلاء الوثنيين الغرباء عنهم، وعن الله، وبالتالي لا يخافوا من سلطانهم، أو من هذه الآلهة المزيفة.
†
كن حريصًا إذا رأيت تصرفات أهل العالم الغريبة عن وصايا الله، فلا تتشبه بهم في أي شيء يغضب الله، سواء بالكلام، أو التصرف وتذكر دائمًا الله الذي أمامك، وملاكه الذي يسير بجوارك ويحفظك في كل وقت.7- أَمَّا تِلْكَ فَإِنَّ لَهَا أَلْسِنَةً قَدْ نَحَتَهَا النَّجَّارُ وَهِيَ مُغَشَّاةٌ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لكِنَّهَا آلِهَةُ زُورٍ لاَ تَسْتَطِيعُ نُطْقًا. 8- يَأْخُذُ النَّاسُ لَهَا ذَهَبًا كَمَا يُؤْخَذُ لِعَذْرَاءَ تُحِبُّ الزِّينَةَ 9- فَيَصُوغُونَ أَكَالِيلَ يَجْعَلُونَهَا عَلَى رُؤُوسِ آلِهَتِهِمْ، وَرُبَّمَا سَرَقَ الْكَهَنَةُ مِنْ آلِهَتِهِمِ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لِمَنْفَعَةِ أَنْفُسِهِمْ 10- وَقَدْ يَبْذُلُونَ مِنْهُمَا لِلزَّوَانِي اللاَّتِي فِي الْبَيْتِ. يُزَيِّنُونَ الآلِهَةَ بِالْمَلاَبِسِ كَالْبَشَرِ وَهِيَ مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالْخَشَبِ 11- فَهِيَ لاَ تَسْلَمُ مِنَ الصَّدَإِ وَالسُّوسِ وَإِنْ كَانَتْ تَلْبَسُ الأُرْجُوَانَ. 11- وَيَمْسَحُونَ وُجُوهَهَا مِنْ غُبَارِ الْبَيْتِ الْمُتَرَاكِمِ عَلَيْهَا. 13- وَفِي يَدِ كُلٍّ مِنْهَا صَوْلَجَانٌ كَالْحَاكِمِ عَلَى بَلَدٍ لكِنَّهُ لاَ يَقْتُلُ مَنْ يُجْرِمُ إِلَيْهِ. 14- وَفِي يَمِينِهِ سَيْفٌ وَفَأْسٌ لكِنَّهُ لاَ يُنَجِّي نَفْسَهُ مِنَ الْحَرْبِ وَاللُّصُوصِ. فَحَقَّ بِذلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بآلِهَةٍ 15- فَلاَ تَخَافُوهَا فَإِنَّهُ كَمَا أَنَّ الإِنَاءَ الْمَكْسُورَ لاَ يَنْفَعُ صَاحِبَهُ كَذلِكَ آلِهَتُهُمْ.
ع7:
زور: غش.يوضح إرميا أن الأصنام التي يعتبرونها آلهة هي صنعة النجار، الذي نحت لها لسان، وغطاه بالذهب ليكون له منظر جميل، ولكن هذه الآلهة لا تستطيع أن تتكلم، فهي مجرد تماثيل شكلها جميل كتحف، ولكنها عاجزة عن الكلام، وعن أي عمل.
ع8: الوثنيون يقدمون للتماثيل التي يسمونها آلهة ذهبًا، كما يقدم لأى عذراء ذهبٌ تتحلى به لتبدو جميلة، فيعجب بها الشباب، ويتقدم أحدهم للزواج منها. وهكذا أيضًا يزينون هذه التماثيل بالذهب ليعجب بها الناس، وينبهرون بجمالها، وينجذبون إليها، ويعبدونها. وبالطبع كل هذا خداع يخدعون به أنفسهم.
ع9: يصوغون
: يشكلون ويصنعون.إن الوثنيين يصنعون أكاليل من الذهب ويضعونها على هذه التماثيل تكريمًا لها كآلهة، ولكن الكهنة المسئولين عن معابد الأوثان يسرقون الذهب وكذلك الفضة التي تقدم للآلهة، ويستفيدون منها لأنفسهم. وبالطبع هذه التماثيل لا تفهم، ولا تستطيع الدفاع عن نفسها؛ لأنها مجرد تماثيل عاجزة عن كل شيء، فكيف تكون آلهة؟!
ع10-12: يستكمل إرميا إظهار فساد عبادة الأوثان، فبالإضافة إلى عجزها، وسرقة الكهنة للفضة والذهب، الذي يؤكد فساد أخلاقهم، يضيف أيضًا:
كان الذهب والفضة أيضًا يُستخدمان في دفع أجر الزوانى الذين يخدمون في معابد الأوثان. فمما يؤكد فساد هذه العبادة أن الكهنة ادعوا أن إرضاء الآلهة يكون بالزنى. فأقاموا أماكن للزنى مع النساء، وأيضًا أماكن للزنى مع الرجال، أي ممارسة الشذوذ الجنسي.
