* ونحن نحتفل بعيد الميلاد المجيد.. في كل عام عادهً ما نقرأ كثيرًا عن شخصيات وتأملات في الأحداث المصاحبة لهذا الحدث الهام جدًا في تاريخ البشرية كلها.
* وسنتناول في هذا المقال درسا هاما جدًا.. وهو التنازل..؟!
* فنحن نعلم وتعلمنا ونُعلِّم أولادنا أن الله أخلى ذاته وتنازل وأخذ جسد تواضعنا وصار إنسانًا مثلنا.
"لكنه أخلى نفسه آخذًا صوره عبد صائرًا في شبه الناس" (في 2: 7).
فلم يكتفي رب المجد أن يتنازل ويأخذ جسدًا إنسانيًا، بل تخلى حتى عن أبسط مراسم الفرح التي كانت تقام لهذا الحدث العظيم عند اليهود.. وهو ميلاد طفل "ذكر".
* فقد كان ميلاد طفلًا في الأسرة اليهودية حدثًا مبهجًا لكل الأسرة وخاصةً لو كان المولود ذكرًا..؟! لماذا؟
* فبحسب الفكر اليهودي كان اليهود يعتقدون أن العقم هو علامة غضب الله على الزوجين.
.. لذلك أعتقد اليهود أن حياة الإنسان في نسله، وقال معلمو الشريعة (أن الرجل الذي لم يرزق ابنًا هو كالميت).. أي أن الإنسان العقيم يعتبر ميتًا.. لأنه فشل في تأدية مهمته (إيجاد نسل)، بل واسمه سيموت معه.
* لذلك كان يرغب اليهود بشدة في أن يكون لهم نسل.
* وكانت الفرحة تزداد جدًا حينما يكون المولود ذكرًا.. فيدخل الأب لمخدع الأم ويضع الوليد على ركبتيه ليقر بشرعية المولود واعتزازه بالطفل المولود.
* ثم يقمطوا الطفل ويأتي الناس كي يروه ويباركوا (إن كان المولود ذكرًا).
* وتُرضِّع الأم الطفل سنتين أو ثلاثة سنوات كي يتمكن من مقاومة الأمراض التي قد يصاب بها من الطعام.. وعند فطام الطفل، كانت تُقام وليمة عامرة..
لكن..
إن كان المولود أنثى:
فكان الجو الحزين يسود.. وكأنه مأتم.
* فقد كانوا يرون أن البنت:-
أ. في خلال سنين حياتها الأولى من الممكن أن تُغوَى.
ب. في سن شبابها يمكن أن تضل.
ج. في سن زواجها يمكن أن تكون بلا نسل.
د. وفى شيخوختها يمكن أن تمارس السحر والعِرافة.
لذا كان اليهود يرون أن البنت كنزًا عديم الفائدة لوالدها.
* لن أستفيض في الكلام عن مظاهر الفرحة والبهجة التي كانت تسود هذه المناسبة.. لكنى سأتوقف عند كلمة "أخلى نفسه".
* أي أن السيد المسيح أخلَى نفسه من مجد لاهوته (دون أن يتنازل عن طبيعته اللاهوتية) وحجب مجده داخل حجاب جسده وصار بذلك مثل ملك عظيم تخفى في ملابس حقيرة.
* ألم يكن ممكنًا أن يتخذ السيد المسيح صورة ملك كسليمان الملك.. أو رئيس أنبياء مثل موسى.. أو قائد عظيم كيشوع..
لم يختار السيد المسيح أن يكون مثل أي من هؤلاء.
بل حتى في ميلاده لم نرى أي احتفالات أو مراسم الفرح من أي نوع (مثله مثل أي طفل يهودي ذكر)..
* لقد تخلى السيد المسيح وتنازل عن كل ذلك أثناء ميلاده الجسدي وقبل أن يولد أقل حتى من أي إنسان يهودي عادى كي يشارك الفقراء "وفيما هو قد تألم يقدر أن يعين المجربين" (عب: 2: 18).
لقد كان المدعوين للاحتفال بميلاد الطفل يسوع: رعاة بسطاء لا يملكون سوى قوت يومهم وأحلام بسيطة.. وحيوانات المزود.. وأمه العذراء مريم (والتي كانت تحفظ كل هذه الأمور متفكرة بها في قلبها) (يو 2: 19).
* أحبائي إن أردنا أن نحتفل فعلًا بميلاد رب المجد بصورة حقيقية في قلوبنا وفى حياتنا (كما يتمنى كل منا وكما نردد في كلامنا وتعليقاتنا) يجب أن نتخلى نحن أيضًا ونتنازل عن..
خطيتنا المحبوبة في حياتنا، والتي دائمًا ما تبدد طاقاتنا وحياتنا وتؤثر بشكل كبير على روحياتنا واشتياقتنا القلبية.
إن تنازلنا وتخلينا عن خطايانا تجعلنا نستطيع أن نحتفل مع الملائكة الفرحين جدًا بميلاد رب المجد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ونهتف معهم وبفرح داخلي حقيقي وليس ظاهري "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة" (لو 2: 14).
++ ليتنا نستجيب لصوت الروح لقدس داخلنا الذي يهمس دائما بداخلنا..
من فضلك تنازل وتخلى عن خطيتك
من فضلك تخلى عن شهوتك
تنازل عن عنادك
.... من فضلك تنازل
_____
(1) تم نشر هذا المقال في جريدة وطني بتاريخ 6 يناير 2019.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-philopater-magdy/life-skills/condescension.html
تقصير الرابط:
tak.la/7mgrmg2