St-Takla.org  >   articles  >   fr-seraphim-al-baramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي - تاريخ المقال: يناير 2011

38- مازال ينزف -7- أن نصلي

 

قال المسيح: «هَذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ» (مر9: 29). الشيطان الرابض في قلوب الأعداء لن يفارقها إلاّ باتّحادنا في الصلاة وبشركتنا في الصوم. لقد أعطانا المسيح العلاج الأوحد فلِما لا نستخدمه؟!!

العدو يخاف من الصلاة لأنّها تُجرِّده من سلاحه الأوّل؛ أي تصدير الخوف إلى قلوب المسيحيين. مَنْ يُصلِّي لا يخشَى شيئًا. لذا فإنّ مخاوف المسيحي هي ردّة فعل إنسانيّة لا تلبث أن تذوب أمام لهب الصلاة.

هناك فارق بين الخوف العرضي الإنساني الوقتي، وبين الخوف المتوّج ملكًا على الحياة المتشبّثة بالأرض ومن عليها. لا يملكن الخوف بصولجانه على قلب مسيحي يُصلِّي.

لما كنت حرًّا كنت أعمل والصلاة أحيانًا في الخلفيّة.

أمّا في السجن [من أجل المسيح] اكتشفت أنّ الصلاة هي كلّ شيء. إنّها مثل استعمال الطيّار قائمة المراجعة قبل الإقلاع.

إذا أُغفِلَ البند الأوّل قد تتعرّض حياة الكثيرين للخطر.

البند الأوّل في قائمة مراجعتنا يجب أن يكون دائمًا الصلاة.

إنْ أغفلناها تعرّضت المهمّة كلّها للخطر

(أحد المعتقلين من أجل الإيمان في فيتنام)

«أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ» (يع5: 13). تلك الوصيّة الرسوليّة تضع لنا قاعدة ذهبيّة مختصرة أنّ الصلاة هي دواء المشقّة. ويكمل القديس بولس الصورة بكلمات الروح فيقول: «فَرِحِينَ فِي الرَّجَاءِ صَابِرِينَ فِي الضَّيْقِ مُواظِبِينَ عَلَى الصَّلاَةِ» (رو12: 12). إن عكسنا تسلسل الآية نجدها ترسم طريقًا واضحًا للخروج من فوّهة الضيق. فالمواظبة على الصلاة تستجلب لنا نعمة الصبر إن حلّ الضيق، ومن الصبر ينفجر نور الرجاء ليثبّت قلوبنا في الفرح.

لقد عزى البعض ثبات المسيحيين الروس في الهجمات التي طالت الكنيسة طوال فترة الحكم الشيوعي إلى انتظامهم ومواظبتهم على الصلاة قبل أن تحلّ الضيقة..

إنّنا لن نستطيع أن نصبر على الضيق من جرّاء أنفسنا، ستخور أنفسنا سريعًا أمام ثقل الضيق الحاضر المدفوع بيد الشرير. ستشرخ النفس بجرحٍ يصعب مداواته. جرح النفس سيقودنا إلى الانطواء أو العنف، وكلاهما انتكاسة في حياتنا المسيحيّة المجاهرة المسالمة. ولكن إن دخلنا مخدع الصلاة، جعلنا المواجهة بين المسيح والشيطان لا بيننا وبين الشيطان، وقتها نرى المسيح يعمل من وسط خيوط الشيطان العنكبوتيّة ليرسم خلاصًا لأحبائه. لن نخور لأنّ المسيح هو الحاضر في قلوبنا لامتصاص قسوة الحاضر ولدفعنا بقوة الرجاء. صرخة صلاتنا دائمًا للروح، كما طالب اليونانيين، فيلبس، قديمًا: نريد أن نرى يسوع يعمل لنجدتنا.. نريد أن نرى يسوع يعلن عن ملكه على الجميع.. نريد أن نرى يسوع.. قد يتأخرّ ويأتي في الهزيع الرابع من الليل، ولكنه سيهبنا الصبر، طوال الليل، ليكمّل ضفر إكليل المجد لنا. تأخُّر الربّ هو إعداد للمجد. سنتسلّم الصبر من يده. والصبر اقتناء للنفس وعودة بها إلى ثالوث الحبّ. ومن بين سكينة الصبر المُتجدِّد بمواظبة الصلاة سيشرق شمس البرّ والشفاء على جناحيه. سيشرق، فنرى فيه رجاؤنا. وقتها سنفرح وسنرسل تسابيح الفرح إلى أهل العالم فتصير تسابيحنا كرازة فائقة نابتة من الألم والدماء. قَبْل الهبة -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- ضيقٌ. وسط الضيق نوهب الصبر إنْ صلّينا. هكذا كانت الكنيسة الأولى؛ «هَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ مَعَ النِّسَاءِ وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ وَمَعَ إِخْوَتِهِ» (أع1: 14).

مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا،

فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ

(كو3: 4)

أن نصلي هذا سلاحنا للنصرة..

الصلاة تعالج نفوسنا التي ترزح تحت وطأة الضيق.

الصلاة ترفعنا لنرى الأمور بعين الله الخيّرة.

الصلاة تُجدّد أشجار حياتنا التي قد أصابها العطب ولفحتها رياح الشمال ولوّحتها شمس التجارب.

الصلاة تزيل صدأ علاقتنا بالله وتفتح من جديد قنوات الاتّصال بيننا وبين السماء.

الصلاة تُضمِّد جرح القلب النازف بالخوف.

الصلاة تزيل هموم الغد الرابضة على عقولنا.

الصلاة تُحيي فينا الشعور بسيادة الله على الخليقة.

الصلاة تُذكِّرنا أنّه لاشيء يحدث دون علمه الإلهي،

ولا شيء يحدث يمكنه أن يؤذي أولاده إيذاءً أبديًّا.

 

ندخل الصلاة بصرخات الخوف ونخرج بترانيم الرجاء

ندخل الصلاة بدموع الليل ونخرج بأفراح النهار

ندخل الصلاة بمشهد العالم الدامي

ونخرج بمشد الربّ يسوع الحاني

ندخل الصلاة مُهدَّدين في حياتنا ونخرج منها ثابتين في أبديّتنا

ندخل الصلاة بأسماء أحبائنا ونخرج بعونٍ لأحبائنا

ندخل الصلاة بجرح الأعداء ونخرج ببركة للأعداء

ندخل الصلاة بغضبٍ من قسوة الأرض

ونخرج بسلامٍ من روعة السماء.

ندخل الصلاة بذواتنا ونخرج بالمُخلِّص..

بعمانوئيل..

بالله معنا..

 

وَيُقَالُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ:

هُوَذَا هَذَا إِلَهُنَا.

انْتَظَرْنَاهُ فَخَلَّصَنَا.

هَذَا هُوَ الرَّبُّ انْتَظَرْنَاهُ.

نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِخَلاَصِهِ

( إش25: 9)


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-seraphim-al-baramosy/a/bleed-7.html

تقصير الرابط:
tak.la/4dg6ach