اهتم الكهنة بتزيين الأصنام، فيلبسونها ملابس فاخرة، مثل الأرجوان الذي يلبسه الملوك والعظماء؛ ليظهروا أهمية هذه الآلهة، مع أنها مجرد تماثيل مصنوعة من الخشب المغطى بالفضة، أو الذهب، وبعضها مصنوع من الحجر، والآخر مصنوع من الذهب، أو الفضة الخالصة، ولكنها مجرد تماثيل معرضة ِأن تصدأ معادنها، أو يأكل السوس خشبها، وتتلف مهما ألبسوها من ملابس ذات مظهر جذاب، كما يغطى وجوه هذه التماثيل غبار البيت، أي التراب والرمال، فيمسحونها وينظفونها لتبدو جميلة، ولكنها بالطبع عاجزة أن تحمى وجوهها من التراب.
: عصا ذهبية يمسكها الحاكم في يده؛ لتعلن سلطانه على مملكته.
يبين إرميا عجز هذه الآلهة بأمور جديدة بخلاف ما سبق وهي:
يضعون في أيدي هذه التماثيل صولجان الملك، مع أن هذه التماثيل عاجزة عن الدفاع عن نفسها، أو معاقبة من يسئ إليها.
يضعون في أيدي هذه التماثيل سيف، وفأس، ولكنها لا تستطيع أن تحارب، أو تدفع عنها اللصوص الذين يسرقونها.
كل هذا يؤكد عجز هذه الأصنام، وأنها بالطبع ليست آلهة ولكن مجرد تماثيل.
ع15: من كل ما سبق يظهر عجز هذه التماثيل التي يسمونها آلهة، وبالتالي ينبه إرميا -بعد أن شرح مدى عجز هذه الأصنام- فيطلب من شعبه ألا يخاف من هذه الآلهة الوثنية، كما لا يخاف أي إنسان من إناء مكسور، بل يلقيه مع النفايات، فهذه التماثيل تشبه الإناء المكسور في أنها بلا فائدة وبالتالي لا يصح أن يهتم بها أحد، أو يعبدها.
†
لا تنساق مع أفكار العالم التي تمجد الماديات فكلها زائلة، ولكن انظر إلى الله الساكن فيك لتحبه، وتعبده، وترضيه في كل أعمالك.16- إِذَا نُصِبَتْ فِي الْبُيُوتِ فَعُيُونُهَا تَمْتَلِئُ غُبَارًا مِنْ أَقْدَامِ الدَّاخِلِينَ. 17- يُحْظَرُ عَلَيْهَا فِي الدِّيَارِ كَمَا يُحْظَرُ عَلَى مَنْ أَجْرَمَ إِلَى الْمَلِكِ وَكَهَنَتُهَا يُحَصِّنُونَ بُيُوتَهَا بِأَبْوَابٍ وَأَقْفَالٍ وَمَزَالِيجَ كَمَا يُفْعَلُ بِمَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ لِئَلاَّ تَسْلُبَهَا اللُّصُوصُ. 18- يُوقِدُونَ لَهَا مِنَ السُّرُجِ أَكْثَرَ مِمَّا يُوقِدُونَ لأَنْفُسِهِمْ وَهِيَ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرَى مِنْهَا شَيْئًا. 19- إِنَّمَا هِيَ كَجَوَائِزِ الْبَيْتِ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ حَشَرَاتِ الأَرْضِ تَنْهَشُ قُلُوبَهَا فَتُؤْكَلُ هِيَ وَثِيَابُهَا وَلاَ تَشْعُرُ. 20- تَسْوَدُّ وُجُوهُهَا مِنَ الدُّخَانِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ. 21- عَلَى أَبْدَانِهَا وَرُؤُوسِهَا يَثِبُ الْبُومُ وَالْخُطَّافُ وَسَائِرُ الطُّيُورِ وَالسَّنَانِيرُ. 22- فَاعْلَمُوا مِنْ ذلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآلِهَةٍ فَلاَ تَخَافُوهَا.
ع16:
يظهر إرميا حقارة هذه الأصنام بأنها تتغطى من التراب الملتصق بأقدام من يزورون معابدها، فكأنه يقول أن هذه الأصنام تداس بالأقدام؛ لأن تراب الأقدام هو الذي يغطى عيون هذه الآلهة.
ع17: يحظر: يمنع.
مزاليج : جمع مزلاج وهو ساق معدنية، أو خشبية يغلق بها الباب من الداخل ويتحرك باليد.
يبين أيضًا حقارة هذه التماثيل بأنها توضع في المباني المخصصة لها، أي معابدها، وتغلق هذه المعابد بأبواب وأقفال ومزاليج؛ حتى لا يستطيع اللصوص الوصول إليها وسرقتها. فهذه التماثيل محبوسة في سجن لا تستطيع الخروج منه. وهي لا تشعر بشئ؛ لأنه ليس فيها حياة، وبالطبع هي ليست آلهة، بل مجرد مقتنيات وتحف.
ع18: السرج: المصابيح.
يبين إرميا أيضًا ضعف هذه التماثيل في أن كهنتها يوقدون لها سرجًا كثيرة في معابدها؛ ليبدو المعبد مبهجًا، ويناسب عظمة هذه الآلهة. وهذه المصابيح كثيرة أكثر مما يوقد في البيوت، ولكن هذه التماثيل لا ترى النور، ولا تشعر بهذه السرج، فهي حقيرة جدًا.
ع19: جوائز: الأعمدة الخشبية التي تعمل منها البيوت في الحوائط والأسقف.
