مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقال موسيقية الألحان القبطية - م. جورج كيرلس

4- أسلوب الدمج

 

ثانيًا: أسلوب الدمج* Syllabic:

إذا كان الأسلوب الميليسماتى Melismatic قد وضعته الكنيسة المصرية القبطية الأرثوذكسية لإعطاء المؤمنين الحضور فرصة للتأمل في معانى الكلمات والمفاهيم الروحية والطقسية، فإن أسلوب الـSyllabic المسمى بالدمج، قد وضعته أيضا لضخ كمية كبيرة من المعلومات الروحية والعقائدية في أقل وقت ممكن. فبينما في الاسلوب "الميليسماتى" تتعمد الكنيسة المصرية أن تضع نغماتٍ عديدةً لحرف لفظى واحد، يكون على النقيض في هذا الأسلوب "السيلاباتى" الدمجي تتعمد أن تضع لكل حرف لفظى نغمة واحدة فقط. واكثر من هذا، فإنك تجد أحيانًا أن حرفين لفظيين بل ربما اكثر قد اندمجا معًا في نغمة واحدة. ومن خلال هذا الأسلوب الدمجى الذي عادة ما تكون ايقاعاته سريعة نشيطة، تستخدمه الكنيسة في بث كل المفاهيم والعقائد والقصص الروحية والمزامير والمدائح وذلك من خلال لحن بسيط عادة ما يخلو من التغيرات الايقاعية او الإنتقالات المقامية وتقل فيه الزخارف اللحنية، لذلك تكون هذه الألحان المصاغة بأسلوب الدمج "السيلاباتى" من السهولة التي تُمكِّن جميع المؤمنين الحضور من أدائها بإتقان ومن هنا تكون المشاركة لكل الشعب الموجود بصحن الكنيسة.

St-Takla.org Image: A heart with musical notes, by Amgad Wadea. صورة في موقع الأنبا تكلا: قلب، مع نوت موسيقية، رسم أمجد وديع.

وهذا الأسلوب وجد قبولًا في الأوساط الفنية خارج الكنيسة المصرية، فامتد إلى الأغاني بمصر وخارج مصر وهو ما سُمِّيَ بموسيقى الراب Rap (Rhythmic African Poetry) والجملة تعنى "الشعر الأفريقى المقفى" حيث أن الكلمة كانت جزء من لغة الأمريكيين الأفارقة منذ الستينات.

وكما أوحت ألحان الكنيسة المصرية الضاربة في القدم بنحو ألفى سنة وألهمت المؤلفين الموسيقيين في أنحاء العالم بأسلوب الميليسما الفرعونى الأصل، هكذا أيضا أوحت لهم بأسلوب الدمج السيلاباتى، فإسمه الأفريقى الأصل- رغم أنه ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية السبعينيات فقط من القرن العشرين في حى برونكس Bronx بولاية نيويورك- يبين أنه مستوحي من قارة إفريقيا حيث تتوسطها مصر. وكما أنه في أسلوب الدمج السيلاباتى بإيقاعاته السريعة النشيطة تبث الكنيسة كل المفاهيم والعقائد والقصص الروحية والمزامير والمدائح من خلال لحن بسيط، فإنه أيضا في موسيقى الراب يتحدث المؤدون عادة عن أنفسهم، والتعبير عن استيائهم وغضبهم على صعوبات الحياة.

← انظر مقالات وكتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وقد كتبت "ويكيبيديا" الموسوعة الحرة أن بعض مغنيي الراب يقومون بالتركيز في أغانيهم على الجانب الروحى أو الدينى، وأن الراب المسيحى حاليًا يعتبر الشكل الأكثر نجاحًا تجاريًا من أنواع الموسيقى الدينية. بينما "أمة الخمسة في المئة" (Five Percent Nation) وهي جماعة دينية إسلامية، تواجدت في الراب أكثر من أى جماعة دينية أخرى. وقدم الفنانون أمثال Rakim، بوستا رايمز، وناس، نجاح كبير في نشر هذا المذهب.

إلا أنه يلاحظ أن جميع هؤلاء لهم أسلوب ثابت ورتيب في الغناء، مما قد يصيب الإنسان بالملل إذا ظل يستمع إلى موسيقى الراب بإيقاعها الثابت وشعرها الملقى بكثافة داخل إطار زمنى قليل، لكن الكنيسة المصرية كان لها حكمة في أن تمزج بين كل من الأسلوب السيلاباتى والميليسماتى في ألحانها المتعاقبة، بحيث إذا استمعت في طقس ما إلى لحن بأسلوب سيلاباتي كان الذي يليه بأسلوب الميليسما، وهكذا. ففى طقس تسبحة نصف الليل يبدأ بلحن "تين ثينو" (قوموا يابنى النور لنسبح رب القوات) المصاغ بأسلوب الميليسما، ثم يأتى بعده عددٌ من الاستيخونات* بأسلوب سيلاباتى مطلعه "هوبوس انتيف اري إهموت نان" (لكى ينعم لنا بخلاص نفوسنا).

وهكذا في الهوسات (التسبيحات) الأربعة، إذ يبدأ الهوس الأول "توتى افهوس انجى مويسيس" (حينئذ سبح موسى) والذي يحكى قصة عبور شعب الله في بحر سوف (البحر الاحمر) ونجاتهم من مركبات فرعون وهو مصاغ بأسلوب سيلاباتى، ثم يليه لُبش¨ الهوس+ الاول "خين أوشوت افشوت" (قطعًا انقطع ماء البحر والعمق العميق صار مسلكا) وهو مُصاغ بأسلوب الميليسما.

ويأتى بعد ذلك الهوس الثاني "أوأونه أيفول ايم ابشويس" (أشكروا الرب لأنه صالح) وهو لحن دمجى لمزمور داود النبي رقم (مز 135) ويليه لُبش الهوس الثاني "مارين أوأونه ايفول" (فلنشكر المسيح) وهو بأسلوب الميليسما. وهكذا يكون الحال بهذا التنوع باقي الهوسات ولبشها، بل وباقى كل طقس تسبحة نصف الليل، مما لا يسبب أى نوع من الملل حيث يصل زمن هذه التسبحة إلى ما يزيد عن أربعة ساعات متصلة من الألحان السيلاباتية والميليسمية.

والبعض يعتبر أن هناك أسلوب ثالث للصياغة يقع مابين الميليسماتك والسيلابك، وهو "النيوماتيك Neumatic" وفيه يقابل الحرف اللفظي الواحد درجتان موسيقيتان أو ثلاثة على الأكثر (صعودًا أو هبوطًا).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

* الدمج " Syllabic": في هذا الاسلوب "السيلاباتى" الدمجى تتعمّد الكنيسة أن تضع لكل حرف لفظى نغمة واحدة فقط وأحيانا مايكون هناك حرفين لفظيين بل ربما أكثر قد اندمجا معًا في نغمة واحدة.

 

* الأبيات الشعرية او الأرباع الغنائية

¨ كلمة قبطية معناها ختام

+ كلمة قبطية معناها تسبيح

المقامات

موسيقية الألحان القبطية مقالات م. جورج كيرلس

أسلوب الميليسما

---