St-Takla.org  >   articles  >   george-kyrillos  >   musicality-coptic-hymns
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقال موسيقية الألحان القبطية - م. جورج كيرلس

20- القيادة الأمامية والخلفية

 

إعتاد أغلب القادة على أن القيادة هي للأوركسترا والكورال الذي أمامه فقط[46]، مما يمكن تسميتها "بالقيادة الأمامية". إلا أن أحد القادة المصريين الباحثين ألهمه نظام القيادة في الموسيقى القبطية إلى اكتشاف قصور في منظومة القيادة العالمية. فعادة ما يتجاهل القائد أن هناك عددًا من جمهور يجلس خلفه أكثر بكثير من الذين يجلسون أمامه من عازفي الأوركسترا والكورال وأنه إن لم يمسك بزمام هذا الجمهور وإن لم يستطع أن يجعله مندمجًا في العمل الموسيقى ليكون جزءًا لا يتجزأ منه حتى لا ينفصل الجمهور عن هذا العمل الذي يقوم الأوركسترا بتنفيذه، انفصل الجمهور عن الأوركسترا وفقد الأوركسترا تركيزه وإحساسه بالعمل الموسيقى الذي يقوم بتنفيذه.

St-Takla.org Image: The locations of different participants in the liturgy of the Coptic Church (from The Musicality of Coptic Hymns - article by George Kyrillos). صورة في موقع الأنبا تكلا: رسم كروكي لمسقط أفقي يبين ترتيب ونظام الخدمة بالقداس الإلهي بالكنيسة القبطية (من مقال موسيقية الألحان القبطية - م. جورج كيرلس).

St-Takla.org Image: The locations of different participants in the liturgy of the Coptic Church (from The Musicality of Coptic Hymns - article by George Kyrillos).

صورة في موقع الأنبا تكلا: رسم كروكي لمسقط أفقي يبين ترتيب ونظام الخدمة بالقداس الإلهي بالكنيسة القبطية (من مقال موسيقية الألحان القبطية - م. جورج كيرلس).

وعادةً قبل حدوث هذا الانفصال يكون هناك بعض العلامات التي تدل على ذلك، منها أن يبدأ بعض من الجمهور بأن يبتعد عن العمل الموسيقى وجدانيًا، ثم فكريًا بأن يشتّ بذهنه بعيدًا، ثم يتدرج إلى التحدث همسًا مع من يجلس إلى جواره، ثم يتدرج بأن ينتشر هذا الإحساس الفوضوى إلى الآخرين، ويمكن أن يحدث كل ذلك والـMaestro هو آخر من يشعر، إذ انه لا يوجد قيادة منه لهذا الجمهور الحاضر، والتي تم تسميتها "بالقيادة الخلفية"، أي قيادة المايسترو للجمهور الذي خلفه.

وفي هذا يمكن تسمية قيادة الـMaestro للعازفين والكورال "بالقيادة المباشرة"، وقيادته للجمهور الذي خلفه "بالقيادة غير المباشرة".

والقيادة الغير المباشرة يمكن أن توضع لها أسس وقواعد. فهناك قاعدة هامة مشتركة مع القيادة المباشرة للأوركسترا. وهي أن يقوم الـMaestro قبل بدء القيادة بالإشارات، أن يبدأ القيادة برفع الغموض الذي يحيط بالعمل الموسيقى، ويفسره للجمهور بأسلوب مبسط مختلف عن تفسيره لأوركسترا العازفين. فإن تفسير العمل وقراءة مابين سطوره للعازفين الدارسين للعلوم الموسيقية، بالطبع يختلف عن تفسيره للجمهور المتبسط في معلوماته الموسيقية.

وتكون الطامة الكبرى عندما لا يقوم القائد بعمل ذلك مع العازفين بشكل فعال متعمق، ومع الجمهور بشكل مبسط، قد لا يتجاوز الدقيقة الواحدة أو الدقيقتين على الأكثر.