يظهر إرميا حقارة هذه الآلهة المصنوعة من الخشب ويلبسونها ملابس براقة، في أن الحشرات، مثل السوس وغيرها، تأكل هذه الآلهة من الداخل والخارج، وكذلك ثيابها، فتشوه منظرها وتأكل قلبها، أي أعماقها.
ع20: هذه التماثيل أيضًا يغطيها السواد الناتج من إضاءة المصابيح، أو من احتراق الفحم والبخور، ويحتاجون أن يزيلوا هذا السواد؛ لتستعيد مظهرها وبريقها. فهي ضعيفة جدًا لا تستطيع أن تصد عنها من يسئ إلى مظهرها الجميلِ، فهي إذن حقيرة.
ع21: تثب: تقفز.
الخطاف : طائر له مخالب كبيرة، ويسمى السنونو ويتغذى على الحشرات.
السنانير : جمع سنورة، وهو أحد أنواع القطط ويتغذى على الفئران.
تدخل إلى معابد الأوثان الطيور والحيوانات، وتقفز فوق التماثيل هذه الطيور، مثل البوم والخطاف والسنانير. فهذه التماثيل حقيرة إذ تعبث بها وتقفز فوقها الطيور والحيوانات.
ع22: من كل ما سبق تظهر حقارة هذه الآلهة الوثنية، وبالتالي يوصى إرميا شعبه ألا يخافوا من هذه الآلهة.
†
إن كل ماديات العالم زائلة، فليت قلبك يا أخى يتعلق بالله، فهو وحده الأزلي والأبدي والقادر على كل شئ، ويحبك، ويسعى لخلاص نفسك، فلا تنشغل عنه.23- وَالذَّهَبُ الَّذِي يُغَشِّيهَا لِلزِّينَةِ إِنْ لَمْ يُمْسَحْ صَدَأُهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَوْنَقٌ كَمَا أَنَّهَا إِذْ صِيغَ عَلَيْهَا لَمْ تَشْعُرْ. 24- تُبْتَاعُ بِكُلِّ ثَمَنٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رُوحٌ. 25- لَيْسَ لَهَا أَرْجُلٌ، فَتُحْمَلُ عَلَى الْمَنَاكِبِ وَبِذلِكَ تُبْدِي لِلنَّاسِ هَوَانَهَا وَالَّذِينَ يَعْبُدُونَهَا هُمْ أَيْضًا يَخْزَوْنَ. 26- لأَنَّهَا إِذَا سَقَطَتْ عَلَى الأَرْضِ لاَ تَقُومُ مِنْ نَفْسِهَا وَلاَ إِذَا نَصَبَهَا أَحَدٌ تَتَحَرَّكُ مِنْ نَفْسِهَا وَلاَ إِذَا أُمِيلَتْ تَسْتَقِيمُ بَلْ تُقَدَّمُ إِلَيْهَا الْهَدَايَا كَمَا تُقَدَّمُ إِلَى أَمْوَاتٍ. 27- وَكَهَنَتُهَا يَبِيعُونَ ذَبَائِحَهَا لِمَنْفَعَةِ أَنْفُسِهِمْ. وَكَذلِكَ نِسَاؤُهُمْ يُمَلِّحْنَ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَلاَ يَجْعَلْنَ فِيهَا حَظًّا لِمِسْكِينٍ وَلاَ سَقِيمٍ.28- الطَّامِثُ وَالنُّفْسَاءُ تَلْمُسَانِ ذَبَائِحَهَا. فَإِذْ قَدْ عَلِمْتُمْ مِنْ ذلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآلِهَةٍ فَلاَ تَخَافُوهَا.
ع23:
رونق: جمال.صيغ عليها : أي وضعت على التماثيل معادن سائلة لتشكل بأشكال جميلة فوق هذه التماثيل.
إن تماثيل الآلهة الوثنية المصنوعة من معادن تتعرض للصدأ كما ذكرنا، ولا تشعر بهذا الصدأ. وإذا صيغ عليها معادن جديدة لتجميلها لا تشعر أيضًا؛ لأنه ليس فيها روح.
ع24: هذه الآلهة مجرد تماثيل تباع بأثمان مختلفة لمن يريد أن يشتريها ويعبدها، فكيف تكون آلهة، وهي مجرد تماثيل بلا حياة تباع ويمتلكها المشترى؟!
ع25: المناكب: الأكتاف.
تبدى : تظهر.
هوانها : حقارتها وعارها.
يخزون : يخجلون.
إن هذه التماثيل التي يسمونها آلهة يحملها الناس على أكتافهم، لينقلوها من مكان إلى مكان، وبهذا يظهر أن هذه الآلهة ليس لها قدرة على الحركة، مع أن لها أرجل، فهي بلا حياة. فيظهر خزيها وخزى كل من يعبدها.
ع26: يؤكد إرميا عجز هذه التماثيل عن الحركة، فإذا سقطت على الأرض لا تستطيع أن تقوم من نفسها، وإذا أقاموها ووضعوها في مكان لا تستطيع أن تتحرك منه، وإذا مالت على جانبها لا تستطيع أن تعود إلى وضعها السليم، وإذا قدم إليها من يعبدها هدية، فلا تشعر به، فهي كالميت بلا حياة، فكيف يسمونها آلهة؟!.
ع27: سقيم: مريض.
