إنّ أقسى ما نلمسه الآن في وطننا هو الشعور بالحريّة!!! ذلك الشعور الذي لم نتهيّأ له بصدق من قبل؛ فالحرية التي بلا سقف كانت حلمًا لم يحطّ على أرض الواقع من قبل. كلّ حرياتنا القديمة كانت مسقوفة بمخاوفنا من النُظُم وبطشها، التي أصبحت بديهيّات تعايشنا معها وارتديناها ثوبًا التصق باللّحم وتوحّد معه. وفجأة أبرقت الحريّة من بين صخور الاستكانة، والخنوع أمام الفساد. أبرقت فأحببنا طيفها على جلودنا وعقولنا وأرواحنا. بدأت تفترش حياتنا بسرعة مخيفة لتُحرِّر من قيود الخوف التي لم نجرؤ على ملامستها من قبل. لقد ولّدت فينا الحريّة، مشاعر القيمة والمعنى. الحياة أصبحت خيارات نملك فيها يدًا بعد أن كانت طريقًا واحدًا، جلّ ما نملكه هو انتقاده ونحن مرتادوه.
لقد بَدَت قيمة جديدة في أفقنا الجديد المُتّسع باتساع الحريّة وهي: إنّ موالاة الظلم والانكفاء أمام نظراته المرعبة، له نهاية. إن اختبار لحظات سقوط الأقنعة يفجّر فينا طاقات إعلان الحقّ تحت أيّة مصاعب. تلك خبرة لم نستطع تذوّقها من قبل. أجمل مذاقة داعبت قلوبنا كانت الصبر والرجاء، أمّا الآن فالمذاقة هي معاينة انكسار الظلم والفساد والتجبُّر الذي لا يُمثَّله شخص بل كان عقيدة مجتمع قبلها أو اقتبلها طوعًا أو كرهًا. لقد أصبحت كلمات المسيح: «الحقّ يحررّكم» لها بريق خاص؛ فإعلان الحقّ يُحرّر من قيد الخوف، وإن انهزم الخوف انهزمت قوى ظلاميّة لا حصر لها وحلّ مكانها مجد الله، نور العهد الجديد، شاكيناه يسوع وسكناه.
لا نعرف ما سيأتي به الغد ولكن بالتأكيد سيكون لنا فيه يد فاعلة ومؤثِّرة، لأنّ الغد أصبح لنا. من يتراجع أمام مسؤوليّته سيتحمَّل عواقب اختياره، ومن يشارك بفاعليّة مشروعة، له أن يفخر بمصريّته، ويقتبل البركة التي أطلقها الله لشعب مصر الحيّ.
إنّه وقت لنعمل معًا لبناء بيتنا الجديد. جماله أو قبحه هو خيارنا جميعًا. فلنُجمِّل بلادنا بلؤلؤة ماسيّة هي سواعدنا العاملة وقلوبنا المصليّة..
نعم.. لنعمل من أجل مصرنا..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-seraphim-al-baramosy/a/freedom.html
تقصير الرابط:
tak.la/dp3mayr