وهناك قاعدة أخرى في القيادة الغير مباشرة، هي أن يلمح القائد جمهور الحاضرين أثناء قيادته للعازفين والمغنين الذين يقفون أو يجلسون في أطراف المسرح، فهذا هو التوقيت المناسب لمراقبة انفعالات الجمهور وتواصله مع القائد والعازفين والمغنين ومع العمل الموسيقى ذاته. إذ أن القائد عندما ينظر إلى وسط المسرح "أي أمامه بالتمام" يكون قد أعطى ظهره للجمهور بالتمام أيضًا، مما يجعل متابعة الجمهور شيئًا صعب الوصول إليه، ولكنه ليس مستحيلًا. وعملية اللمح هذه مشابهة لتلك التي يلمح بها العازفين الذين يجلسون في جوانب المسرح إشارات القائد، والتي تسمى "Peripheral Vision"[47] وعندما لا يقوم القائد بهذا اللمح الجانبي ولا بهذا التفسير للجمهور، يكون هذا دليلًا قاطعًا على أن رأسه خاوية من المعلومات الكافية عن العمل الموسيقى الذي يقدمه، وعن مؤلف هذا العمل وعن الظروف التي دفعت المؤلف إلى تأليف عمله الموسيقى وتجربته الشعورية التي مر بها عند تأليف مؤلفه، كما يكون برهانا على عدم اكتراثه بالجمهور الذي حضر خصيصًا لهذا الكونسيرت، فإذا بالمايسترو* يتغافله ويهمل وجوده.

إن إدراك القائد لكل هذا وتوصيله للعازفين والكورال وللجمهور، هو أهم بكثير من دقة الإشارة التي تصدرها عصا القيادة التي تحدد سرعة اللحن والشكل الإيقاعي والموازين والضروب وكل التقنيات والبنود الأخرى لفنون القيادة، وذلك لأنه ثبت عمليًا أن الأوركسترا والكورال الذي يفهم العمل الذي يعزفه ويغنيه، يستطيع أن يبدع في أحاسيسه أثناء الأداء أكثر بكثير من الإبداع الذي ينشأ من جراء الإتقان في القيادة ودقة الإشارات. والجمهور عندما يفهم ما يقدم من فن موسيقى له أسراره، وعندما يشعر بأنه جزء من هذا الحدث الموسيقى، الذي يقدم له هو شخصيًا دون غيره، فإنه يشعر بمتعة لا تضاهيها هذه المتعة التي يعيشها بسبب إتقان المايسترو لإشاراته القيادية. ويؤكد صحة ذلك أن المصورين المتمكنين لمثل هذه الكونسيرات، عادة ما تتنقل عدسات كاميراتهم مابين المايسترو والعازفين والمغنين والجمهور بالتساوي. فبالرغم من أن الجمهور لا يعزف ولا يغنى، إلا أن هؤلاء المصورين ومدير التصوير الذي يوظفهم والمخرج الذي يوجه عدساتهم، جميعهم يدركون أهمية أن الجمهور جزءٌ من هذه السيمفونية وليس متفرجًا فقط، لأنه هناك نسيج حسّي يتولد بين الجمهور وبين هؤلاء الذين جلسوا أمام الجمهور. ويمكن إدراك ذلك في الفارق الشاسع بين البروفة النهائية التي تكون بلا جمهور، وبين الحفل الذي يليها بساعات ولكن بجمهور.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[46] جورج كيرلس – رسالة ماجستير – المعهد العالي للموسيقى العربية – أكاديمية الفنون – مصر - 2013

[47] Don V Moses, Robert W. Demaree, Jr. and Allen F. Ohmesو“A Handbook for Choral Conductors”, Face to Face with orchestra and Chorus, Second Expanded Edition, Indiana University Press Bloomington and Indianapolis, 2004- P 35.

 * المايستروMaestro: كلمة معناها أستاذ أو قائد أوركسترا، وفي القرن الثامن عشر كانت تطلق على عازف آلة "الهاريبسكورد" وكذلك على قائد الموسيقى الكنائسية، ودور المايسترو هو توصيل الألحان إلى المستمع على أكمل وجه، وذلك عن طريق الربط والتنسيق بين العازفين والمرنمين وتوجيههم لإخراج اللحن بالصورة والشكل الذي صيغ عليه. لذا يجب أن يكون مؤهلًا بثقافة موسيقية عالية تمكنه من فهم طبيعة الألحان التي سيقودها وأسلوب العصر الذي صيغت فيه، وأن يكون متمتعًا بأذن حساسة مرهفة وذاكرة قوية، وذا شخصية قيادية ومحبوبة تحمل الآخرين على التجاوب معه والإنقياد إليه، وأن يجيد العزف على آلة أو أكثر. ودائمًا ما يكون للمايسترو إحساسه وفكره الخاص بالألحان التي يقودها فيترك بصماته عليها. لذا يختلف أداء الألحان باختلاف القائد، ومنذ القديم وعُرف القائد في التسبيح والترتيل للرب


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/george-kyrillos/musicality-coptic-hymns/leading-both.html

تقصير الرابط:
tak.la/82qw2my