يظهر فساد عبادة الأوثان في أن الذبائح التي تقدم إليها يأخذها الكهنة لأنفسهم؛ ليأكلوا منها، ويضعوا الملح على الباقى حتى لا يفسد؛ ليأكلوه فيما بعد. ولكن لا يوزع منه على إنسان فقير، أو مريض. فكهنتها بعيدون عن الرحمة وعمل الخير، كما في عبادة الله عند بني إسرائيل.
ع28: الطامث: المرأة التي تمر بفترة الدورة الشهرية.
النفساء : المرأة التي ولدت حديثًا.
المرأة التي تعتبر في شريعة موسى غير قادرة على لمس المقدسات لأنها تمر بظروف خاصة، مثل الطمث والولادة، نجدها في عبادة الأوثان تلمس هذه الآلهة، وكل ما يتصل بها، وهذا يؤكد أيضًا أن هذه التماثيل ليست آلهة.
†
إذا ارتبطت بالصلاة وعبادة الله يعمل فيك روحه القدوس، فتمتلئ حياة. ولكن إذا تعلقت بشهوات العالم وشروره، تفقد حياتك وتصير ميتًا بالروح، حتى لو كنت تتحرك على الأرض، ولك اسم عظيم عليها.← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
29- لِمَاذَا تُسَمَّى آلِهَةً؟ لأَنَّ النِّسَاءَ يُقَدِّمْنَ الْهَدَايَا لِهذِهِ الآلِهَةِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالْخَشَبِ.30- وَلأَنَّ الْكَهَنَةَ يَجْلِسُونَ فِي بُيُوتِهَا بِأَقْمِصَةٍ مُمَزَّقَةٍ وَهُمْ مَحْلُوقُو الرُّؤُوسِ وَاللِّحَى وَرُؤُوسُهُمْ مَكْشُوفَةٌ 31- وَيَعِجُّونَ صَائِحِينَ أَمَامَ آلِهَتِهِمْ كَالْجَالِسِينَ عَلَى مَأْدُبَةِ الْمَيْتِ.32- الْكَهَنَةُ يَنْزِعُونَ مِنْ ثِيَابِهَا مَا يَكْسُونَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلاَدَهُمْ.33- وَإِذَا أَسَاءَ إِلَيْهَا أَحَدٌ أَوْ أَحْسَنَ فَلاَ تَسْتَطِيعُ الْمُكَافَأَةَ وَلاَ فِي وُسْعِهَا أَنْ تُقِيمَ مَلِكًا أَوْ تَخْلَعَهُ34- وَلاَ تَقْدِرُ أَنْ تَهَبَ عَرْضًا وَلاَ نَقْدًا. وَإِذَا نَذَرَ أَحَدٌ نَذْرًا وَلَمْ يَقْضِهِ فَلاَ تُطَالِبُ.35- لاَ تُنَحِّي أَحَدًا مِنَ الْمَوْتِ وَلاَ تُنْقِذُ الضَّعِيفَ مِنْ يَدِ الْقَوِيِّ. 36- لاَ تَرُدُّ الْبَصَرَ لِلأَعْمَى وَلاَ تُفَرِّجُ عَنْ ذِي شِدَّةٍ.37- لاَ تَرْحَمُ أَرْمَلَةً وَلاَ تُحْسِنُ إِلَى يَتِيمٍ. 38- فَهذِهِ الآلِهَةُ الَّتِي هِيَ مِنَ الْخَشَبِ مُغَشَّاةً بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُمَاثِلُ حِجَارَةً مِنَ الْجَبَلِ وَالَّذِينَ يَعْبُدُونَهَا يَخْزَوْنَ 39- فَكَيْفَ يَسُوغُ أَنْ تُحْسَبَ أَوْ تُسَمَّى آلِهَةً.
اللحى: جمع لحية وهي الشعر النابت من الذقن.
يعجون : يصيحون.
مأدبة : وليمة.
يتساءل إرميا لماذا تسمى هذه التماثيل آلهة وهي مجرد تماثيل؟ ويجيب بأن الناس هم الذين خدعونا وسموها آلهة، وأقاموا لها عبادة وطقوس كأنها آلهة. ومظاهر هذه العبادة هي:
تقوم النساء بتقديم هدايا لهذه التماثيل المصنوعة من الذهب والفضة والخشب.
الكهنة يظهرون أنهم مرعوبين من هذه الآلهة، فيمزقون ثيابهم، ويحلقون رؤوسهم ولحاهم ويكشفون رؤوسهم إظهارًا لخوفهم وإرتعابهم منها. ليشيعوا هذا الخوف في قلوب الداخلين إلى المعابد، فيتخيل الناس أنها آلهة تخيف الناس؛ فيسجدون أمامها ليرضوها.
يصيح الكهنة بأصوات عالية ويولولون، كما يولول الناس أمام الميت في الموائد التي تقام في الجنازات. وكل هذا الصياح؛ ليبث الخوف في قلوب من يأتي إلى المعبد. فهذه التماثيل ليس فيها أية قوة، ولكن الناس، وهم الكهنة والنساء اللاتي يخدمن في المعابد، يوهمون الداخلين إلى المعبد بأن هذه الآلهة لها قوة، وتخيف الناس.
