يا ربّي يسوع المسيح ابن الله الحي ارحمني أنا الخاطئ
الحديث عن اسم يسوع هو حديث يملأه الشوق بل ويسكب في القلب نورًا فيّاضًا يجعل من الحديث لمسة من الصلاة.
فاسم يسوع هو الاسم الحلو الذي نقل إلينا التعبير عن العلاقة الجديدة بيننا وبين الله. انطلاقتنا نحو الله على وقع خفقات القلب المتجدِّد بالحبّ الإلهي تبدأ من نقطة في الزمن تمّ بها الخلاص بل ومن خلال تلك اللحظة انفتحت نافذة على الأفق الزمني لتأخذ المسيحي إلى مدار من النور الإلهي الذي يشعّ على القلب سكينة وسلام وتصالح وتناغم مع كلّ الكون والخليقة.
منذ إعلان الملاك للفتاة العذراء مريم أنّها ستلد ابنًا ويدعى اسمه يسوع، بتعيين من الله، إذ يخلِّص شعبه (أي كلّ من يقبله) من خطاياهم، وبدأت البشريّة في خبرة جديدة، إمكانيّة جديدة أصبحت حاضرة فيمن يقبل يسوع إلهًا، إمكانيّة البدء في الحياة الأبديّة! نعم فالحياة الأبديّة التي كانت طموحًا أبعد من خيال البشريّة أصبحت واقعًا وحقيقة في وجه يسوع. عبّر يوحنا عنها بالمشاهدة والسمع اللّمس للحياة الأبديّة المشخصنة في يسوع.
كانت الحياة الأخرى في الأدبيات الدينيّة القديمة حالة يكتنفها الغموض، مكان آخر دون ماهيّة واضحة. في مَقْدِم يسوع إلى عالمنا عرفنا أن الحياة الأبديّة هي شخص، الأبديّة مشخصنة، كما أعلن لنا أنّ الحق ليس مجموعة من الأفكار وليس نسقًا معرفيًّا ولا استدلالات عقليّة، الحقّ شخص؛ “أنا هو الحقّ”. معرفة الحقّ إذًا هي إقامة علاقة مع المسيح، لا طريق آخر.
والحقّ ينسكب من قلب تلك العلاقة، في لحظات استعلان للروح المُتطهِّرة بالحبِّ الذي يجعلها تركع في الحضور الإلهي مُقرِّةً بوهنها الشديد وملتمسةً القيامة.
كلّ روح تتلمّس القيام راكعة بسكيب قلبي تؤهَّل لكلمات المسيح: “لك أقول قم”. القيامة ليست إلاّ لمن يجتاز الموت -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- وهكذا قيامتنا الروحيّة التي هي أثمن طلبة نلتمسها ليل نهار، لن تأت لمن أقام ذاته بالعالم، المائت عن العالم في لحظة صلاة وحده من يمكنه أن يستمع لصوتٍ كما لرعدٍ مدوٍ يدعو المائتين إلى قيامة الحياة.
الاسم له قيمة كبرى في الحياة إذ يدلّ على ماهيّة الإنسان، أو هكذا كان في العالم القديم. اسم يسوع يعادل بالنسبة لنا قوّة وفعل خلاصه. مناجاة الاسم هو استحضار لدفقة الخلاص من الصليب إلى قلوبنا. بدون الخلاص ليست لنا حياة فينا. وبدون يسوع لا يمكننا أن ننجو من العالم الحاضر الشرير.
اسم يسوع ينقل لنا صورته الإلهيّة، إذ نتغيّر إلى تلك الصورة عينها من مجدٍ إلى مجدٍ. فالنطق باسم يسوع لمن حفظ وصاياه طيلة النهار، يحوّل بشريتنا المائتة إلى صورة البهاء والحسن الأبدي، إذ أنّ الصورة الإلهيّة هي وعي وحريّة، نتقبّل من المسيح حريّة حقيقيّة وليست زائفة كالتي يعكف العالم أن يلقينا بين أذرعها الملوّثة.
حريّة العالم تنقل لنا صورة العالم وتجعل من قسمات الروح بها نسمة من العالم المائت، فتصير روح الإنسان شاحبة مشوّشة مضطربة قلقة حائرة، هذا هو العالم وتلك صورته، فالعالم لا يملك إلاّ بحر من قلق لينقله للنفس الإنسانيّة.
ولكن حينما يتحوّل المسيحي نحو الله مناجيَّا اسم يسوع يأتي الروح ليُجمِّل الروح القلقة وينزع عنها القلق ويهدهدها بلطفٍ فائق ويلقي على مسامعها كلمات الخلاص بحسٍ هادئٍ يُسكِّن النفس ويسكنها، ثم يبدأ في سكب دفقات من السلام في الروح الإنسانيّة، وقتها يتعرَّف الإنسان على خديعة القناع العالمي ويدرك أن هناك أصلاً آخر غير الذي اعتاده، هذا الأصل هو التعبير الأمثل عن إنسانيّته بل هو المخرج الوحيد لمأزقه الوجودي، ففيه يُحقّق إنسانيّته المفقودة، ويرى كما في مرآة إمكانيّات هائلة تبرز في لحظات ملء الروح وفيضه.
يا ربّي يسوع المسيح ابن الله الحي ارحمني أنا الخاطئ
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-seraphim-al-baramosy/a/jesus.html
تقصير الرابط:
tak.la/y45pqc3