ع32: هذه التماثيل لا تستطيع الدفاع عن نفسها. فالكهنة يسرقون الملابس التي تغطيها لتلبسها نساؤهم وأطفالهم. فهذه التي تدعى آلهة عاجزة عن الدفاع عن نفسها إذا سرقت ثيابها من عليها.
ع33: أولًا كانت هذه الآلهة عاجزة عن أي عمل، والكهنة هم الذين يوهمون الناس بأنها قوية ومرعبة. والأمر الثاني الذي يظهر ضعفها أن الكهنة يسرقون ثيابها ولا تستطيع أن تقاومهم. والأمر الثالث الذي يظهر ضعفها تظهره هذه الآية، فهي لا تستطيع أن ترد أية إساءة توجه إليها، أو تكافئ من يحسن إليها. والأمر الرابع الذي يظهر في هذه الآية أيضًا هو عجزها عن إقامة ملك على مملكة، أو تخلعه من الملك.
ع34:
عرضًا: تقديم هبات عينية تغنى من يحصل عليها.نقدًا : عملات مالية، أي نقود.
الأمر الخامس الذي يظهر عجز الآلهة الوثنية هو عدم قدرتها على أن تعطى عطايا مادية بأى شكل.
والعجز السادس هو إذا نذر إليها أحد نذرًا ولم يوفه لا تستطيع أن تطالبه بإيفاء النذر.
ع35: العجز السابع في هذه الآلهة هو عدم قدرتها على إنقاذ أي إنسان من الموت لو التجأ إليها، أو طلب أحد منها أن تنقذ هذا المعرض للموت. أما العجز الثامن فيها هو أنها لا تستطيع أن تنقذ الضعيف المظلوم من يد الظالم له.
ع36: العجز التاسع هو عدم استطاعة هذه الآلهة أن تفتح عينى أعمى. والعجز العاشر هو عدم قدرتها أن تفك أزمة أي إنسان في شدة.
ع37: العجز الحادي عشر هو ضعف هذه الآلهة المزيفة عن عمل الرحمة؛ سواء مع أرملة تحتاج إلى مساندة، أو يتيم يحتاج إلى رعاية.
الخلاصة يقررها إرميا وهو أن هذه المسماة آلهة والمصنوعة من الخشب ومغشاة بالفضة والذهب تشبه حجارة حقيرة مقطوعة من الجبل. وبالتالي من يعبد هذه الحجارة والأخشاب هو إنسان غير عاقل، ولابد أن يخزى ويخجل، لأن آلهته ضعيفة وعاجزة عن كل شيء. وبالتالي فهي ليست آلهة ولا يجوز إكرامها، أو الخوف منها.
†
لا تخف من تقلبات العالم المحيطة بك. فهي مجرد أحداث متتابعة في الحياة، ليس لها سلطان عليك، لأن الله إلهك هو ضابط الكل، ويحميك. فقط اتكل عليه، فيوجه كل شيء لخيرك، فتحيا في أمان بين يديه.40- بَلِ الْكَلْدَانِيُّونَ أَنْفُسُهُمْ يَزْدَرُونَهَا. فَإِنَّهُمْ إِذَا رَأَوْا أَبْكَمَ لاَ يَنْطِقُ يُقَدِّمُونَهُ إِلَى بَالٍ وَيَطْلُبُونَ مِنْهُ النُّطْقَ كَأَنَّهُ يَشْعُرُ 41- وَمَعَ اخْتِبَارِهِمْ لَهَا لاَ يَتْرُكُونَ عِبَادَتَهَا لأَنَّهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ. 42- وَالنِّسَاءُ يَقْعُدْنَ عَلَى الطُّرُقِ مُتَحَزِّمَاتٍ بِالْحِبَالِ يُبَخِّرْنَ بِالنُّخَالَةِ 43- فَإِذَا اجْتَذَبَ مُجْتَازٌ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَضَاجَعَهَا عَيَّرَتْ صَاحِبَتَهَا بِأَنَّهَا لَمْ تَحْظَ مِثْلَهَا وَلَمْ يُقْطَعْ حَبْلُهَا. 44- وَكُلُّ مَا يَصْنَعُ لِهذِهِ الآلِهَةِ إِنَّمَا هُوَ زُورٌ فَكَيْفَ يَسُوغُ أَن تُحْسَبَ أَوْ تُسَمَّى آلِهَةً.45- هِيَ صَنْعَةُ النَّجَّارِ وَالصَّائِغِ فَلاَ تَكُونُ إِلاَّ مَا يُرِيدُ صَانِعُهَا. 46- وَالَّذِينَ صَنَعُوهَا قَصِيرُو بَقَاءٍ فَكَيْفَ يَكُونُ مَا صَنَعُوهُ.47- إِنَّهُمْ تَرَكُوا لِمَنْ يَلِيهِمْ زُورًا وَعَارًا. 48- وَإِذَا أَتَى عَلَيْهَا حَرْبٌ وَشَرٌّ يَأْتَمِرُ الْكَهَنَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَيْنَ يَخْتَبِئُونَ بِهَا 49- فَكَيْفَ لاَ يُشْعَرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآلِهَةٍ وَهِيَ لاَ تُخَلِّصُ أَنْفُسَهَا مِنَ الْحَرْبِ وَالشَّرِّ. 50- وَبِمَا أَنَّهَا مِنَ الْخَشَبِ مُغَشَّاةً بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَسَيُعْلَمُ فِيمَا بَعْدُ أَنَّهَا زُورٌ وَيَتَبَيَّنُ لِجَمِيعِ الأُمَمِ وَالْمُلُوكِ أَنَّهَا لَيْسَتْ آلِهَةً بَلْ صَنْعَةَ أَيْدِي النَّاسِ وَلاَ شَيْءَ فِيهَا مِنْ صَنْعَةِ اللهِ.51- فَهَلْ مِنْ حَاجَةٍ إِلَى التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآلِهَةٍ.
الكلدانيون: هم البابليون الساكنون في منطقة بين النهرين في العراق وما حولها.
يزدرونها : يحتقرونها.
أبكم : أخرس لا يتكلم.
بال : إله وثني عند البابليين.
الكلدانيون الذين يعبدون هذه الآلهة الوثنية يحتقرونها؛ لأنها عاجزة عن أي عمل، فمثلًا يقدمون لها إنسانًا مريضًا، أو فيه عاهة، مثل الأبكم لشفائه، فلا يحدث شيء. فهم يكلمون الآلهة الوثنية كأنها تشعر بهم، وتسمعهم، ولكنها مجرد خشب، أو حجارة. فيدركون بعقولهم ضعفها وعجزها، فيحتقرونها. ولكنهم للأسف في غباء مستمرين في عبادتها؛ إذ أن الإنسان الذي تعود على شيء يصعب عليه تغييره في معظم الأحيان، حتى لا يقول إنى كنت مخطئًا فترة طويلة من عمرى. فالبابليون اختبروا هذه الآلهة مرات كثيرة، وظهر عجزها عن أي عمل، ومع هذا يعبدونها.
ع42-44: النخالة: مواد صلبة عند طحنها وحرقها تنتج روائح عطرة وتثير الشهوة الجنسية.
حبلها : الحبل السرى الذي يقطع عند الولادة، والمقصود أنها حبلت وولدت.
وتمادى البابليون في عبادة الأوثان، التي لا تشعر، وعاجزة عن كل شيء في أنهم يجعلون النساء اللائى يخدمن في المعابد يجلسن على الطريق بجوار المعبد الوثني، ويبخرن بالنخالة المثيرة للشهوة ليجتذبن بها المارة. وإذا انجذب رجل إلى واحدة منهن ومارس معها الجنس، وحبلت وولدت، تعير زميلاتها بأنها محبوبة، وقادرة على اجتذاب الرجال ومعاشرتهم جنسيًا، أي أنهن يفتخرن بالزنى وأنها ترضى الآلهة، مع العلم أنها مجرد أخشاب لا تستطيع أن تفيد، أو تؤذى أحد. فهي آلهة زور؛ أي آلهة وهمية كاذبة، وما يقدم لها من عبادة هو وهم وكذب، فكيف يسمونها آلهة؟
ع45-47: هذه التي تسمى آلهة هي تماثيل يصنعها الصانع كما يريد. ولا تستطيع أن تعمل نفسها أو تقول للصانع إصنعنى بشكل معين. بالإضافة إلى أن هؤلاء الصناع لهم عمر محدود، وسيموتون، وبالتالي فما يصنعونه من تماثيل هو أضعف منهم، وسيبلى وينتهى. كذلك هؤلاء الصناع تركوا لمن بعدهم عبادة زور، وكذب هي هذه التماثيل الضعيفة المسماة آلهة.
ع48، 49: يأتمر: يجتمع ويتشاور.
إذا تعرضت معابد الأوثان لهجوم من الأعداء، أو محاولة لسرقتها يجتمع كهنة هذه المعابد، ويتشاورون في هذا الأمر كيف يحملون هذه التماثيل، ويخبئونها حتى لا يسرقها أحد، أو يحطمها؟ فهل يمكن أن تسمى هذه التماثيل الضعيفة آلهة، وهي عاجزة عن حماية نفسها؟!
ع50، 51: الحقيقة أن هذه الآلهة الوثنية هي مجرد تماثيل من الخشب والحجارة. وسيظهر هذا واضحًا لكل من يعبدها. وبالتالي فهي آلهة زور كاذبة، أي ليست آلهة، بالتالى لا يحتاج إرميا أن ينبه شعبه إلى بطلان عبادتها.
†
لا تصدق أية إشاعات، أو أفكار يروج لها البشر، بل افحص كل شيء بتدقيق، واطلب من الله في الصلاة، ومن أبيك الروحي، فتنتبه ولا تنساق في أوهام، وتركز في عبادة الله، وكل عمل إيجابى مفيد لنفسك وللآخرين.52- فَإِنَّهَا لاَ تُقِيمُ مَلِكًا عَلَى بَلَدٍ وَلاَ تُعْطِي النَّاسَ مَطَرًا 53- وَلاَ تُخَاصِمُ حَتَّى لِخُصُومَةِ أَنْفُسِهَا وَلاَ تُنْقِذُ أَحَدًا مِنْ مَظْلِمَةٍ إِذْ لاَ تَسْتَطِيعُ شَيْئًا وَإِنَّمَا هِيَ كَالْغِرْبَانِ الَّتِي بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. 54- وَإِذَا وَقَعَتْ نَارٌ فِي بَيْتِ هذِهِ الآلِهَةِ الْمَصْنُوعَةِ مِنَ الْخَشَبِ الْمُغَشَّاةِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فَكَهَنَتُهَا يَفِرُّونَ وَيَنْجُونَ أَمَّا هِيَ فَتَحْتَرِقُ كَجَوَائِزِ الْبَيْتِ. 55- إِنَّهَا لاَ تُقَاوِمُ مَلِكًا وَلاَ عَدُوًّا فَكَيْفَ يَسُوغُ أَنْ تُحْسَبَ أَوْ تُعَدَّ آلِهَةً.56- وَهذِهِ الآلِهَةُ الْمَصْنُوعَةُ مِنَ الْخَشَبِ الْمُغَشَّاةِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ لاَ تُنَجِّي أَنْفُسَهَا مِنَ السُّرَّاقِ وَلاَ اللُّصُوصِ57- وَالَّذِينَ يَسْتَوْلُونَ عَلَيْهَا يَنْزِعُونَ عَنْهَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالثِّيَابَ الَّتِي عَلَيْهَا وَيَذْهَبُونَ بِهَا وَهِيَ لاَ تُدَافِعُ عَنْ أَنْفُسِهَا. 58- لاَ جَرَمَ أَنَّ مَلِكًا مِنْ ذَوِي الْبَأْسِ أَوْ إِنَاءً نَافِعًا فِي الْبَيْتِ يَسْتَخْدِمُهُ مَالِكُهُ خَيْرٌ مِنْ آلِهَةِ الزُّورِ. وَبَابًا فِي الْبَيْتِ يَحْفَظُ مَا فِيهِ خَيْرٌ مِنْ آلِهَةِ الزُّورِ. وَعَمُودًا مِنَ الْخَشَبِ فِي قَصْرٍ خَيْرٌ مِنْ آلِهَةِ الزُّورِ. 59- إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ تُضِيءُ وَتُرْسَلُ لِمَنْفَعَةِ الْخَلْقِ وَتُطِيعُ مُرْسِلَهَا. 60- وَكَذلِكَ الْبَرْقُ إِذَا لَمَعَ يَرُوقُ الْعَيْنَ وَالرِّيحُ تَهُبُّ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ. 61- وَالسُّحُبُ يَأْمُرُهَا اللهُ أَنْ تَمُرَّ عَلَى كُلِّ الْمَسْكُونَةِ فَتَقْضِي مَا أُمِرَتْ بِهِ. 62- وَالنَّارُ الْمُرْسَلَةُ مِنْ فَوْقُ لِتُفْنِيَ الْجِبَالَ وَالْغَابَ تَفْعَلُ مَا أُوصِيَتْ بِهِ. أَمَّا تِلْكَ فَلاَ تُعْدَلُ بِهذِهِ مَنْظَرًا وَلاَ قُوَّةً 63- فَلاَ يَسُوغُ أَنْ تُحْسَبَ أَوْ تُسَمَّى آلِهَةً إِذْ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُجْرِي حُكْمًا أَوْ تَصْنَعَ إِحْسَانًا. 64- فَإِذْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآلِهَةٍ فَلاَ تَخَافُوهَا 65- فَإِنَّهَا لاَ تَلْعَنُ الْمُلُوكَ وَلاَ تُبَارِكُهُمْ 66- وَلاَ تُبْدِي آيَاتٍ فِي الأُمَمِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ تُنِيرُ كَالشَّمْسِ وَلاَ تُضِيءُ كَالْقَمَرِ.67- الْوُحُوشُ خَيْرٌ مِنْهَا لأَنَّ فِي طَاقَتِهَا أَنْ تَهْرُبَ إِلَى مَلْجَإٍ وَتَنْفَعَ أَنْفُسَهَا. 68- وَبِالْجُمْلَةِ فَلاَ يَتَبَيَّنُ لَنَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ أَنَّهَا آلِهَةٌ فَلاَ تَخَافُوهَا. 69- مَثَلُ آلِهَتِهِمِ الْمَصْنُوعَةِ مِنَ الْخَشَبِ الْمُغَشَّاةِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَثَلُ شَخْصٍ مَنْصُوبٍ فِي مَقْثَأَةٍ لاَ يَحْرُسُ شَيْئًا. 70- وَأَيْضًا مَثَلُ آلِهَتِهِمِ الْمَصْنُوعَةِ مِنَ الْخَشَبِ الْمُغَشَّاةِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَثَلُ عَوْسَجٍ فِي بُسْتَانٍ يَقَعُ عَلَيْهِ كُلُّ طَيْرٍ أَوْ مَثَلُ مَيْتٍ مَطْرُوحٍ فِي الظُّلْمَةِ. 71- وَمِنَ الأُرْجُوَانِ وَالْقِرْمِزِ اللَّذَيْنِ يَأْكُلُهُمَا الْعُثُّ عَلَيْهَا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآلِهَةٍ. وَفِي آخِرِ الأَمْرِ هِيَ أَيْضًا تُؤْكَلُ وَتَصِيرُ عَارًا فِي الآفَاقِ. 72- إِنَّ الرَّجُلَ الصِّدِّيقَ الَّذِي لاَ صَنَمَ لَهُ أَفْضَلُ لأَنَّهُ بِمَعْزِلٍ عَنِ الْعَارِ.
ع52:
إن هذه الآلهة الوثنية عاجزة عن إقامة أي ملك لبلد من بلاد العالم. وإن تعرضت منطقة للجفاف والجوع لا تستطيع أن تعطيها مطرًا؛ ليروى أرضها، ويسقى الناس والبهائم والنباتات.
ع53: هذه المدعوة آلهة لا تستطيع أن تقف خصمًا أمام أي عدو يريد تخريبها، أو سرقتها. ولا تستطيع أيضًا أن تنقذ مظلومًا يلتجئ إليها طالبًا المعونة. إنها بلا قيمة تشبه الغربان التي تطير في الهواء، فهي ليست خلائق سماوية، مثل الملائكة، ولا خلائق أرضية مثل الإنسان، إنما بلا قيمة، بل أقل قدرة من أصغر حيوان، أو حشرة تتحرك على الأرض.
ع54: هذه الآلهة عاجزة عن الدفاع عن نفسها، فمثلًا لو وقعت نار في معبد هذه الآلهة، فالكهنة يهربون خوفًا على حياتهم، وينجون، أما هذه التماثيل المصنوعة من الخشب، المغطى بالذهب، أو الفضة، فإنها تحترق مثل الأعمدة الخشب الموجودة في حوائط وسقف المعبد.
ع55: وبالتالي إذا كانت هذه الآلهة عاجزة عن مقاومة أي ملك، أو عدو فهي بالطبع ليست آلهة.
ع56، 57: إن كانت هذه المسماة بآلهة، المصنوعة من الخشب ومغطاة بالذهب، أو الفضة لا تستطيع أن تقاوم اللصوص، بل ينزعون عنها الذهب، والفضة، والثياب، ويستولون عليها ويتركونها عارية. هذا يؤكد عجز هذه الآلهة عن حماية نفسها، فهي بالتالى ليست آلهة.
ع58: لا جرم: ليس خطأ.
ونستطيع أن نقرر بوضوح أن أي شيء على الأرض أفضل منها، سواء كان إنسانًا ذو مكانة مثل الملك، أو أي جماد مثل إناء مفيد في البيت، أو بابًا لهذا البيت، أو عمودًا من الخشب في بيت، أو قصر.
لا تعدل : لا تساوى.
إن كل الخلائق التي خلقها الله مفيدة لمن حولها ومطيعة لله خالقها، فتعمل ما أمرها به مثل:
الأفلاك
البرق
الريح
السحب
النار
أما هذه الآلهة الوثنية فهي لا تساوى أي شيء من هذه الخلائق، لا في منظرها ولا قوتها.
ع63، 64: إن كانت هذه الآلهة الوثنية عاجزة عن التحكم في شيء، أو تحسن إلى أحد، فهي بالتالى لا يصح أن تسمى آلهة، أو يخاف منها أحد.
تُبدى: تظهر.
يؤكد إرميا عجز وضعف هذه الآلهة، وعدم فائدتها فيما يلي:
لا تلعن الملوك أو تباركهم.
لا تستطيع أن تصنع معجزات، أو أمورًا مبهرة في السماء، أو على الأرض.
لا تفيد البشر فتضئ مثل الشمس والقمر.
هى أضعف من الحيوانات الوحشية القادرة على الهرب عندما تتعرض لأى خطر.
وخلاصة كل هذا أنها ليست آلهة، وبالتالي ينبغى ألا يخاف منها شعب الله المؤمنون به.
ع69، 70: مقثاة: حقل مزروع قثاء، أو أى نوع مشابه، مثل الشمام.
عوسج : نبات شوكى جاف ضعيف يستخدم كسياج، أو سور للحقول.
يشبه إرميا هذه الآلهة الوثنية الضعيفة التي تخدع البشر بما يلي:
"شخص منصوب في مقثاة"
"عوسج في بستان"
"ميت مطروح في الظلمة"
ع71: القرمز: ثياب لونها أحمر داكن يلبسها الملوك والعظماء.
العث : حشرة صغيرة تأكل الثياب وتتلفها.
الآفاق : أرجاء المسكونة.
يضيف إرميا أيضًا أن هذه التماثيل التي يلبسونها ملابس عظيمة من الأرجوان والقرمز، تأكل حشرة العث هذه الثياب، بل أيضًا التماثيل نفسها المصنوعة من الخشب تأكلها الحشرات، مثل السوس.
كل هذا يؤكد ضعف هذه التماثيل، وبالتالي هي ليست آلهة، بل وما يحدث معها هو عار وخزى.
ع72: خلاصة رسالة إرميا لشعبه هي هذه الآية، فينصحهم بأن الصديق، أي المؤمن بالله، ويحيا بوصاياه، يبتعد عن عبادة الأوثان، وكل ما يتصل بها. وبهذا يبتعد عن عار هذه العبادة ويرفع رأسه لأنه يعبد الله الحقيقي.
إن أسلوب إرميا في هذه الرسالة يشبه أسلوب أشعياء في (أش40: 19، 20، 41: 5-7؛ 44: 9-21).
†
كن حريصًا وابتعد عن الشر، وكل ما يتصل به؛ حتى لا ينجذب قلبك إليه، وانشغل بالله وبعمل الخير.
← تفاسير أصحاحات باروخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6
الفهرس |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير نبوة باروخ 5 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/baruch/chapter-06.html
تقصير الرابط:
tak.la/f6jc5ca